من غير المحتمل أن يكون الزاحف "Coelurosauravus elivensis" أو "C. elivensis" اختصاراً، والذي عاش في العصر البرمي المتأخر "سويلوروسورافوس إلفينسيس"، قد وضع بيضاً قشرياً ملوناً أو نفث النار من فمه لقهر أعدائه، ولكنه يحمل لقب أول زاحف طائر على كوكب الأرض.
في دراسة جديدة نُشرت في مجلة "علم الحفريات الفقارية" (Vertebrate Paleontology)، يعتقد الباحثون أن هذا الزاحف المجنح الذي يبلغ طوله 10 سنتيمترات قد تطور ليكون قادراً على الانزلاق عبر قمم الأشجار. كان C. elivensis عبارة عن زاحف رباعي الأرجل عاش في فترة 252 إلى 260 مليون سنة الماضية في جزيرة مدغشقر الموجودة حتى اليوم، وقد استخدم أغشية رقيقة تمتد من جذعه إلى أطرافه تُدعى "الباتاجيوم" كأجنحة للانتقال فوق قمم الأشجار.
أول زاحف منزلق في العالم
وفقاً للباحثين في المتحف الوطني الفرنسي للتاريخ الطبيعي في باريس ومتحف ولاية كارلسروه للتاريخ الطبيعي في ألمانيا، أكسبت هذه الصفات الفريدة السحلية الصغيرة لقب "أول زاحف منزلق في العالم". اكتُشفت الحفرية الأولى لزاحف C. elivensis عام 1907 وأثارت جدلاً ساخناً حول طريقة عيش هذا الزاحف بالفعل وكيف تطور ليمتلك هذه الأجنحة. قام فريق الدراسة بإعادة بناء تقريبية شبه مثالية للهيكل العظمي لـC. elivensis، وقدم البحث الجديد فهماً أفضل لشكل الزاحف رباعي الأرجل وعاداته. يقول الفريق إن القرائن المتعلقة بمظلة الأشجار في هذا النظام البيئي المنقرض ساعدت في حل لغز هذا الزاحف.
اقرأ أيضاً: التنين أسطورة أم حقيقة؟ خبراء الزواحف وعلم الأحافير يدلون برأيهم
سمحت مظلة الأشجار الناتجة عن تداخل قممها للزواحف بالتنقل بأمان خلالها دون المخاطرة بالتعرض للحيوانات المفترسة على الأرض.
تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة من مركز بحوث علم الحفريات في المتحف الفرنسي للتاريخ الطبيعي، فالنتين بوفا، في بيان صحفي: «لم تكن هذه التنانين الصغيرة تنفث النار على غرار التنانين في الأساطير، فهي لم تكن بحاجة إلا للانتقال من مكان لآخر بأمان. وكما اتضح، كان الطيران الشراعي أكثر وسائل الانتقال كفاءة، وقد أظهرت الدراسة كيف أن مورفولوجية هذا الزاحف قد ساعدته على تحقيق ذلك».
درس الفريق ثلاثة أحافير معروفة من نوع C. elivensis بالإضافة إلى عينات لزواحف منزلقة ذات صلة أيضاً تعود إلى العصر البرمي وتنتمي إلى عائلة (Weigeltisauridae) كانت قد اكتُشفت في ألمانيا، وركّز الفريق على الجزء التالي للقحف (الهيكل العظمي للرأس) والجسم والجذع والأطراف و"جهاز الانزلاق الفريد" الذي يُدعى "باتاجيوم". يشبه الباتاجيوم إلى حد ما جناح الخفاش ويوجد أيضاً لدى السناجب الطائرة والأبوسوم القندي الطيار المعروف أيضاً باسم "الليمور الطائر".
لم يكن الباحثون متأكدين من مكان تمركز زوجي الباتاجيل (اللذان يشكلان معاً الباتاجيوم) على جسم زاحف C. elivensis، لكن الدراسة تفترض أن الهياكل الشبيهة بالأجنحة كانت موجودة على الأرجح في الأسفل على الجذع وتمتد من العظام الجلدية الواقعة بين القصّ والحوض أو من عضلات الجذع. يعتمد هذا التحديد على موضع العظام، حيث لم تحتوِ أي من العينات على أي أنسجة رخوة محفوظة يمكن الاعتماد عليها.
قارن الفريق أيضاً هذا الموقع الجديد للباتاجيوم بمثيله عند جنس من السحالي المنزلقة يُدعى "دراكو" وتعيش حالياً في الغابات المطيرة في جنوب شرق آسيا غالباً وتُسمى "التنين الطائر". وفقاً للبيان، يقول العلماء إن جهاز الانزلاق عند C. elivensis كان في منطقة منخفضة أكثر على بطنه مقارنة بالسحالي المنزلقة الحديثة، مضيفين أن أزواج الباتاجيل عند زواحف جنس دراكو ترتكز على أضلاعها الطويلة والمرنة.
تقول بوفا: «يحمل C. elivensis تشابهاً شديد الوضوح مع زواحف جنس دراكو المعاصرة. في حين أن عادات C. elivensis كانت على الأرجّح مشابهة لعادات أقرانها الحديثة، لكننا وجدنا اختلافات طفيفة بينها على الرغم من ذلك. مثل السحالي في جنس دراكو، كان C. elivensis قادراً على إمساك الباتاجيوم بمخالبه الأمامية وتثبيته وحتى إمالته أثناء الطيران بطريقة تسمح له بمزيد من المناورة. مع ذلك، ربما كان وجود مفصلٍ إضافي في أحد الأصابع هو ما عزز هذه القدرة. قد يكون هذا ضرورياً لتعويض تمركز الباتاجيوم في مكان منخفض على البطن، والذي كان من المحتمل أن يجعله أقل استقراراً.