تعتبر كفاءة الحيوانات في تبريد أجسامها من العوامل التي تؤثر في سرعة تحركها، سواء كانت من الحيوانات الطائرة أو التي تعيش على البر أو في الماء. وجدت دراسة نُشرت بتاريخ 18 أبريل/ نيسان 2023 في مجلة الوصول المفتوح بلوس بايولوجي (PLOS Biology) أن سرعة تحرّك الحيوانات، وخاصة التي تزن أكثر من طن واحد، مقيّدة بكفاءة هذه الحيوانات في التخلص من الحرارة الإضافية التي تولدها العضلات.
القدرة على الحركة كعامل بقاء
تعتبر القدرة على التحرك عاملاً حاسماً في بقاء العديد من الحيوانات، ويمكن أن تحدد مجموعة معينة من السمات الجسدية المسافة التي تستطيع الحيوانات قطعها في الهجرة والمواقع التي يمكن أن تجد الطعام فيها. تعاني الحيوانات تحديات تزداد صعوبة في التحرك في العالم الذي يهيمن عليه البشر، مع تزايد عدد المواطن المجزأة وتراجع موارد الغذاء والماء نتيجة للتغير المناخي.
اقرأ أيضاً: سلسلة الشتاء: الهجرة أو كيف تنجو الطيور من برد الشتاء
استخدم الباحثون في الدراسة الجديدة بيانات 532 نوعاً من الحيوانات لتصميم نموذج حاسوبي بهدف فحص الارتباط بين حجم الحيوان وسرعة تحركه، واستخدموا أجهزة التعقب الرادارية أو المستمدة من مقاطع الفيديو لجمع بيانات الحيوانات الحرة الحركة في البرية، واستثنوا بيانات الدراسات التي أجريت على الحيوانات الأسيرة.
كلما ازداد وزن الحيوان ازدادت سرعة تحركه، حتى يصل الوزن إلى طن واحد، فتستقر سرعة التحرك عند هذا الحد وتبدأ بالانخفاض بعد ذلك. عند النظر في التفسيرات المحتملة لانخفاض سرعة هذه الحيوانات، استنتج الباحثون أن الحيوانات الأكبر حجماً اضطرت إلى تخفيف سرعتها لتجنّب رفع درجة حرارتها،
ولاحظوا الأنماط نفسها في الحيوانات المائية على الرغم من أن العيش في الماء يمكن أن يساعد على تبريد الجسم. بيّنت النتائج أن الحيوانات المتوسطة الحجم مثل الذئاب هي الأسرع في الحركة المستمرة على مدى فترة مطولة.
ما علاقة حرارة الجسم بسرعة الحركة؟
قال عالم الأحياء في المركز الألماني لأبحاث التنوع الحيوي التكاملية والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، ألكسندر داير (Alexander Dyer)، في بيان صحفي: "تقّدم الدراسة الجديدة طريقة لفهم مقدرات مختلف أنواع الحيوانات على الحركة، ويمكن استخدام النموذج الذي صممناه لتقدير سرعة تحرك أي حيوان بناءً على حجمه. على سبيل المثال، يمكن تطبيق هذا النهج للتنبؤ بما إذا كان الحيوان قادراً على التنقل بين المواطن التي تجزأت بسبب النمو البشري، حتى عندما تكون التفاصيل الحيوية المتعلقة بهذا الحيوان مجهولة".
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك مراقبة حركة هجرة الطيور اعتماداً على بيانات الطقس؟
من الناحية النظرية، ستؤثر درجات الحرارة المتزايدة نتيجة للتغير المناخي في جميع الحيوانات وليس فقط الحيوانات الكبيرة. يطوّر بعض الحيوانات أجساماً أصغر حجماً بالفعل بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كانت الفترة بين عامي 2014 و2022 الأعوام الثمانية الأدفأ في تاريخ الأرض.
قالت عالمة الأحياء في المركز الألماني لأبحاث التنوع الحيوي التكاملية والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، ميريام هيرت (Myriam Hirt)، في بيان صحفي: "نتوقع أن تكون الحيوانات الكبيرة أكثر عرضة مما اعتقد العلماء من قبل لآثار تجزؤ المواطن في المناخ الأدفأ، ما يجعلها أكثر عرضة لخطر الانقراض. ولكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات للتأكد من دقة هذه التوقعات".