كيف يهدد التغيّر المناخي حياة الدببة القطبية؟

دراسة جديدة تؤكد العلاقة بين التغيّر المناخي الناجم عن البشر وتردّي حالة الدببة القطبية
يؤدي إطلاق كل طن من هذه الانبعاثات إلى ذوبان المزيد من الجليد البحري الذي تعيش عليه هذه الدببة. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبحت الدببة القطبية عام 2008 النوع الأول الذي يُدرج في قائمة الولايات المتحدة للأنواع المهددة بالانقراض بسبب التأثيرات المناخية، وخصوصاً تراجع الجليد البحري في القطب الشمالي.

ولكن في العام نفسه، تبنّت وزارة الداخلية الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش الابن (George W. Bush) سياسة جديدة منعت الوكالات الفيدرالية من أخذ التأثيرات الناجمة عن انبعاثات الغازات الدفيئة في الدببة القطبية في الاعتبار، على الرغم من أن هذه الانبعاثات كانت العامل الرئيسي الذي يتسبب بتعرّض هذه الحيوانات المفترسة الرئيسية في القطب الشمالي للخطر المتعلق بالمناخ. يؤدي إطلاق كل طن من هذه الانبعاثات إلى ذوبان المزيد من الجليد البحري الذي تعيش عليه هذه الدببة.

كتب العضو السابق في إحدى جماعات الضغط في قطاع الوقود الأحفوري، ديف بيرنهارت، الذي عمل محامياً في وزارة الداخلية وأصبح بعد ذلك وزيراً للداخلية في عهد الرئيس دونالد ترامب، المذكّرة السياسية التي تبنّتها وزارة الداخلية الأميركية عام 2008. نصّت هذه المذكّرة على أنه يجب فصل تأثيرات الانبعاثات المتوقعة للمقترحات الجديدة، مثل إنشاء خطوط إمداد النفط أو منح تصاريح الحفر، في الدببة القطبية عن تأثيرات الانبعاثات التراكمية التاريخية.

دراسة الأنواع المهددة بالانقراض بسبب التغير المناخي

أدّى ذلك إلى تحديد معيار علمي بدا في ذلك الوقت مستحيل التحقيق، وذلك لأن الباحثين لم يحددوا بدقة في تلك الفترة تأثيرات انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن مشاريع محددة في الأنواع المعرضة لخطر الانقراض.

لكن قال أستاذ علم الأحياء غير المتفرّغ في جامعة وايومينغ والمؤلف المشارك لدراسة جديدة خضعت لمراجعة الأقران ونُشرت في مجلة ساينس (Science)، ستيفن أمسترب، إن الأبحاث العلمية أزالت هذه العقبة، ويمكن أن تساعد هذه الدراسة على “سد الثغرة القانونية” في قانون الأنواع المهددة بالانقراض (Endangered Species Act) لأنها توضّح كيف تتسبب انبعاثات الكربون الناجمة عن المشاريع الجديدة التي تجرى على الأراضي الفيدرالية بازدياد عدد الأيام التي لا تستطيع الدببة القطبية التغذّي فيها بسبب تراجع الجليد البحري.

قال أمسترب، الذي يشغل أيضاً منصب كبير المسؤولين العلميين في مؤسسة بولار بيرز إنترناشيونال، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى الحفاظ على البيئة، إن الدراسة الجديدة كشفت عن علاقة مباشرة بين انبعاثات الغازات الدفيئة البشرية المنشأ ومعدلات بقاء دياسِم الدببة القطبية بتطبيق منهجية يمكن استخدامها “لتحليل تأثير الانبعاثات تبعاً لمصدرها”.

على سبيل المثال، تشير الدراسة الجديدة إلى أن محطات توليد الطاقة البالغ عددها مئات المحطات في الولايات المتحدة ستُطلق مجتمعة أكثر من 60 غيغا طن من ثنائي أوكسيد الكربون على مدى فترة حياتها البالغة 30 عاماً. قدّر الباحثون أن هذه الانبعاثات ستقلل معدّل بقاء الدياسم القطبية في الجماعات التي تعيش في بحر بيوفورت الجنوبي بنحو 4%، وذلك من خلال حساب مقدار الاحترار الناجم عن انبعاثات الكربون، وكمية الجليد البحري في القطب الشمالي الذي ستذوّبه الحرارة.

يستطيع الباحثون باستخدام هذه المنهجية قياس مدى تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن مشروع جديد في جماعات الدببة القطبية، وهي عملية حسابية لم تُنجز بهذه الدقة عندما أُدرجت الدببة القطبية في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض.

