تعرف على حيوان القيوط بطل الحكايات الشعبية وذئب البراري الذكي

3 دقائق
تعرف على حيوان القيوط بطل الحكايات الشعبية وذئب البراري الذكي
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Steve Byland

إن كنت قد تابعت سلسلة الأفلام المتحركة من "لوني تونز" فقد يكون الحظ التعيس للذئب وايل في مطارداته التي لا تنتهي لإمساك رودرنر قد أثارت ضحكاتك، وتركت في مخيلتك انطباعاً بغباء الذئب رغم مكره وخداعه. في الحقيقة إن الذئب وايل هو من نوع ذئب القيوط، وفي الواقع هو أكثر ذكاءً بكثير مما صورته الرسوم المتحركة، ويتفوق على الطيور بخداعه الدائم لها لاصطيادها. بعد كل شيء هو أحد أقارب الثعلب، البطل الشرير والذكي في  حكايات الأطفال، ويتشاركان العديد من الصفات. فما هو ذئب القيوط وما أهم صفاته؟

ما هو حيوان القيوط؟

القيوط أو كما يُعرف بذئب البراري، وفي اللاتينية (Canis latrans)، هو قريب للذئاب والثعالب وابن آوى، وتنتمي جميعها لعائلة الكلاب (Canidae)، إلا أنه أصغر حجماً منها، وأقل وزناً، حيث يتراوح وزنه بين 9-23 كيلوغراماً، ويتراوح طوله من رأسه حتى الأرداف ما بين 81-94 سم، ويضيف الذيل له نحو 40 سم، كما يتميز بعيون صفراء وآذان كبيرة الحجم بالنسبة لجسمه.

يوجد من القيوط 19 نوعاً فرعياً معروفاً، تختلف بتوزعها الجغرافي وشكلها الخارجي ولون فرائها. قد يكون فراء القيوط رمادياً أو أبيض أو بيناً، ومع لون بني محمر حول القدمين. ينتشر القيوط بشكل أساسي في غرب أميركا الشمالية، إلا أنه استطاع التكيف وعبور الحدود وصولاً إلى كندا شمالاً والمكسيك جنوباً. ومن هذه الأنواع القيوط المكسيكي وقيوط الهندوراس ووادي كاليفورنيا والقيوط الشمالي وغيرها.

على الرغم من كونها تفضل الصحاري والبراري، فإنها استطاعت أن تعيش في الغابات واقتربت من المناطق الحضرية للبشر بمساعدة الإنسان الذي وسع مساحة موائلها من خلال قطع الأشجار وتنمية الزراعة واصطياد منافسيها الطبيعيين من الدببة الرمادية والأسود الأميركية.

النظام الغذائي لحيوان القيوط

يتكون النظام الغذائي للقيوط من الثدييات بنسبة لا تقل عن 90%، إلا أن القيوط يعد حيواناً مفترساً ذكياً وانتهازياً، وليس من الصعب إرضاؤه، إذ يمكنه أن يقتات على الفريسة الأكثر توافراً في بيئته، وتناول أي شيء تقريباً، من الفواكه والحشرات إلى الأرانب والفئران والسناجب والثعابين والطيور والأسماك والضفادع وحتى الغزلان. يصطاد ذئب القيوط الغزال بعضّ أطرافه الخلفية مراراً وتكراراً حتى يسقط، ثم ينقض على عنقه وحلقه حتى يقضي عليه تماماً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لحيوانات القيوط التي تعيش بالقرب من مزارع البشر أن تشكل خطراً على حيواناتها من حملان وعجول ومواشٍ. وفي مواسم القحط، حيث تقل نسبة الفرائس، كما في الخريف والشتاء، يعتمد حيوان القيوط على النباتات مثل أوراق الأرز والتفاح والفراولة أو على الجيف.

