تتعرض الغابات الصنوبرية في جميع أنحاء أوروبا لتهديد خطير، حيث تسهم درجات الحرارة المرتفعة وموجات الجفاف في الصيف في ارتفاع أعداد خنافس لحاء أشجار التنوب الأوراسية (Ips typographus)، ما يؤدي في النهاية إلى القضاء على هذه الأشجار. وتحاول الهيئات المسؤولة عن إدارة الغابات الإسراع في حل هذه المشكلة.
ففي يوليو/ حزيران 2022، أطلقت هيئة الغابات في المملكة المتحدة برنامجاً إدارياً جديداً للتعامل مع حالات تفشي الخنافس ومكافحة انتشارها في المستقبل، لا سيّما في جنوب غرب إنجلترا. فقدت ألمانيا وحدها نصف مليون هكتار من الغابات منذ عام 2018، حيث تضررت أشجار التنوب بشدة من هذه الحشرات، التي تسمى أيضاً خنافس اللحاء الأوروبية.
اقرأ أيضاً: نوعٌ من الخنافس طوّر طريقة بارعة لحماية البكتيريا في أثناء تحوله
كيف تدمر خنافس اللحاء الأوروبية الأشجار؟
تحفر هذه الخنافس الصغيرة ثقوباً في لحاء أشجار التنوب النرويجية، وبمجرد دخولها، تتزاوج وتضع بيضها. ويبدو أن هذه الخنافس تفضّل مهاجمة أشجار التنوب المصابة بالفطريات الجذرية، مثل فطريات غروسمانيا بنيسيلاتا (Grosmannia penicillata)، التي تضعف الأشجار وتدمّر دفاعاتها الكيميائيةـ وهذا يسمح للخنافس بالتكاثر بنجاح داخل اللحاء.
في دراسة نشرت في 21 فبراير/ شباط في مجلة بلوس بيولوجي (PLoS Biology)، درس فريق من الباحثين الإشارات الكيميائية التي تستخدمها الحشرات لتحديد الأشجار العائلة (المضيفة) المصابة بالفطريات. كما أجرى الفريق تجارب مخبرية على خنافس اللحاء وعيّنات من لحاء أشجار التنوب النرويجية.
وقد أظهرت التجارب أن الفطريات تحلّل المواد الكيميائية الموجودة في راتنج لحاء الأشجار، المعروفة باسم مونوتيربين (monoterpenes)، إلى مركّبات جديدة، مثل الكافور والثوجانول. ووجدوا أيضاً أن هذه المركّبات تتحكم بالخليط الكيميائي المنبعث من عيّنات اللحاء بعد 12 يوماً من الإصابة.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة تسجيلات خلية واحدة من الخلايا العصبية الحسية في قرون الاستشعار للخنافس أن هذه الحشرات يمكنها التعرف إلى مركّبات الكافور والثوجانول، وفي التجارب السلوكية انجذبت الخنافس إلى اللحاء الذي يحتوي على هذه المركّبات، التي قد تسمح للخنافس باكتشاف الفطريات وتحديد الأشجار المناسبة للتغذية والتكاثر.
اقرأ أيضاً: اكتشاف أكثر من مائة نوع جديد من الخنافس على جزيرة واحدة!
خطط حماية الغابات الصنوبرية
وفقاً لمؤلفي الدراسة، فإن فهم الدور الذي تؤديه هذه المركّبات الكيميائية في هجمات خنفساء اللحاء يمكن أن يساعد في وضع استراتيجيات أفضل لمكافحة الآفات وحماية الصنوبريات الأوروبية من تفشي الأوبئة في المستقبل.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة، جوناثان غيرشينزون، عالم الكيمياء الحيوية من معهد ماكس بلانك لعلم البيئة الكيميائية في ألمانيا في بيان صحفي: "تساعد الفطريات خنافس اللحاء في مهاجمة الملايين من أشجار التنوب كل عام في أوروبا والقضاء عليها، حيث اكتشفنا أن هذه الفطريات تحوّل المركبات المتطايرة من راتنج أشجار التنوب إلى نواتج تكون بمثابة إشارات لخنافس اللحاء للعثور عليها".