وجدت دراسة صدرت في دورية «Bulletin of Marine Science» اختلافات كبيرة بين أخطبوطين من نفس النوع. وأفادت الدراسة أنه في مجموعة مكونة من 50 أخطبوط من فصيلة «Graneledone pacifica»، أصبح حجم هذه الأخطبوطات أصغر وصارت مكسوة أكثر بالثآليل -نتوءات جلدية زهرية اللون- كلما زاد العمق الذي تعيش فيه، في نطاق يقع بين 1115 متر و 2743 متر.
رصدت «جانيت فويت»، المنسقة المساعدة في المتحف الميداني في شيكاغو وواحدة من الباحثين في هذه الدراسة، أول عينة من مجموعة الأخطبوط في عام 1994، ولكن عندما تمكنت من معاينة موطنها الطبيعي من داخل مركبة «ألفين» المائية، احتارت من مدى الاختلاف والتشابه بينها.
في البداية، تساءلت عما إذا كان ثمة مجموعتين منفصلتين، لذلك بدأت في تحديد عدد الثآليل حسب العمق التي تعيش فيه هذه الأخطبوطات. في رسالة بالبريد الإلكتروني موجهة إلى الموقع، كتبت فويت: «فوجئت بمعرفة أن الاختلاف له علاقة بالعمق الذي تعيش فيه هذه الكائنات». وأضافت أنها كتبت نسخة من البحث، تفيد بأن الأمر يتعلق بنوعين متمايزين من الأخطبوطات، وأعربت عن سرورها لأنها لم ترسلها للنشر. وأثبت تحليل الحمض النووي لاحقاً أنها تنتمي إلى النوع نفسه، على الرغم من اختلافها في الحجم ونسيج الجلد.
يقول «مايكل فيكيوني»، المسؤول عن رأسيات القدم في متحف سميثسونيان للتاريخ الطبيعي، إن الدراسة تُظهر ضرورة توخي الحذر عند الاستناد إلى عينات صغيرة. ويضيف: «حقيقة اختلاف هذه الأخطبوطات حسب أماكن عيشها قد تدفعنا للقفز إلى استنتاج مفاده أنها أنواع مختلفة. يمكن أن يطبق هذا الاستنتاج على أي نوع نادر ترصد منه عينات صغيرة فقط وفي أماكن منفصلة بعضها عن بعض». ولكن الدراسة تظهر أن البيئة قد تكون السبب وراء تلك الاختلافات.
يتساءل الباحثون عن السبب الذي يؤدي إلى تغير نسيج جلد هذه الأخطبوطات كلما زاد العمق الذي تعيش فيه وكذا الغرض من الثآليل التي تغطي سطحها. أما الحجم، فتقول فويت إن السبب يرجع ربما إلى قلة الطعام في أعماق المحيطات. تؤدي قلة كميات الطعام إلى صغر حجم الإناث، مما قد يؤدي إلى صغر حجم بيوضها. وتضيف فويت إن نسيج جلد الأخطبوطات قد يتأثر أيضاً بحجم الإناث.
تقول «جيني هوفميستر»، الباحثة بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو، التي تدرس سلوك الأخطبوطات وبيئتها، إن الأخطبوطات تخالف توقعاتنا كلما سبرنا أعماق المحيط. وتضيف: «تستجيب الأخطبوطات لتغير بيئتها أسرع بكثير من الحيوانات الأخرى التي نعرفها. التركيز على الأخطبوطات التي تعيش في أعماق البحار والاختلافات بينها حسب العمق والبيئة التي تعيش فيها يمنحنا نظرة أشمل لكيفية استجابتها للتغيرات في بيئتها».
تريد فويت أن تدرس تركيبة الثآليل التي تغطي جلد هذه الأخطبوطات وتقارنها مع أنسجة أنواع أخرى تعيش في أعماق البحار. وتقول بهذا الصدد: «نجهل الكثير عن أعماق البحار، وكل فرصة مواتية لمعرفة المزيد عن ما يجري فيها تكشف لنا كيف تزدهر الحيوانات في تلك الأعماق السحيقة».