لطالما كان المحيط مليئاً بالألغاز والكائنات المذهلة التي تسكنه، بدءاً من السطح وصولاً لأبعد نقطة في أعماقه السحيقة. ويُعد الحوت الأزرق واحداً من أكثر الكائنات البحرية التي تحظى باهتمام العلماء والبشر عموماً، فهو أضخم حيوان عاش فوق سطح الأرض على الإطلاق، حتى الديناصورات التي عُرفت بضخامتها لم تتجاوزه ضخامةً.
كيف يبدو الحوت الأزرق؟
يتمتع الحوت الأزرق بخصائص مذهلة جعلته مميزاً، منها:
حجم الحوت الأزرق
حسناً، تذكر أقرب مبنى رأته عيناك مؤخراً يبلغ ارتفاعه نحو 24 متراً، ربما يتكون من 10 طوابق، هذا الارتفاع هو نفس متوسط طول كائن بحري عملاق، لم تشهد الأرض حيواناً آخر يضاهيه. وقد يصل إلى 33 متراً. وعند النظر إلى وزنه، نجده يصل إلى 130 طناً، بينما تزن الفيلة نحو 4.5 طن فقط، ما يعني أنّ وزن الحوت الأزرق يعادل تقريباً 30 فيلاً من التي تشاهدها في حديقة الحيوان أو في البرية. حتى صغاره تولد بأحجام وأطوال أكبر من الحيوانات الأخرى البالغة. كما تتفوق الإناث على الذكور في الحجم.
لون الحوت الأزرق
يتضح من اسمه اللون الأزرق، والحقيقة أنه يتراوح بين الرمادي والأزرق، وقد تتراكم بعض الدياتومات، وهي نوع من الطحالب وحيدة الخلية التي تعيش في المحيطات والبحار ويُطلق عليها اسم العوالق النباتية، وعندما تتراكم هذه الدياتومات على بطن الحوت، يظهر اللون الأصفر هناك.
الأماكن التي يمكن العثور على الحوت الأزرق فيها
يعيش الحوت الأزرق في المحيطات، وعادةً ما يفضل العيش في مناطق نصف الكرة الأرضية الجنوبي، ويمكن رؤيته أيضاً قرب سواحل الولايات المتحدة الأميركية، وقد يُهاجر في أثناء فصل الصيف إلى القطبين للحصول على الغذاء ثم يعود في الخريف نحو خط الاستواء. لكنه يُفضل الانطلاق داخل المحيط بعيداً عن الشواطئ.
الحمية الغذائية
على الرغم من أنها أضخم الكائنات التي تعيش على سطح الأرض، فإن الحيتان الزرقاء تتغذى على حيوانات بحرية صغيرة الحجم تُسمى الكريل، وتحتاج في اليوم الواحد إلى 3.5 طن منها.
سلوك الحوت الأزرق
تسبح الحيتان الزرقاء بسرعة 8 كيلومترات في الساعة، وقد تسرّع حركتها لتصل إلى معدل 32 كيلومتراً في الساعة. وتتميز الحيتان بأنها تُصدر أصواتاً مرتفعة، يمكن للحيتان الأخرى على مسافة 1600 كيلومتر سماعها، ما جعل العلماء يفترضون أنّ الحيتان الزرقاء تُصدر تلك الأصوات من أجل التواصل مع أقرانها، خاصة وأنّ قدراتها السمعية رائعة.
حياته: قد يطول عمره عن عمر الإنسان
عادةً ما يتكاثر الحوت الأزرق في أثناء فصل الشتاء بالقرب من خط الاستواء، حيث المياه الدافئة، وتستغرق فترة الحمل نحو عام، وغالباً ما يكون متوسط أطوال أطفالها عند الولادة تقريباً 7 أمتار، وتشرب ما يعادل 145 كيلوغراماً من الحليب يومياً، وتبلغ في عمر العاشرة. وعادةً ما تعيش تلك الحيتان لأعمار طويلة نسبياً تتراوح بين 80 إلى 90 عاماً.
يمتلك قلباً كبيراً
يتمتع الحوت الأزرق بقلب كبير، وهنا لا أعني أنه حنون، وإنما كبير حرفياً، إذ يمتلك قلباً يصل وزنه إلى 180 كيلوغراماً، وهو بذلك صاحب أكبر قلب في المملكة الحيوانية، وهذا أمر طبيعي لأنه الأكبر في الحجم. وعندما يسبح نحو الأعماق من أجل تناول غذائه، ينبض قلبه مرتين في الدقيقة الواحدة.
اقرأ أيضاً: الحيتان القاتلة تفترس الحيتان الزرقاء أكبر مخلوقات الأرض
لسانه ضخم
قد يصل وزن الفيل إلى 4.5 طن، لكن تخيل أنه يملأ فم الحوت الأزرق، وهذه حقيقة، إذ إنّ وزن لسان الحوت الأزرق يعادل وزن الفيل.
ما مستقبل الحوت الأزرق؟
تتعرض الحيتان الزرقاء إلى خطر الانقراض لعدة عوامل من ضمنها التغيرات المناخية والاصطدام بالسفن، وفي السابق، كانت الحيتان الزرقاء مطمعاً للصيادين للحصول على زيوتها واستخدامها في الأغراض الأخرى، ولكن لم يعد الصيد مهدداً لها كما في السابق، وتسعى المنظمات المعنية بالحفاظ على الطبيعة والحياة البحرية على إنقاذها من خطر الانقراض، إذ تشير التقديرات إلى أنه قد تبقى ما بين 10 إلى 25 ألف حوت أزرق على وجه الأرض.
لماذا علينا الاهتمام بالحيتان الزرقاء؟
يؤدي الحوت الأزرق دوراً حيوياً في السلسلة الغذائية. وعلى الرغم من أنه يتغذى على كميات هائلة من الكريل، فضلاً عن حجمه العملاق، فإنه لا يشكل أي عبء على النظام البيئي، ففضلاته تحتوي على كميات كبيرة من المغذيات أبرزها الحديد، وتعتبر مصدراً مهماً لغذاء الكثير من الكائنات البحرية مثل العوالق النباتية، ما يزيد تكاثر تلك الكائنات، التي تقوم بعملية البناء الضوئي التي تزيل ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ويصبح المحيط أكثر ثراءً وحيوية وكوكب الأرض أكثر صحة.
اقرأ أيضاً: أصغ إلى هذا الحوت القاتل وهو يقول "هيللو" خدمة للعلم!
تُعد الحيتان الزرقاء واحدةً من أكثر الكائنات الحية روعة على سطح الأرض، ووجودها يعني صحة الأرض بمن عليها، والحفاظ عليها ضرورة لا بد منها، يكفي أنها تؤدي دوراً مبهراً في إنقاذنا من تراكم ثاني أوكسيد الكربون في الجو، فتخف وطأة التغير المناخي الذي يهدد سكان الأرض جميعاً.