بقايا الأنهار الجليدية الذائبة ستكون موطن أسماك السلمون عام 2100

3 دقائق
الأنهار الجليدية وسمك السلمون
حقوق الصورة: بيلبيري/ ديبوزيت فوتوز.

يتسبب التغير المناخي بذوبان الأنهار الجليدية حول العالم، ما يزيد في ارتفاع مستوى سطح البحر ويتسبب باضطراب التيارات المحيطية والأنظمة البيئية الساحلية للمحيطات. لكن بالنسبة لبعض أنواع الأسماك، قد يكون ذلك مفيداً.

استخدم العلماء النمذجة الحاسوبية لمحاكاة الطريقة التي ستغذّي فيها مياه الجليد الذائب التيارات والبحيرات عبر شمال غرب القارة الأميركية، ووجدوا أن ذوبان الأنهار الجليدية قد يتسبب في تشكّل مواطن جديدة فسيحة لأسماك سلمون المحيط الهادئ بحلول نهاية القرن الجاري. أفاد الباحثون في 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري في دورية «نيتشر كوميونيكيشنز» بأن معرفة أين ومتى ستظهر هذه المواطن الجديدة سيكون أمراً حاسماً في خطط الحفاظ على أسماك السلمون في المستقبل.

المواطن المستقبلية لأسماك السلمون قد لا تعني الازدهار لها

يقول «جوناثان مور»، مدير مختبر «سالمون واتر شيدز» في جامعة «سايمون فريزر» في مقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا، والمؤلف المشارك في الورقة العلمية الجديدة: «يبين بحثنا كيف أن التغير المناخي يغير الأنظمة البيئية بشكل جذري، إذ أن المناطق تحت الأنهار الجليدية ستصبح أنهاراً جديدة»، ويضيف: «لا يجب أن نحافظ على مواطن السلمون الحالية فقط، بل يجب علينا أن نفكّر كيف يمكننا الحفاظ على مواطنها المستقبلية أيضاً».

يتسبب ذوبان الأنهار الجليدية في تعريض السلمون للخطر من بعض النواحي. يوضح مور: «يمكن أن يقلل ذلك من الأثر التبريدي الذي تمارسه الأنهار الجليدية على الأنهار الجارية، ما يزيد درجة حرارة هذه الأخيرة خلال الصيف». مع تقلّص الأنهار الجليدية، ستقل كمية المياه الذائبة التي تغذّي الأنهار الجارية خلال الصيف. مع ذلك، عندما تذوب الأنهار الجليدية في قيعان الوديان، يمكن أن تشكّل تيارات جديدة. يتابع مور: «ستمتد الأنهار مع تراجع الأنهار الجليدية أعلى الوديان، ووجدت أبحاث أخرى أن أسماك السلمون يمكن أن تجد أنظمة الأنهار الوليدة هذه وتزدهر فيها».

نظر مور وزملاؤه في الطريقة التي يمكن أن يحدث فيها كل ذلك في العقود القادمة ضمن منطقة تبلغ مساحتها 623 ألف كيلومتر مربّع تمتد من جنوب مقاطعة كولومبيا البريطانية إلى ألاسكا. تعيش أسماك سلمون المحيط الهادئ في منطقة تغطّي 80% من المناطق المغطاة بالجليد في سلاسل جبال المحيط الهادئ في أميركا الشمالية، وتمثّل هذه الأسماك مورداً لمحاصيل ومزارع سمكية تقدّر بمليارات الدولارات سنوياً.

حدد الباحثون، والذين تقودهم «كارا بيتمان» من جامعة سايمون فريزر، 315 نهراً جليدياً قيد الذوبان في منابع التيارات الجارية يمكن أن تشكّل مواطن تستطيع أسماك السلمون الوصول إليها. قدّر الفريق متى وأين ستذوب هذه الأنهار الجليدية نتيجة لسيناريوهات مختلفة تتعلق بالتغيّر المناخي. وفقاً لمور: «المرحلة التالية كانت استخدام تنبؤات لشكل الأرض المحتمل تحت الجليد.. [بهدف] تخيّل شكل الأنهار المستقبلية التي ستمثّل مواطن جديدة لسمك السلمون».