قال أمسترب إنه يمكن تطبيق منهجية التحليل نفسها لقياس تأثيرات انبعاثات الغازات الدفيئة في مواطن الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض والتغيّرات الديموغرافية في جماعاتها.

اقرأ أيضاً: هل يبلغ ذكاء الدببة درجة تمكنها من التقاط صور السيلفي؟

الأبحاث العلمية الجديدة تدعم الدعاوى المناخية

قال المدير التنفيذي في مركز سيبن لقوانين التغيّر المناخي في جامعة كولومبيا، مايكل برغر، إن إحدى عمليات الطعن القانوني الحالية في مشروع للتنقيب عن النفط والغاز في شمال ولاية ألاسكا الأميركية يحمل اسم مشروع ويلو (Willow)، تعتمد على حجة مشابهة.

قال برغر: “وجهة نظرنا هي أن الأدلة العلمية تدعم إقامة علاقة سببية بين الانبعاثات الناجمة عن مصادر محددة والتأثيرات الناجمة عن التغيّر المناخي في مناطق محددة. وتدعم الدراسات مثل الدراسة الجديدة هذه الحجة دون شك”.

قال برغر أيضاً إن مركز سيبن أشار في مذكرة صديق المحكمة التي قدّمها لدعم المدّعين الذين يطعنون في مشروع ويلو إلى أن التأثيرات المحددة لانبعاثات الغازات الدفيئة “جليّة بصورة خاصة” عندما يتعلق الأمر بتراجع الجليد البحري والآثار التي تعانيها الدببة القطبية.

يزعم المركز في هذه المذكرة أن مكتب إدارة الأراضي الأميركي تجاهل تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة في الأنواع المهددة بالانقراض وتلك المعرّضة لخطر الانقراض بسبب “الاعتقاد الخاطئ” بأن الأبحاث العلمية عجزت عن كشف “روابط سببية” بين الانبعاثات والتأثيرات التي تعانيها الأنواع المعرّضة للخطر. قال برغر إن الأبحاث العلمية كشفت الروابط السببية بدقة أكبر منذ ذلك الوقت عام 2008، عندما حاول بيرنهارت منع أخذ تأثيرات الغازات الدفيئة في الأنواع المعرضة للخطر في الاعتبار في مذكّرته.

اقرأ أيضاً: دببة غرينلاند القطبية تتعلم التكيف مع تراجع الجليد

قال برغر في المذكرة السابقة الذكر: “بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام النماذج المناخية وطرق الكشف والإسناد لتحديد الإسهامات النسبية لمصادر الغازات الدفيئة المحددة في التأثيرات المرتبطة بالتغيّر المناخي”. وأضاف قائلاً إنه في بعض الحالات، من الممكن عزل تأثيرات كل طن من انبعاثات الغازات الدفيئة، كما فعل الباحثون في دراسة نُشرت عام 2016، التي أظهرت أن كل طن متري منبعث من ثنائي أوكسيد الكربون يؤدي إلى ذوبان دائم لنحو 3 أمتار مربعة من جليد شهر سبتمبر/ أيلول البحري في القطب الشمالي.

قال خبير قانون البيئة والمؤسس المشارك لمركز سيبن، مايكل جيرارد، إن التقرير الذي أصدره مركز سيبن عام 2021 يلخّص النتائج العلمية حول تأثيرات التغيّر المناخي في الأنواع المهددة بالانقراض، والدراسة الجديدة “توفّر منهجيات وأدلة جديدة مفيدة” لوصف تلك التأثيرات.

قالت مديرة معهد قانون المناخ التابع لمركز التنوع الحيوي، كاسي سيغل، إن العلماء والخبراء القانونيين حاولوا إقناع الوكالات الفيدرالية منذ فترة طويلة بأن مذكرة بيرنهارت تحتوي على معلومات غير صحيحة. هناك دعاوى قضائية معلقة جادلت بهذه النقطة، ولكن لم تُصدر الأحكام بعد، وتمثّل الدراسة الجديدة دعماً علمياً إضافياً لهذه الدعاوى.

قالت سيغل، التي كتبت العريضة التي هدفت لإدراج الدببة القطبية في قائمة الأنواع المهددة بالانقراض عام 2004: “هذا الموضوع بالغ الأهمية، هذه هي أول مرة يتمكّن فيها العلماء من إجراء التحليلات ذات الصلة ونشر نتائجهم في إحدى المجلات العلمية الرائدة في العالم”.

