لو بحث سلاحف النينجا الخياليون عمّن يساعدهم في مواجهة عدوهم اللدود شريدر في شوارع نيويورك، لما وجدت أفضل من الأنواع المكتشفة حديثاً من السلاحف البحرية القديمة. سلحفاة "ليفياثانوشيليس آينيغماتيكا" (Leviathanochelys aenigmatica) هي أحدث نوع تم اكتشافه من السلاحف التي تنتمي إلى جنس السلاحف المنقرض الذي يُدعى "أركلون" (Archelon)، والذي يضم عدة أنواع من السلاحف التي يمكن أن يصل طولها إلى 5 أمتار، ووزنها إلى نحو 3 أطنان، أي أكثر من وزن فرس النهر.
سلاحف عملاقة تجولت في البحار بنهاية العصر الطباشيري
كان النوع المكتشف حديثاً، والموصوف في تقرير نُشر مؤخراً في مجلة "ساينتفيك ريبورتس"، يتجول في البحار المحيطة بقارة أميركا الشمالية الحالية خلال نهاية العصر الطباشيري، أي منذ نحو 145 إلى 66 مليون سنة.
اقرأ أيضاً: ماذا حدث للحيوانات العملاقة التي كانت تعيش في الماضي على جزيرة مدغشقر؟
يقول المؤلف المشارك في التقرير وباحث ما بعد الدكتوراة في جامعة برشلونة المستقلة في إسبانيا، ألبرت سيليس، لمجلة العلوم للعموم (PopSci): «كان اكتشاف نوع جديد من السلاحف مفاجئاً بحد ذاته. عادةً ما كنا نعثر على عظام الديناصورات في شمال شرق إسبانيا، وبعضها كبير حقاً، ولكننا لم نعثر حتى الآن على بقايا أحفورية لحيوان بحري أو حتى لمخلوق أقل حجماً من الديناصورات».
وفقاً لسيليس، وجد أحد المتنزهين شظايا عظمية بالقرب من قرية "كول دي نارجو" الصغيرة في كاتالونيا في أغسطس/ آب عام 2016، واستمر استخراج البقايا حتى عام 2021. احتوت الحفرية المكتشفة على شظايا من حوض عظمي ولكنه شبه مكتمل بالإضافة إلى أجزاء من القشرة العلوية التي تُدعى "الذُبل" (carapace)، وهي بمثابة درع قاسية تحمي الحيوان. يقدر مؤلفو الدراسة أن عمر العينات يعود إلى العصر الكامباني في العصر الطباشيري، تقريباً منذ 83.6 إلى 72.1 مليون سنة مضت.
استطاع الفريق تقدير حجم السلحفاة من خلال حجم الحوض العظمي: كانت سلحفاة عملاقة تتوافق مع سلاحف جنس أركلون الضخمة.
يقول سيليس: «ربما يكون حجم ليفياثانوشيليس آينيغماتيكا هو السمة الأكثر إثارة للدهشة. مع طول جسمها الذي يصل إلى 3.7 متر، فإنها واحدة من بين أضخم ثلاث سلاحف بحرية تعيش الأرض على الإطلاق». لا يزال الباحثون يعملون لمعرفة الأسباب التطورية التي كانت وراء وصول هذه السلحفاة إلى هذا الحجم الهائل.
حتى الآن، لم يتم اكتشاف أي سلحفاة بحرية أوروبية معروفة، لا منقرضة ولا حية، تمتلك قوقعة ويبلغ طولها أكثر من 1.5 متر.
اقرأ أيضاً: بعض الزواحف المائية القديمة ازدادت أحجامها كثيراً وبسرعة فائقة
البحث عن دورها في السلسة الغذائية
هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لمعرفة المزيد حول ما النظام الغذائي لهذه السلحفاة، ومن كان يتغذى عليها أيضاً. قد يكون هناك دليل صغير على الحيوانات التي كانت تفترسها. يقول سيليس في هذا الصدد: «من المحتمل أن أسماك القرش كانت تفترسها، ولكن لا يزال من المبكر الجزم بهذه الفرضية. يستند هذا التخمين إلى حقيقة أن القشرة تُظهر بعض العلامات الغريبة التي يمكن أن تكون ناتجة عن عضات القرش، حيث عُثر على أحد أسنان القرش بالقرب من الهيكل العظمي للأحفورية».
يقول التقرير إن هذا الاكتشاف يُظهر أن العملقة في السلاحف البحرية تطورت بشكل مستقل في مجموعات مختلفة في أوروبا وأميركا الشمالية، حيث تم العثور على حفريات من نوعي السلاحف المنقرضة "كتينوشيليس آكريس" (Ctenochelys acris) و"بيريتريسوس أورناتوس" (Peritresius ornatus) وغيرها من السلاحف البحرية القديمة. لقد كان من الصعب على العلماء الاتفاق بشأن الدور الذي لعبته هذه الحيوانات في التاريخ التطوري للسلاحف البحرية، وسيساعد هذا الاكتشاف في سد هذه الفجوات. أكبر السلاحف البحرية التي تعيش اليوم هي السلاحف جلدية الظهر الضخمة (Dermochelys coriacea). يمكن أن يصل طول أكبر هذه السلاحف إلى 1.82 متر، أي نصف طول سلحفاة ليفياثانوشيليس آينيغماتيك، ويمكن أن يصل وزنها إلى 900 كيلوغرام.
اقرأ أيضاً: ما هو الهدف من مشروع إيكاروس لإنشاء خريطة حية لحيوانات الأرض؟
يقول سيليس أخيراً: «من الأشياء الجميلة في علم الحفريات هو أن كل اكتشاف جديد يمثل تحدياً جديداً. ومع كل اكتشاف، وكأننا نحل أحجية صورة مقطوعة عملاقة، نعيد اكتشاف تاريخ كوكبنا الغابر».