تكاثر القيوط: حياة القطيع

يمتد موسم التكاثر لذئاب القيوط خلال الفترة ما بين شباط/ فبراير وآذار/ مارس، وتلد الإناث في الربيع بعد فترة حمل تصل إلى 63 يوماً، تبني خلالها الأنثى أوكاراً لاستقبال ما تلده من جراء صغيرة. تضع أنثى القيوط ما بين 3-12 من الجراء العمياء والعاجزة، تفتح عيونها لتبصر النور بعد 10 أيام وخلال 5 أسابيع تتحول الجراء عن حليب أمها وتخرج من وكرها، وتبدأ مهمة الذكر في إطعامها وحمايتها وتعليمها الصيد حتى تصبح قادرة على الاصطياد بمفردها في الخريف التالي. ومن الحقائق المثيرة للدهشة عن حيوانات القيوط هو ما يفعله الأب لتعليم صغاره الصيد وتسليتهم، إذ قد يجلب لها فئراناً حية لممارسة الصيد. تصبح صغار القيوط ناضجة وجاهزة للتكاثر خلال 20-22 شهراً.

نظرياً يمكن لذئاب القيوط أن تعيش لمدة تصل إلى 21 عاماً، إلا أنها نادراً ما تتجاوز الثماني سنوات في الحياة البرية، بسبب اصطياد الإنسان لها لفرائها أو لحماية الدواجن والمواشي في المزارع، أو نتيجة حوادث الاصطدام، أو لأسباب طبيعية كإصابتها بأحد الأمراض كالجرب وداء الكلب.

سلوك القيوط: حياته الاجتماعية

تشكل ذئاب القيوط عائلات قوية، فهي أحادية الزوج أو الزوجة، أي أن لكل منها شريكاً واحداً يرافقها على مدى حياتها، وتعيش مع عائلتها في قطعان. تتواصل  حيوانات القيوط مع بعضها بطريقة مميزة بالعواء والأنين والصياح، وتتحول في الليل إلى جوقة صاخبة. يعبر ذئب القيوط عن حالته من خلال حركات جسده، إذ يستخدم ذيله وأذنيه تماماً كما في الكلاب للتعبير عن حالته ومزاجه، على سبيل المثال، عندما يشعر القيوط بالخطر والعدائية يصبح جسده مقوساً، وعندما يجتاحه الفضول تجاه شيء ما فإنه يعتمد المشي على رؤوس أصابعه والتخفي.

تعد ذئاب القيوط حيوانات نشيطة، إذ يمكنها السفر لمسافات طويلة بحثاً عن الطعام أو الموئل. وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأنها كائنات ليلية فإنه يمكن رؤيتها نهاراً، وبشكل خاص ذئاب القيوط القريبة من المناطق الحضرية، والتي لا تجد ما يكفيها من الطعام. يمكن للقيوط أن يجري بسرعة تصل إلى نحو 64 كيلومتراً في الساعة، وتمتاز بحواسها الحادة، إذ تمتلك حاستي شم وسمع قويتين، تعتمد عليهما للاصطياد في الغابات والمناطق ذات الغطاء النباتي الكثيف، بينما تعتمد على بصرها في المناطق المفتوحة.

ذكاء القيوط: هل فعلاً ذئب القيوط ماكر ومخادع أم أنه ذكي فقط؟

اشتهر ذئب القيوط في الأماكن الحضرية بذكائه ومكره في التسلل إلى فريسته واصطيادها، والمغادرة دون أن يلحظ أحد ما حدث، كما أنه يتمتع بما يكفي من الذكاء الذي يساعده في اجتياز الأسوار والعقبات التي ينصبها له المزارعون لحماية مواشيهم. أما في البرية فيمتلك ذئب القيوط القدرة على تحديد مصادر الطعام، علاوة على ذاكرته القوية التي تمكنه من تذكر أماكن توفر الطعام وطريق الوصول إليها. ويشتهر القيوط بتكيفه السريع مع ما يتعرض له من ظروف غير مناسبة، هذا هو السبب في أن أعداده في تزايد مستمر ومتسارع، حتى أصبح يشكل آفة في المناطق الحضرية.

استطاع ذئب القيوط بما يتميز به من ذكاء من النجاة حتى يومنا هذا، ليس هذا فحسب بل ازدادت ألفته للبشر حتى أصبح أقل خوفاً منهم مما مضى، وزاد خطره على الحيوانات الداجنة والأليفة. وعلى الرغم من ذلك بقى صوت عوائه الليلي ملهماً للعديد من القصص والروايات الشعبية.

المحتوى محمي