الوقوف في طوابير: هكذا تواصلت الحيوانات منذ ملايين السنين

2 دقائق
حفريات, ثلاثيات الفصوص, طابور, مقالات علمية قصيرة
حفريات ثلاثيات الفصوص في صف واحد (طابور) — حقوق الصورة: جامعة ليون

في المرة المقبلة التي تنتظر فيها دورك في الصف داخل محل بقالة مثلاً، استرخِ، فأنت تشارك في طقس قديم، أقدم من تاريخ البشرية. كانت الحيوانات تصطف في طوابير منذ ملايين السنين، وذلك حسب دراسة حديثة نشرت في دورية «ساينتيفيك ريبورتس». تناولت الدراسة أحافير عثر عليها في المغرب لثلاثية الفصوص -طائفة منقرضة من المفصليات البحرية- يبلغ عمرها 480 مليون عام، وقد وجدت منتظمة في صفوف في ما كان سابقاً قاع البحر.

قال فانييه إن هذه التشكيلات المتحجرة «ذكّرتهم على الفور بمواكب اليرقات». تنتظم العديد من الحيوانات في صفوف وتتحرك ضمن جماعات، حتى تحت الماء، وكذلك فعلت الحيوانات المنقرضة، وتعود الأدلة على سلوك الحيوانات الجماعي إلى 525 مليون عام تقريباً. افترض الباحثون أن بعض أنواع مفصليات ثلاثية الفصوص انتظمت في صفوف لجعل الحركة أسهل، مثلما يفعل راكبو الدراجات.

افتقدت ثلاثية الفصوص المختصة بها هذه الدراسة؛ والمنتمية لفصيلة «أمبيكس بريسكوس»، القدرة على الإبصار. يعتقد الباحثون أنها استخدمت مواد كيميائية وحاسة اللمس لمعرفة مكانها ومكان أقرانها. قال جان فانييه؛ مؤلف الدراسة والباحث بجامعة ليون، عبر البريد الإلكتروني، إن أحافير أخرى للفصيلة نفسها ولفصيلة قريبة منها، لها العمر نفسه، وُجدت أيضاً منتظمة في صفوف.

نبش الباحثون هذه الحفريات خلال تنقيبهم في إحدى مناطق المغرب، بمساعدة علماء محليين، ويعتقدون أن هذه الكائنات هلكت في إحدى العواصف. وأي كان ما حدث، فقبل نحو 480 مليون سنة، حوصرت ثلاثية الفصوص المكتشفة تحت الطمي وسرعان ما اختنقت، إذ دفنت تحت أكوام من الطين، وتوقفت عن الحفر والحركة؛ مما حافظ على ترتيبها.

في مطلع هذا العام، نشر مجموعة من الباحثين دراسة تناولت أحافير لسرب من الأسماك، وخلصوا إلى أن دراسة السجل الأحفوري بهذه الطريقة يتيح «إمكانية استكشاف كيفية تواصل الحيوانات المنقرضة». تمثل هذه التجمعات المبكرة أساس كل مظاهر العمل الجماعي اللافتة التي تقوم بها حشرات مثل النمل والدبابير.

يقول نيك كيسر، الباحث في علم البيئة السلوكي بجامعة فلوريدا، إن «استخدام الأدلة الأحفورية لاستنباط سلوك الحيوانات المنقرضة مجال مثير للغاية». ويضيف: «عند دراسة السلوك الجماعي للحيوانات، نجد أن السلوكيات الجماعية المعقدة غالباً ما يكون مصدرها أفعال فردية بسيطة». على سبيل المثال، يبدأ أفراد من المجموعة باتباع إشارات معينة والتحرك بسرعة قياساً إلى باقي أقرانهم، مما يسبب تحرك المجموعة بشكل فيه فائدة لجميع الأعضاء.

ركزت الدراسة أيضاً على الحيوانات الحالية التي تعيش في أعماق البحار بحثاً عن أدلة تؤكد أن الانتظام في صفوف تحت الماء يمكن أن يكون مفيداً. يتنقل أحد هذه الحيوانات - جراد البحر الشوكي - في خط واحد صوب أعماق البحار لتجنب العواصف، تماماً مثلما قد فعلت كائنات بحرية أخرى منذ ملايين السنين.

المحتوى محمي