تعّرف على هذا القرش الصغير الذي يأكل الأعشاب

3 دقائق
يتواجد القرش ذو المطرقة المنحنية في المياه الضحلة قرب سواحل أميركا الشمالية والجنوبية.

إذا ما تساءلت يوماً عن النظام الغذائي لأسماك القرش النباتية في فيلم "البحث عن نيمو" Finding Nemo، فيجب أن تسأل سمك القرش ذا المطرقة المنحنية "bonnethead shark". صحيح أن هذا القرش الصغير لا يأكل النباتات فقط، ولكنه يأكل كمية كبيرة من الأعشاب البحرية، كما أنه لا يكتفي بابتلاعها وطرحها بدون هضم أيضاً، كما قال بعض العلماء في اللقاء السنوي لجمعية البيولوجيا المقارنة والمتكاملة الذي عقد مؤخراً في سان فرانسيسكو. وفي الواقع، يمكن للقرش ذي القبعة تفكيك هذه الأعشاب بفعالية عالية، ما يشير إلى أن النباتات جزء هام من النظام الغذائي الغريب لهذا النوع.

يعتبر القرش ذو المطرقة المنحنية (ويسمى أيضاً بالقرش ذي المجرفة) أصغر أفراد عائلة القرش ذي المطرقة، ولا يتجاوز طوله حوالي 91 سنتيمتر. ويبدو جهازه الهضمي مشابهاً لأسماك القرش الأخرى. تقول سامانثا لي، طالبة دراسات عليا في مجال علوم الأنظمة البيئية والبيولوجيا التطورية في جامعة كاليفورنيا، إيرفين، والتي تترأس البحث الجديد: "منذ عشرة أعوام، كنا نفترض أن هذا القرش لاحم مثل أسماك القرش الأخرى".

تغيرت هذه النظرة في العام 2007، عندما تفحص العلماء محتويات أحشاء هذا النوع من أسماك القرش في خليج المكسيك. تقول لي: "في بعض الحالات، كانت هذه المادة النباتية تؤلف أكثر من نصف النظام الغذائي لهذا القرش، ومن الواضح أن هذا غريب للغاية بالنسبة لكائن لاحم".

قررت لي وزملاؤها التأكد مما إذا كان هذا القرش قادراً على هضم الأعشاب البحرية فعلياً، ولهذا قرروا الإمساك بخمسة قروش حية من هذا النوع قرب جزر فلوريدا الصغيرة، وإخضاعها لحمية شبه نباتية لثلاثة أسابيع. استدرجت لي هذه الأسماك لأكل الأعشاب البحرية بإطعامها "لفافات صغيرة من السوشي" كما سمتها، وتقول: "كنت أصنع لفافات من أعشاب البحر وأغلفها من الخارج بطبقة رقيقة للغاية من لحم الحبار، وأقدمها لأسماك القرش، وكانت تلتهمها على الفور".

على الرغم من أن هذا النظام الغذائي كان مؤلفاً من الأعشاب البحرية بنسبة 90%، فقد زاد وزن جميع القروش خلال فترة التجربة. وعندما تفحصت لي مخلفاتها، فوجئت بأنها تمكنت من هضم ما يزيد على نصف المادة النباتية. ما يعني أنها تهضم الأعشاب البحرية بفعالية مماثلة للسلاحف البحرية، والتي تعيش وتتغذى في نفس المناطق، ولكنها عاشبة بشكل شبه كامل.

عثر الباحثون على أنزيمات قادرة على تفكيك المواد النباتية في أحشاء هذه الكائنات، وعند أخذ عينات من دمها، وجدوا ارتفاعاً حاداً في تركيز إحدى المواد الغذائية الموجودة في أعشاب البحر. ما يقترح أن أجساد تلك القروش كانت قادرة فعلياً على الاستفادة من هذه النباتات التي هضمتها.

ينتمي القرش ذو المطرقة المنحنية إلى عائلة القرش ذي المطرقة. وقد قدمت ناشيونال جيوغرافيك التمويل لبعض العلماء لمعرفة ما إذا كان هذا النوع فعلاً من آكلات كل شيء.

تحاول لي معرفة ما إذا كانت البكتيريا في أحشاء القرش ذي المطرقة المنحنية تساعده على هضم الأعشاب البحرية، وتقول: "ربما هناك علاقة تكافلية بين هذا القرش والبكتيريا غير موجودة لدى الأنواع الأخرى من القروش". وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص أبلغوا عن مشاهدة قروش الليمون وهي تمضغ أوراق الأيكة الساحلية (المانغروف mangrove)، فليس هناك دليل فعلي على وجود نوع من القروش يأكل النباتات غير القرش ذي المطرقة المنحنية، كما تقول لي. بل يوجد احتمال أن أسماك القرش ذي المطرقة المنحنية لا تأكل الأعشاب البحرية عن قصد. ومن المرجح أنها تبتلعها أثناء افتراس السرطانات والقريدس والأسماك في مناطق تواجد هذه الأعشاب.

على عكس معظم الأنواع الأخرى من القرش ذي المطرقة، فإن القرش ذي المطرقة المنحنية ليس معرضاً للانقراض بأية درجة. غير أن مناطق انتشار الأعشاب البحرية مهددة بالتلوث، وأعمال البناء، والتغير المناخي. وتعتبر هذه البيئات هامة للغاية للبشر، كما تقول لي: "إنها تزيل ثنائي أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتنتج الكثير من الأوكسجين الذي نتنفسه، وتؤمن موطناً للكثير من أنواع السمك التي نأكلها".

يبدو أن القرش ذي المطرقة المنحنية ليس مجرد مفترس يتحكم بأعداد السمك والسرطانات بحكم موقعه في أعلى الهرم الغذائي. وإذا تمكنا من تحديد الدور الذي يلعبه في النظام البيئي لمناطق انتشار الأعشاب البحرية، فقد نتمكن من تحديد كيفية الحفاظ عليه. تقول لي: "من المهم للغاية أن نفهم كيف تأكل هذه القروش وكيف تعالج هذا الطعام، وما الذي تطرحه وتعيده إلى البيئة في جميع أنحاء العالم".

المحتوى محمي