صل وزن الحوت الأزرق إلى 15 ألف كيلوغرام وطوله إلى 33 متراً، ما يجعله أكبر حتى من أكبر الديناصورات على الرغم من أنه يتغذّى على كائنات حية صغيرة تسمّى أسماك الكريل (ولكن بكميات كبيرة بالطبع). تعتبر الحيتان الزرقاء أكبر الكائنات الحية على الأرض حالياً، وواحدة من أكبر الحيوانات التي عاشت على الكوكب في تاريخه. مع ذلك، وُضعت هذه الكائنات الرائعة على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض منذ عام 1970. تتعرض الحيتان الزرقاء إلى خطر الاصطدام بالسفن والتشابك بشباك الصيد والمعدات الاصطناعية الأخرى. كما أن مصدر غذائها الأساسي، وهو سمك الكريل، يعاني من التراجع لأسباب يمكن إرجاعها إلى تحمّض المحيطات والتغيّر المناخي.
خطوة كبيرة لحماية الحيتان الزرقاء
في محاولة لحماية هذه الجماعات الفريدة من الحيتان العملاقة المهددة بالانقراض من خطر الاصطدام بالسفن، قامت شركة البحر المتوسط للشحن (إم إس سي)، وهي التكتّل الأكبر لشركات الشحن والخدمات اللوجستية في العالم، بإعادة توجيه مسارات الشحن الخاصة بها والقريبة من ساحل سريلانكا في المحيط الهندي. تعتبر الحيتان الزرقاء التي تعيش في هذه المنطقة غير مهاجرة، كما أنها تتمتّع بتصويتات فريدة. ستتبع السفن الآن مسارات تبعد مسافة 27 كيلومتراً عن المسارات التي كانت تتبعها سابقاً تجاه الجنوب.
قال مسؤولو شركة إم إس سي في بيان قامت الشركة بتقديمه إلى موقع إنسايدر: "اتخذت شركة البحر المتوسط للشحن خطوة كبيرة للمساعدة في حماية الحيتان الزرقاء والحيتان الأخرى التي تعيش في المياه قبالة سواحل سريلانكا وتتغذّى فيها، وذلك من خلال تعديل مسارات سفنها بما يتوافق مع النصائح التي قدّمها كلٌّ من العلماء والأطراف المعنية الأخرى في مجال النشاطات البحرية".
اقرأ أيضاً: تعرف على أكبر كائنات الأرض: الحوت الأزرق ملك البحار
جاءت هذه الخطوة كاستجابة لطلب من الصندوق الدولي لرعاية الحيوان ومنظّمة أوشن كير غير الحكومية. وفقاً للصندوق الدولي لرعاية الحيوان، تعيش الحيتان الزرقاء قبالة سواحل سريلانكا على مدار السنة. تمر السفن التي تتّبع مسارات الشحن الدولية الحالية قبالة رأس دوندرا جنوب سريلانكا عبر المنطقة التي تنشط فيها الحيتان بكثافة والتي تقام فيها معظم أنشطة مشاهدة الحيتان.
اصطدام الحيتان بالسفن يسبب موتها بأعداد كبيرة
قالت شارون ليفرمور (Sharon Livermore)، مديرة قسم الحفاظ على البيئة البحرية في الصندوق الدولي لرعاية الحيوان في بيان صحفي: "من خلال إجراء هذه التغييرات البسيطة في مسارات السفن، ستساعد شركة البحر المتوسط للشحن في ضمان سلامة الحيتان الزرقاء المعرّضة للانقراض. تتسبب حوادث الاصطدام بالسفن في موت الكثير من هذه الحيتان، والتي أصبحت جماعاتها مهددة بالخطر. إن حوادث الاصطدام بالسفن هي مشكلة متعلقة بالحفاظ على أشكال الحياة البرية ورعاية الحيوان بنفس الوقت، كما يعتبر موت حتى حوت واحد خسارة كبيرة".
لا يؤثّر هذا التغيير الطوعي الذي قامت به شركة البحر المتوسط للشحن في مسارات سفنها على شركات الشحن الأخرى التي تعمل في تلك المنطقة (مثل هاباغ-لويد وميرسك)، لكن يأمل الناشطون في مجال البيئة أنه سيحفّز الشركات الأخرى على إجراء تغييرات مشابهة دائمة على مسارات الشحن الرسمية. وفقاً للصندوق الدولي لرعاية الحيوان، تبيّن الأبحاث أن تعديل مسارات الشحن سيقلل من خطر حوادث الاصطدام بالسفن بنسبة 95%.
قال نيكولاس إنتراب (Nicolas Entrup)، مدير العلاقات الدولية في منظّمة أوشن كير في بيان صحفي: "إن تغيير مسارات الشحن هو الإجراء الأهم الذي نأمل أن ينقذ جماعات الحيتان الزرقاء في سريلانكا. كما أنه يبيّن للحكومة السريلانكية أن الوقت قد حان لاتخاذ الإجراءات المناسبة وإخراج مسارات الشحن الخاصة بجميع السفن التجارية من مواطن الحيتان الزرقاء".
أعداد آخذة بالانخفاض
في حين أن الصيد التجاري للحيتان محظور في جميع أنحاء العالم، أصبحت الحيتان الزرقاء على وشك الانقراض منذ ستينيات القرن الماضي. ساعد الحظر المفروض على الصيد في انتعاش جماعات الحيتان، لكن أعدادها اليوم لا تزال أقل مما كانت عليه قبل البدء في صيدها. تشير التقديرات إلى أن أعداد الحيتان الزرقاء تراوحت بين 200 ألف و300 ألف حوت قبل انتشار الصيد التجاري. ووصلت أعداد هذه الحيتان إلى 2300 حوت فقط في 1998. تنمو جماعات الحيتان الزرقاء بمعدّل يبلغ 7% سنوياً.
يشكّل الاصطدام مع السفن خطراً على عدد من أنواع الحيتان الأخرى، وليس فقط الحيتان الزرقاء. تعاني حيتان شمال الأطلسي الصائبة من حوادث التصادم مع السفن بشكل خاص؛ إذ وثّقت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي 4 حوادث تصادم مميتة (والتي تتسبب بالموت أو الإصابات الخطيرة) في المياه التابعة للولايات المتحدة خلال العامين والنصف الماضيين.
اقرأ أيضاً: الحيتان القاتلة تفترس الحيتان الزرقاء أكبر مخلوقات الأرض
يوجد أقل من 350 حوت من هذا النوع في المناطق البرية. كما أن هذه الحيتان لا تتكاثر بسرعة كافية لتحافظ على أعداداها. في يوليو/ تموز 2022، اقترحت خدمة المسامك البحرية الوطنية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إجراء تغييرات على قواعد سرعات السفن بهدف "تقليل خطر كل من وفيات الحيتان الصائبة المهددة بالانقراض وإصاباتها الخطيرة الناتجة عن التصادم مع السفن"، حسب تعبير مسؤولين من خدمة المسامك البحرية الوطنية. تنص التغييرات المقترحة على توسيع المناطق التي يتم فيها تقييد سرعات السفن موسمياً على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة وزيادة مدة تطبيق هذه القيود، بالإضافة إلى توسيع قيود السرعات الإلزامية والتي تبلغ 10 عُقد أو أقل لتشمل معظم السفن التي تتراوح أطوالها بين 10 و19 متراً.