أضافت سيغل قائلة إن أمسترب أجرى الأبحاث الأولى لصالح الحكومة الأميركية التي دعمت إدراج الدببة القطبية في قائمة الأنواع المهددة بالانقراض. وكانت الأدلة العلمية واضحة للغاية لدرجة أنه لم يكن أمام إدارة الرئيس جورج بوش خيار سوى إدراج الدببة القطبية في هذه القائمة.

لكن عدم اتخاذ أي إجراء هادف لحماية الدببة القطبية منذ ذلك الحين كان محبطاً بالنسبة لسيغل، التي قالت: “أشعر بحزنٍ عميق وبغضبٍ كبير، مثل الكثيرين. لكن ما يدفعني لعدم الاستسلام هو أن الوقت لم يفت لإحداث أثر حقيقي. لا يوجد ما هو أهم من الإجراءات المتخذة الآن للحد من التلوث الناجم عن الغازات الدفيئة”.

اقرأ أيضاً: مستويات الزئبق السام تنخفض عند الدببة القطبية في ألاسكا، ماذا يعني ذلك؟

قالت سيغل أيضاً إن فشل خدمة الأسماك والحياة البرية الأميركية، التي تقع عليها مسؤولية تطبيق قانون الأنواع المهددة بالانقراض، في تحليل آثار انبعاثات الغازات الدفيئة في الدببة القطبية وغيرها من الأنواع المدرجة بدقة هو “نوع من أنواع إنكار العلاقة بين الأنشطة البشرية والتغيّر المناخي. وهو يتعارض مع الأدلة العلمية ويخالف القانون.

نأمل أن يؤدي نشر هذه الدراسة الجديدة إلى إقناع إدارة الرئيس بايدن أخيراً باتباع الأدلة العلمية والالتزام بالقانون”.

قدّم العلماء وأساتذة القانون عام 2021 عريضة إلى إدارة الرئيس بايدن دعوا فيها إلى إبطال أي قواعد تمنع الوكالات من أخذ تأثيرات الغازات الدفيئة في الاعتبار. وقال عالم الحفاظ على البيئة في جامعة ديوك، ستيوارت بِم، الذي وقّع على العريضة، إن عدم أخذ هذه التأثيرات في الاعتبار “يعمي الحكومة الأميركية عن الدلائل العلمية بينما تبذل الجهود لحماية الأنواع المهددة بالانقراض”.

وفقاً لمديرة قسم المناخ في مركز التنوع الحيوي، شيه وولف، فإن التعامل مع مسألة الدببة القطبية هو مثال على الطريقة التي تعوق وفقها القواعد مثل مذكرة بيرنهارت الإجراءات حيال التغيّر المناخي. وقالت إنه بغياب هذه السياسات، التي حاولت إدارة الرئيس ترامب تكريسها أكثر عام 2019 عندما كان بيرنهارت وزيراً للداخلية، “ستتمكّن الوكالات الحكومية من تطبيق آليات مختلفة لأخذ انبعاثات الكربون في الاعتبار والحد منها.

الغازات الدفيئة لا تختلف عن المواد الأخرى مثل الزئبق والمبيدات الحشرية أو أي مواد تتراكم في الأرض أو الهواء أو الماء وتضر بالحيوانات. وإنه لمن المثير للسخرية ألّا تؤخذ في الاعتبار”.

الاحتباس الحراري يزيد خطر الانقراضات الجماعية

يوجد حالياً 1,497 نوعاً من الحيوانات في قائمة الأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتحدة، وتبيّن أكثر الأدلة العلمية المتوفرة رصانة أن كل نوع تقريباً من هذه الأنواع يواجه تهديدات متعلقة بالمناخ، وكذلك الأمر بالنسبة لمليون نوع آخر في العالم.

ينخفض عدد الأنواع المهددة ويضيق توزّعها وتتراجع كثافتها (أي أن التنوّع الحيوي يتراجع) بسرعة حالياً ضمن حدث انقراض جماعي تتوضح معالمه يمكن أن يصل عدد الانقراضات فيه إلى عدد الانقراضات الدراماتيكية الموثّقة في السجلات الأحفورية، التي تُعزى إلى أحداث غيّرت نظام الكوكب ككل مثل العصور الجليدية أو اصطدام النيازك أو الثورانات البركانية الشديدة والضخمة والمستمرة.

اقرأ أيضاً: تعرف على الحالة الغريبة للقطط البرية المهددة بالانقراض وشجرة الفاكهة المختفية

يمكن أن تكون تبعات الموجة الحالية من تراجع الأنواع وانقراضها كبيرة على المجتمعات البشرية. سيتعرّض الأمن الغذائي للخطر إذا انقرضت الكائنات التي تلقّح النباتات أو الطيور التي تنشر البذور أو أنواع الأسماك المهمة التي يتغذّى عليها البشر. يعتمد نحو 4 مليارات شخص على الأدوية الطبيعية في إجراءات الرعاية الصحية التي يتّبعونها، بينما تمثّل الأدوية الطبيعية والمنتجات الاصطناعية المستوحاة من الطبيعة نسبة 70% من الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان.

إذا تسبب الاحتباس الحراري بتغيّر الدورات الإنجابية للكائنات الحية التي تؤدي أدواراً أساسية مثل العوالق والبكتيريا والفطريات، سيكون تأثير ذلك كبيراً في كمية ثنائي أوكسيد الكربون التي تزيلها المحيطات والحقول والغابات من الغلاف الجوي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المناخ بسرعة أكبر.

يتعرّض بعض مجموعات الحيوانات لضرر شديد بصورة خاصة؛ إذ إنه وفقاً لتقرير التنوع الحيوي العالمي الصادر عن منظمة الأمم المتحدة عام 2019، تتعرض نسبة 40% من البرمائيات ونحو ثُلث أنواع المرجان والثدييات البحرية لخطر الانقراض حالياً. نصَّ التقرير أيضاً على أن “الطبيعة ضرورية لبقاء البشر والحفاظ على جودة حياتهم.

لا يمكن تعويض أغلبية الفوائد التي تقدّمها الطبيعة للبشر بالكامل، وبعضها لا يمكن تعويضه بالمطلق”.

اقرأ أيضاً: لإنقاذ الحيتان المهددة بالانقراض، لا بدّ من البحث في فضلاتها

خلُص التقرير، الذي اعتُبر بمثابة دعوة لاتخاذ الإجراءات، إلى أن الطبيعة تتدهور في أنحاء العالم كافة؛ إذ جاء في نصه أيضاً أن “المحيط الحيوي الذي تعتمد عليه البشرية ككل يتغيّر بدرجة غير مسبوقة عبر النطاقات المكانية جميعها. ويتراجع التنوع الحيوي، أي تنوع الأنواع وتنوع النُظم البيئية، بسرعة أكبر من أي وقتٍ في تاريخ البشر”.

حذّر العديد من الدراسات العلمية من تراجع التنوع الحيوي. بيّنت دراسة نُشرت عام 2022، أن المعدل الحالي لارتفاع درجة حرارة المحيطات يمكن أن يؤدي إلى أكبر حدث انقراض لأشكال الحياة البحرية منذ 250 مليون سنة. وأشار تقرير أصدرته الأمم المتحدة عام 2021 إلى أنه من الواضح أنه يجب حل مشكلة تراجع التنوع الحيوي وأزمة المناخ جنباً إلى جنب. بيّن التقرير أن ظاهرة الاحتباس الحراري تشكّل تهديداً شاملاً للأنواع جميعها تقريباً، وأنه سيتعطّل بعض أفضل الآليات الطبيعية لإزالة ثنائي أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي وإبطاء ارتفاع درجة حرارته إذا انهار التنوّع الحيوي.

كل طن منبعث من ثنائي أوكسيد الكربون له تأثير بليغ لا يقتصر على الدببة القطبية

تُبيّن الأبحاث أن الأنشطة البشرية هي السبب في تدهور مواطن الدببة القطبية، كما أنها مسؤولة عن أغلبية الأضرار التي لحقت بشبكة النُظم البيئية والأنواع التي تضمن بقاء الكائنات الحية. بالإضافة إلى ذلك، تزيد هذه الأنشطة شدّة تأثير بعضها بعضاً غالباً. تتسبب التأثيرات البريّة، مثل النمو الحضري والزراعة الصناعية، بإزالة النباتات التي تعزل الكربون، كما أنها تدمر المواطن. تؤدي انبعاثات الغازات الدفيئة إلى تسخين أجزاء من المحيط لدرجة لا تلائم العديد من أنواع الأسماك، كما أنها تؤدي إلى ذوبان الثلوج التي تسهم في بقاء حيوانات اللقّام في أعالي جبال روكي غرب الولايات المتحدة.

قال مدير مكتب جبال روكي في مركز القانون البيئي الغربي، ماثيو بيشوب، إن الأبحاث مثل الدراسة الجديدة يمكن أن توفّر الدعم العلمي لاتخاذ إجراءات بهدف حماية العدد القليل المتبقي من حيوانات اللقام التي تعتمد على وجود كتل ثلجية جبلية عميقة لتحفر جحورها.

