ابتكار روبوت سمكة يمكنها إخافة الأسماك الغازية

3 دقائق
روبوت سمكة
حقوق الصورة: جيوفاني بولفريني.

تشكل أسماك البعوض الغازية تهديداً لشراغيف الضفادع والمجتمعات البرمائية الأخرى حول العالم. ومن المعروف أن سمكة البعوض الشرقية على وجه الخصوص تتغذى على بيوض البرمائيات وتضايق شراغيف الضفادع، بالإضافة إلى ذلك، تتنافس بقوة مع الأسماك المحلية على الغذاء والمساحة.

أسماك البعوض: ساهمت في المكافحة الطبيعية للبعوض لكنها أصبحت مشكلة

في أوائل القرن العشرين، اعتبرت أسماك البعوض وسيلة فعالة وغير مكلفة للسيطرة على تجمعات البعوض والحد من انتشار الأمراض مثل الملاريا، وذلك من خلال تغذيها على بيوض البعوض ويرقاتها التي تعيش في الماء. لكن الأمور أخذت منحىً سيئاً بسرعة عندما بدأت هذه الأسماك في إزاحة الأنواع المحلية والانتشار خارج المناطق التي أُدخلت إليها، والتغذي على ما لم يكن من المفترض أن تتغذى عليه.

أصبح التعامل مع هذه الأسماك الغازية تحدياً حقيقاً اليوم. يُنصح الناس بقتل هذه الأسماك عند رؤيتها، ولكن لا توجد طريقةٌ فعالة ومستخدمة على نطاق واسع للسيطرة على أعدادها. لكن باحثين من جامعة أستراليا الغربية وجامعة نيويورك تاندون يحاولون تجربة تكتيك جديد لإبعاد هذه الأسماك وإبقائها تحت السيطرة، وذلك عن طريق استخدام سمكة روبوتٍ متنكرة كمفترسٍ لسمكة البعوض. أظهرت الدراسة الجديدة التي نشرها هؤلاء الباحثون في دورية «آي ساينس» يوم الخميس الماضي أن مجرد وجود مفترس كان كافياً لتغيير سلوك سمك البعوض، وبالتالي حماية شراغيف الضفادع منها.

لاختبار نجاح هذا التكتيك، صنع الباحثون حيواناً مفترساً آلياً يشبه سمك القاروس كبير الفم ويتحرك مثله، حيث يُعتبر هذا السمك المفترس الطبيعي الرئيسي لسمك البعوض. كان هذا التكتيك اختباراً لبعض ديناميكيات النظام البيئي.

درس الفريق في الاختبارات السابقة العلاقة بين المفترس المزيف وسمكة البعوض فقط. باختصار، كشفت تلك الاختبارات أنه حتى التعرض قصير الأمد للمفترس المزيف أبقى سمك البعوض متوتراً وقلقاً بشكلٍ يستنزف طاقته وصحته. ضمّن الباحثون في تجاربهم شراغيف الضفادع من نوع «Litoria moorei» أيضاً ليختبروا  مدى نجاح تأثير هذا التكتيك.

جمع الفريق عدداً متساوياً من كلّ من أسماك البعوض وشراغيف الضفادع من موائلها البرية ووضعوها في 12 حوض مياه، وراقبوا كيفية تفاعلها مع بعضها البعض. ثم قاموا بنقل كل مجموعة إلى منطقة المياه التجريبية.

راقب الباحثون سلوك سمك البعوض والشراغيف لمدة أسبوع في المياه التجريبية، وفي الأسابيع الخمسة التالية، اختاروا مجموعاتٍ عشوائية كمجموعات تحكّم، بينما قاموا بتعريض مجموعاتٍ أخرى للمفترس الروبوتي.

روبوت السمكة غيّر سلوك سمك البعوض

تحتوي سمكة الروبوت على نظام رؤية حاسوبي يسمح لها بالتمييز بين أسماك البعوض والضفادع الصغيرة، وتتحرك في المياه بواسطة آلية مغناطيسية مثبتة أسفل حوض المياه، وتمت برمجتها بحيث تندفع نحو سمكة البعوض عندما تقترب من شراغيف الضفادع.

سمكة روبوت
حقوق الصورة: جامعة غرب أستراليا.

وثق الفريق ديناميكيات المجموعة في حوض المياه مع المفترس الآلي وبدونه قبل أن يقوموا بإزالة جميع المفترسات الآلية في الأسبوع الأخير من التقييمات السلوكية.

قام الفريق بقياس طول كل سمكة بعوض قاموا باختبارها ووزنها وتقييم شكلها في بداية التجربة، ثم قاموا بذلك مرةً أخرى في نهاية التجربة. كما قاموا بفحص الحيوانات المنوية وبويضات الأسماك كمؤشر على خصوبتها. وجد الباحثون في النهاية أن مجرد وجود مفترسٍ بين أسماك البعوض يمكن أن يكون له تأثير على ديناميكيات النظام البيئي. لقد عانت سمكة البعوض الشرقية، والتي لا تستطيع إدراك أن سمكة القاروس المفترسة ليست حقيقية ولا يمكن لها أن تؤذيها، عانت من الإجهاد والقلق والخوف بمجرد وجود هذه الأسماك الآلية في محيطها. في بعض الأحواض التي يوجد بها المفترس الآلي، أكلت أسماك البعوض أكثر، لكنها بدت أقل طاقةً وحيوية بشكلٍ عام، وفقدت بعض وزنها وتغيرت أشكال أجسامها وانخفضت خصوبتها.

كتب المؤلفون في الورقة البحثية: «يشير ذلك إلى أن أسماك البعوض التي تعرضت للمفترس الآلي تستهلك قدراً أكبر نسبياً من الطاقة للدفاع عن نفسها ضد الحيوانات المفترسة، وكان ذلك على حساب احتياطيات الطاقة والتكاثر لديها. والأهم من ذلك، بدا أن الخطر المحسوس قد دفع أسماك البعوض إلى تغيير سلوكها العدائي تجاه شراغيف الضفادع وتركها وشأنها».

يقول جيوفاني بوليفيرينو، مؤلف الدراسة، لصحيفة نيويورك تايمز: «لن تكون هذه الدراسة حلاً للمشكلة، لكن تجربة المفترس الآلي ساعدتنا على كشف نقاط ضعف هذه الآفة ومما تخاف، وبالتالي يمكننا استنباط طرقٍ أخرى يمكن أن تنجح بشكلٍ أفضل على أرض الواقع في البرية».

المحتوى محمي