وفقاً لورقة بحثير نُشرت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في دورية «آي ساينس»؛ فقبل حوالي 160 مليون سنة، فيما أصبحت الصين اليوم، حلّق بين الأشجار نوعان صغيران من الديناصورات يدعيان «يي كي» و«أمبوبتيركس لونجيبراكيوم». ولسوء حظ هذان النوعان، فإن قدرتهم على الطيران كانت ضعيفة.
عينات الديناصورات المتحجرة
فحص الباحثون الأنسجة الناعمة المحفوظة في عينات متحجرة للديناصور يي كي، واستخدموا نماذج رياضية لمحاكاة تحليق هذان النوعان. ووجدوا أن هذه الأنواع الشبيهة بالخفافيش كانت تحلّق بطريقة غير طبيعية، وأنها على الأرجح انقرضت لأنها لم تكن قادرة على منافسة الطيور الماهرة والثدييات المحلّقة المبكرة.
يقول «ألكسندر ديسيكي»، عالم أحياء قديمة في جامعة «ماونت مارتي» في يانكتن، ولاية داكوتا الجنوبية، ومؤلف مشارك للورقة الجديدة: «ما لبث هذان النوعان أن بدأ بتطوير القدرة على التحليق حتى حدث تعديل أفضل أخرجهم من المنافسة. لم يحظيا بفرصة للتكيف حتى ينافسوا بشكلٍ أفضل».
حجم يي وأمبوبتيركس كان على الأرجح بقدر حجم حمامة كبيرة أو غراب صغير. مع أجسام مغطاة بريش أملس أزغب على الأرجح. أما الجوانح كانت تتألف من أنسجة جلدية شبيهة بأنسجة الخفافيش. لفهم قدرات هذه الديناصورات على التحليق، مسح فريق ديسيكي عينات متحجرة للديناصور يي باستخدام تقنية تدعى التألق المحفَّز بالليزر. وسمح هذا للباحثين بتجميع معلومات مفصلة حول مخالب وأجنحة هذه الديناصورات.
بعد ذلك، أعاد ديسيكي وفريقه بناء الشكل الذي يجب أن تأخذه أجنحة الديناصورات، وقارنوها بأجنحة حيوانات طائرة أخرى مثل الطيور والخفافيش. وباستخدام نماذج رياضية، تنبّأ الباحثون بطريقة طيران أو تحليق هذين النوعين بأوزان وأحجام أجنحة مختلفَين.
تبيّن أن يي وأمبوبتيركس لم يكونا قادرين على الإنطلاق من الأرض أو الرفرفة بالأجنحة بسهولة كمعظم الطيور والخفافيش. هذه الديناصورات كانت تستطيع التحليق بين فجوات ظُلل الشجر، لكن أجنحتها لم تكن تسمح بالمناورة كثيراً. كما أنها كانت تحمل كتلة أكبر مقارنة بمساحة سطح الجناح من الحيوانات المحلقة الحالية مثل السناجب الطائرة، وهذا جعل الديناصورات هذه بحاجة لأن تحلق بسرعات أكبر لتوليد ما يكفي من القوة الرافعة حتى تظل طائرة.
هذه الحاجة للسرعة سببت بعض المشكلات، حيث يقول ديسيكي: «تجعل هذه الانعطاف أصعب، وتجعل من الصعب إحداث تعديلات دقيقة...وكان صعباً تحديد موقع الهبوط بالضبط. فإذا كنت تريد أن تطير بسرعة باتجاه شجرة، فهذا يزيد احتمال أن تأذي نفسك عند الهبوط».
وفقاً لديسيكي أيضاً، ففي العموم، امتلكت هذه الديناصورات أجنحة عديمة الكفاءة. ومن المرجح أنها لم تكن قادرة على التفوق على المفترسات الجوية مثل التيروصور، والذي كان نوعاً من الزواحف الطائرة ناجحاً أكثر بكثير. والأكثر من ذلك، أرجل هذه الديناصورات لم تكن متكيفة للركض. وعلى الأرض، فإنها كانت بطيئة وخرقاء وسهلة الافتراس.
عند ظهور يي وأمبوبتيركس لأول مرة في أواخر العصر الجوراسي، كانا قادرين على التغذي على الحبوب والحشرات والمكسرات الصغيرة دون منافسة تذكر. ولكن مع ذلك، فخلال بضعة ملايين من السنين، تطور نوع الأركيوبتيركس إضافة لبعض الطيور الأولية الأخرى. الأركيوبتيركس لا يستطيع التنافس مع المقدرات الجوية للطيور الحالية، لكنه كان قادراً على الانطلاق من الأرض والطيران لمسافات قصيرة. يقول ديسيكي: «فجأة، أصبح المحلقون في منافسة مع كائنات تسعى لاستهلاك نفس الموارد بالضبط، لكنها كانت أمهر في تدبير أمورها».
انقرض النوعان يي وأمبوبتيركس على الأرجح قبل أن يحظيا بفرصة لتحسين قدراتهم على الطيران، أو أن يتكيّفوا مثل الحيوانات المحلقة التي نراها في يومنا هذا. السناجب الطائرة و الأبوسوم القندي الطيار هي من الحيوانات الليلية، مما يجعلها قادرة على التغذي بشكل مستقل عن أغلب الطيور الأخرى التي تعتبر أمهر في الطيران.
هناك عدد قليل من المستحاثات المعروفة للديناصورات يي وأمبوبتيركس المُكتشف حديثاً. ومن المحتمل أن العلماء سيكشفون في النهاية بقايا أحدث. يقول ديسيكي: «قد تكشف جهود مستقبلية أن أحد هذه الأنواع قام بقفزة باتجاه شكل الحياة الليلي لفترة قصيرة من الزمن،». حتى كـ «تجارب فاشلة»، فوفقاً لديسيكي واستنتاجات زملائه؛ فهذه الحيوانات المحلقة تساعد العلماء في فهم أصول الطيران.
يقول ديسيكي: «ما هي التغيّرات الضرورية التي تسمح للكائن بالطيران؟ هذه التغيرات تساعدني في اكتشاف الخط الأساسي الذي قاد لتطور الطيور؛ لأنني سأكون قادراً على اكتشاف الخطأ الذي حدث عندما جربت الديناصورات هذا الطريق للوصول إلى الطيران».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً