الرخويّات ذات الصدفتين هي حيوانات مميزة؛ إذ تُعد شعاب المحّار وسيلة حماية طبيعية ضد العواصف، ويتعلّم العلماء المزيد عن جينومات هذه الكائنات الصغيرة الغريبة. وجدت دراسة نُشرت بتاريخ 15 أغسطس/ آب 2023 في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications) أن المئات من أنواع الأسماك الصدفية التي يصيدها البشر تميل إلى أن تكون أكثر مقاومة للانقراض.
لماذا تكون الرخويات ذات الصدفتين أقل عرضة للانقراض؟
وجد فريق المؤلفين أن البشر يصيدون من نحو 801 نوعاً من ذوات الصدفتين، وهو رقم يضيف 720 نوعاً إلى الأنواع الـ 81 المدرجة في قاعدة بيانات الإنتاج الخاصة بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. حدد الفريق السمات مثل التنوع الجغرافي والقدرة على التكيّف التي تجعل هذه الأنواع مناسبة لمجال تربية الأحياء المائية. يميل البشر إلى صيد ذوات الصدفتين الكبيرة الحجم التي تعيش في المياه الضحلة وتنتشر عبر منطقة جغرافية واسعة وتتمتّع بالقدرة على البقاء على قيد الحياة ضمن مجال واسع من درجات الحرارة.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد ممارسات السكان الأصليين الزراعية في حماية المحار الملزمي من تحمض المحيطات؟
عاملا المناطق الجغرافية والتكيّف مع المناخ هما اللذان يجعلان أنواع الرخويات ذات الصدفتين الأكثر استخداماً من قبل البشر أقل عرضة لأحداث الانقراض التي تسببت بزوال الأنواع المختلفة في الماضي. تعيش الأنواع مثل المحار الشرقي في مجموعة متنوعة من المناخات في جميع أنحاء العالم، وتسود في هذه المناخات مختلف مجالات درجات الحرارة. تعزز هذه القدرة على التكيّف قدرة هذه الأنواع على تحمّل بعض العوامل الطبيعية التي تؤدي إلى للانقراض. مع ذلك، فإن زيادة الطلب على هذه الأنواع من البشر يمكن أن يعرضها هي وأنظمتها البيئية للخطر.
قال عالم الجيولوجيا الباحث في معهد سميثسونيان والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدية، ستيوارت إيدي، في بيان صحفي: "نحن محظوظون لأن الأنواع التي نتغذّى عليها تميل أيضاً إلى أن تكون أكثر مقاومة للانقراض. مع ذلك، يمكن أن يغيّر البشر البيئة في فترة قصيرة من وجهة نظر الجيولوجيا، وعلينا إدارة هذه الأنواع على نحو مستدام حتى تظل متوافرة للأجيال القادمة".
مخاطر تهدد الرخويات ذات الصدفتين
تصفّي الرخويات ذات الصدفتين المياه وتمثّل غذاءً للبشر منذ آلاف السنين. حصدت قبيلة كالوسا الأصلية ما يُقدّر بنحو 18.6 مليار محارة في خليج إستيرو في ولاية فلوريدا الأميركية على نحو مستدام، وشيّدت جزيرة كاملة وأكواماً من الأصداف بارتفاع 9 أمتار. مع ذلك، هناك حالات من الصيد الجائر والاستغلال المفرط من قبل المستعمرين الأوروبيين تقابل الاستخدامات المستدامة لتربية الأحياء المائية ذات الصدفتين. أدت هذه الممارسات إلى انهيار جماعات المحّار في خليج تشيسابيك في ولاية ماريلند وخليج سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة وخليج بوتاني بالقرب من مدينة سيدني في أستراليا.
اقرأ أيضاً: رحلة مميتة لبطيئات المشية مع الحلزون بحثاً عن ظروف أفضل
قال عالم البيئات الكبيرة في جامعة برمنغهام والمؤلف المشارك في الدراسة، شان هوانغ، في بيان صحفي: "من المثير للسخرية إلى حد ما أن بعض السمات التي تجعل أنواع الرخويات ذات الصدفتين أقل عرضة للانقراض، مثل حجمها الكبير وحقيقة أنها تعيش في المياه الضحلة في منطقة جغرافية أوسع، يجعلها أيضاً غذاءً مرغوباً. بالتالي، يمكن للتأثيرات البشرية التسبب بانقراض الأنواع العالية التكيّف على نحو غير متناسب. يمكن استخدام الصيد المسؤول لتعزيز تنوّع الأنواع التي يصيدها البشر وتجنّب التسبب بانقراضها كما حدث مع طيور الدودو، وذلك من خلال تحديد هذه الأنواع وجعلها معروفة على مستوى العالم".
يأمل الفريق أن تساعد البيانات التي جمعها على تحسين كفاءة القرارات المستقبلية المتعلقة بالحفاظ على هذه الأنواع وطرق إدارتها، لا سيما بيانات قائمة المناطق التي تعيش فيها والأنواع المعرضة للانقراض بصورة خاصة. يعتقد المؤلفون أيضاً أن هذه القائمة الجديدة قد تساعد على تحديد الأنواع التي يجب دراستها أكثر لتقدير خطر الانقراض الحالي بدقة تامة.
اقرأ أيضاً: 8 كائنات صغيرة ستجعلك تحلم بالمحيط
قال إيدي: "نريد استخدام ما تعلمناه من هذه الدراسة لتحديد أنوع الرخويات ذات الصدفتين التي يصيدها البشر والتي لم نحددها من قبل. يجب علينا التوصل إلى فهم كامل للأنواع التي يصيدها البشر لإدارة جماعات هذه الرخويات بفعالية".