تُظهر النماذج والأرصاد المناخية أن أغلبية حقول الثلج تتراجع بسرعة، ما يجعل حماية الجيوب المتبقية باعتبارها ملاجئ مناخية بالغ الأهمية. لكن وفقاً لبيشوب، فعلى الرغم مما تبيّنه هذه النماذج، تدّعي الحكومة الفيدرالية الأميركية أن المعلومات المتوفرة حالياً حول استجابة هذه الحيوانات لتراجع الثلوج لا تكفي لجعلها تتخذ الإجراءات بناءً على الأبحاث العلمية.

يقول بيشوب: “نعلم أن هذه الحيوانات تعتمد على الثلوج، وأن هذه الثلوج ستزول. هذه معلومات كافية، لكن الوكالات الحكومية تستمر في الادعاء بأنها بحاجة إلى جمع المزيد من المعلومات”. وفقاً لبيشوب، سيفوت الأوان قريباً بالنسبة لحيوانات اللقام والعديد من الأنواع الأخرى التي تتأثر بالمناخ.

اقرأ أيضاً: ما تأثير التلوث السمعي على الكائنات البحرية؟

يقول بيشوب: “عندما نشك في أن نوعاً ما معرّض للخطر، يجب أن تهدف الإجراءات جميعها لحمياته، ويجب علينا بذل ما في وسعنا للحد من الضغوط غير المناخية جميعها، علينا أن نمنح هذه الحيوانات فرصة للبقاء. قد لا تكون الإجراءات ضرورية في نهاية المطاف، ولكن علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان بقاء هذه الحيوانات”.

يعني ذلك بالنسبة للدببة القطبية (وحيوانات اللقام) حماية الأجزاء من موطنها التي قد تدوم 50 عاماً أو 100 عام، حتى لو كان بقاء الأنواع بعد هذه الفترة غير مؤكّد. وأكد الباحثون في الدراسة الجديدة أن الأهم هو أن هذا يستوجب خفض انبعاثات الغازات الدفيئة على الفور وبسرعة.

قالت العالمة في جامعة واشنطن والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، سيسيليا بيتز، التي تدرس العلاقة بين المناخ والجليد البحري والمواطن البرية، إن الجمع بين خبرات عالم أحياء وعالمة مناخ في الدراسة الجديدة المتعلقة بتأثير انبعاثات الغازات الدفيئة في الدببة القطبية بدا خياراً منطقياً.

وفقاً لبيتز، فإن التركيز على العلاقة المباشرة بين انبعاثات الغازات الدفيئة ومواطن الدببة القطبية يجعل هذه الدراسة مهمة ويساعد على إيضاح تبعات تراجع الجليد البحري.

قالت بيتز أيضاً: “تُبيّن دراستنا أن كل 23 غيغا طن منبعث من ثنائي أوكسيد الكربون يتسبب بحرمان الدببة القطبية من الغذاء ليوم كامل. وتُطلق دول العالم نحو 50 غيغا طن سنوياً من هذا الغاز حالياً”.

وفقاً لبيتز، يزيد إطلاق هذه الكمية الفترة التي تقضيها الدببة القطبية دون تناول الطعام بمقدار يتجاوز يوماً واحداً كل عام لكل جماعة من جماعاتها.

قالت بيتز: “هذه فترة طويلة للغاية. تخيّل أن تقضي يوماً كاملاً دون تناول الطعام وأنت تشعر بالجوع بالفعل. عواقب نشاطات البشر لا هوادة فيها؛ إذ إننا نُطلق كمية هائلة من ثنائي أوكسيد الكربون لدرجة أن تأثيرات هذا الغاز ملموسة وخطيرة للغاية”.

اقرأ أيضاً: لماذا يعد حيوان الهلبندر سيئ السمعة مهدداً بالانقراض؟

وفقاً لأمسترب، تمنح الدراسة الجديدة العلماء نقطة مرجعية إضافية لفهم تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة.

إذ قال: “يعتمد بقاء الدببة القطبية على عتبات محددة. وإذا لم تحصل على الغذاء لعدد من الأيام يتجاوز عتبة محددة، فستموت”.

وفقاً لسيغل، تُبيّن النتائج الجديد مرة أخرى الارتباط الوثيق بين الأزمة المناخية وأزمة التنوع الحيوي؛ إذ تقول: “لا يمكن فصل الأزمتين. بقاء أشكال الحياة جميعها على الأرض على المحك، وهذا يشمل بقاء البشر”.