وفقاً لما أفاده فريق من العلماء في شهر فبراير/شباط 2022، تم اكتشاف ضفدع صغير بخطم مثير للإعجاب في منطقة الأمازون البيروفية.
يتخذ هذا النوع من الضفادع موطنه في حوض نهر «بوتومايو» الذي يمر عبر كولومبيا والإكوادور وبيرو والبرازيل. اكتشف الباحثون النوع الجديدة خلال رحلة استكشافية في عام 2019 تهدف لتعلّم المزيد عن البرمائيات الغامضة التي تعيش في حوض هذا النهر. السمة الأكثر تميزاً للضفدع هي أنفه الطويل البارز الذي يشبه خطم حيوان «التابير»، وهو حيوان ثديي ذو حوافر يشبه الخنزير له خرطوم مميز. قد يشير شكل خطم الضفدع إلى أنه يستخدمه في استكشاف التربة الرطبة اللينة.
ضفادع لها ملمس الشوكولاتة
هذا النوع من البرمائيات المكتشف حديثاً له ملمس ناعم ولون بني غني. يقول «جيرمان شافيز»، اختصاصي الزواحف في معهد «بيروانو دي هيربيتولوجيا» في البيرو، والمقيم في شيفيلد في إنجلترا: «يبدو هذا الضفدع وكأنه مصنوع من الشوكولاتة».
تمكّن الفريق من التقاط 3 فقط من ضفادع التابير. يقول شافيز، الذي وصف النوع الجديد في 16 فبراير/شباط 2022 في دورية «علوم التصنيف التطورية»، إنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن هذه الضفادع، بما في ذلك مواطنها ووضع جماعاتها.
كان أول ضفدع رآه شافيز من هذا النوع ذكراً صغيراً يبلغ طوله أقل من 0.8 سنتيمتراً. بعد عدة ليال، سمع الباحثون صوتاً عالي النبرة قادماً من تحت الأرض، ما قادهم لإيجاد ذكرين أكبر حجماً بقليل. عندما حلل أعضاء الفريق تشريح الضفادع وموادها الوراثية، أكّدوا أن هذه البرمائيات كانت من الأنواع التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً، والتي تنتمي إلى مجموعة تعرف باسم «الضفادع القرصية». تقضي هذه الضفادع الكثير من الوقت تحت الأرض، ما يجعل من الصعب على العلماء اكتشافها ودراستها.
تم إرشاد شافيز ومعاونيه إلى الموطن الرطب للضفادع بواسطة مرشدين من البيرو. في المرة الأولى التي رأى فيها السكان المحليون والعديد من الباحثين أحد هذه الضفادع، أشاروا إليها باسم «رانا دانتا»، وهو مصطلح إسباني يعني «ضفدع» و«التابير» على الترتيب. يقول شافيز: «عندما وجدنا هذه الضفادع، قال المرشدون ”هذا واحد من ضفادع التابير“». أطلق شافيز وزملاؤه على النوع الجديد اسم «سينابتورانوس دانتا» نسبةً لحيوان التابير الثديي طويل الخطم، والذي يعيش في الغالب في الغابات والمراعي في أميركا الوسطى والجنوبية.
جيرمان شافيز.
تكيف يساعد ضفادع التابير على العيش في التربة الرخوة
تمتلك معظم الضفادع القرصية جسماً ضخماً وخطماً عريضاً يساعد في اختراق التربة، بينما يمتلك ضفدع التابير جسماً أكثر رشاقة. يقول شافيز: «إن ضفادع الدانتا ليست مستعدة للحفر كثيراً لأن جسمها ليس قوياً بما يكفي». مع ذلك، فإن أجسام هذه الضفادع مناسبة تماماً للعيش في التربة الرخوة والسائبة لأراضي الخث التي تعيش فيها. في هذا النوع من الأراضي الرطبة، تتسبب ظروف الرطوبة في تراكم مادة نباتية متحللة جزئياً تسمى الخث. لاحظ شافيز وزملاؤه وجود ضفادع التابير في الأماكن الضحلة تحت جذور الأشجار الصغيرة التي تنمو من بقع الخث الأقل تشبعاً بالمياه.
وفقاً لشافيز، اكتشف فريق من علماء الزواحف البيروفية مؤخراً مجموعة أخرى من الضفادع في مكان آخر في حوض بوتومايو قد تكون من نفس النوع. إذا تم التأكد من أن هذه المجموعة هي من ضفادع التابير، فيمكنها تزويد العلماء بمزيد من المعلومات حول توزّع النوع وأفضل طريقة للحفاظ عليه.
اقرأ أيضاً: إفرازات من جلد الضفادع تمنح العلماء أول بصيص أمل للقضاء على وباء فطري قاتل
اكتشاف قد يساعد على معرفة آثار إزالة الغابات
أشار الباحثون في الورقة البحثية الجديدة إلى أن نهر بوتومايو هو رافد نهر الأمازون الوحيد المتبقي الذي لا يوجد فيه سدود قائمة أو مقررٌ إنشاؤها. حالياً، لم تتأثر المنطقة التي تم اكتشاف النوع فيها بشدة بتدمير المواطن. مع ذلك، يمكن أن يساعد هذا النوع الجديد من البرمائيات الباحثين على فهم كيفية استجابة هذا النظام البيئي من الأراضي الرطبة لإزالة الغابات أو تغير المناخ في المستقبل.
يفيد شافيز بأن الخطوة التالية ستكون تحديد ما إذا كان ضفدع التابير يعيش حصراً في أراضي الخث. ويقول: «إذا تمكنا من إثبات أن هذا الضفدع يعيش فقط في أراضي الخث، فيمكننا اعتبار ذلك مؤشراً على صحة هذه الأراضي».
وفقاً لـ «آن تشيمبرز»، عالمة الأحياء التطورية في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والتي لم تشارك في البحث الجديد، فإن تنوع الأساليب التي استخدمها الباحثون، والتي تضمنت ملاحظات تشريحية وبيانات وراثية وتسجيلات صوتية، يعزز استنتاجهم بأن ضفدع التابير هو نوع جديد بالفعل.
تقول تشيمبرز: «فيما يتعلق بهذه المنطقة، نعلم أن هناك الكثير من الأنواع غير المكتشفة، وأن المنطقة تحتوي على تنوّع حيوي كبير»، وتضيف: «من المهم بالنسبة لنا أن نحاول وصف هذه الأنواع بكفاءة بطريقة علمية وموثوقة».