المشهد لا يقتصر على أسماك السلمون

تنبّأ الباحثون أنه بحلول عام 2100، ستستطيع أسماك سلمون المحيط الهادئ تغطية 6146 كيلومتر من التيارات الجديدة. ستتشكّل معظم هذه المواطن من أنهار جليدية كبيرة ومنخفضة توجد قرب السواحل، مثل خليج ألاسكا ونهر «كوبر».

استكشف الفريق أيضاً أي المناطق من هذه الأنهار الجديدة ستوفّر مواطن ملائمة تستطيع أسماك السلمون أن تفرّخ فيها وتربّي صغارها، وذلك بناءً على الانحدار المتوقّع للأنهار. وجدوا أن 1930 كيلومتراً من التيارات ستوفّر ظروفاً مثالية لأسماك السلمون.

مع ذوبان الأنهار الجليدية، ستصبح الكثير من المناطق الطبيعية في أميركا الشمالية متوفرة للتنقيب والصناعات الأخرى. استنتج الباحثون أن التنبّؤ بالمواقع التي يمكن أن تتحول إلى مواطن للسلمون سيسمح لهم بتحديد المناطق التي تحتاج الحماية.

مع ذلك، يقول مور إن هذا الأمر سيمثّل مهمة صعبة. قدّر مور وفريقه مساحة المواطن الجديدة التي يمكن أن تتشكل، ولكنهم لم يدرسوا درجة الحرارة والظروف الأخرى التي يمكن أن تجعل الأنهار الجديدة غير ملائمة للسلمون.

أحد العوامل الأخرى التي تزيد المسألة تعقيداً هو أن أسماك السلمون لا تقضي كل الوقت في مواطن المياه العذبة، إذ أنها تذهب إلى البحر أيضاً. يقول «بيتر ويستلي»، أستاذ مساعد في كلية علوم مزارع الأسماك والمحيطات في جامعة «ألاسكا فيربانكس»: «إذا أصبح المحيط غير ملائم بشكل متزايد بسبب الاحترار الذي خلق مواطن جديدة من المياه العذبة، فهذا سيؤدي إلى انخفاض أعداد أسماك السلمون». ويستلي هو مدير مبادرة «شبكة علم السلمون» التي قدّمت التمويل للبحث الجديد، ولكنه لم يشارك في هذا البحث. يضيف ويستلي: «تحتاج أسماك السلمون إلى ظروف ملائمة في المحيط وفي المياه العذبة».

يريد مور توضيح أن بحثه لا يقتضي أن أسماك السلمون ستزدهر مع زيادة درجة حرارة الأرض. تواجه أسماك السلمون العديد من المشاكل المتعلقة بتغير المناخ، ومنها موجات الحر البحرية، وزيادة حموضة المحيطات، والفيضانات وفترات الجفاف الشديدة. يقول مور: «لا تشير الدراسة الجديدة إلى أن التغير المناخي هو أمر جيد بالنسبة للسلمون»، ويضيف: «من المحتمل أن يطغى انخفاض عام في أعداد السلمون على هذه المنافع المحلية». 

حتى إذا انتقلت أسماك السلمون لتعيش في مناطق جديدة نتجت عن ذوبان الأنهار الجليدية، سيعاني البشر الذين يعتمدون على هذه الأسماك من آثار سلبية.

يقول ويستلي: «لا يعالج تغير مواطن أسماك السلمون المسائل الضرورية والملحة المتمثّلة في انعدام وجود هذه الأسماك في بعض الأنهار، على الرغم من أنه قد يكون أمراً جيداً بالنسبة للأسماك»، ويضيف: «لا يفيد هذا الأشخاص الذين يعتمدون على السلمون، والذين سيلاحظون اختفاء هذه الأسماك من بعض الأنهار لأنها أصبحت أكثر دفئاً».

المحتوى محمي