لطالما كان البوم من الحيوانات المحبوبة التي تمثّل الحكمة والمعرفة. ما عليك سوى تخيّل شخصية مستر آول التي ظهرت في إعلانات الحلوى القديمة أو البومة التي تقدّم النصح لشخصية ويني ذا بو. قبل آلاف السنين، يبدو أن البشر بجّلوا البوم أيضاً من خلال صنع نقوش نحاسية لهذه الطيور على القطع الفنية التي وجدت في شبه جزيرة أيبيريا.
ألواح قديمة منقوشة بصور البوم
فحص فريق من الباحثين في إسبانيا 4 آلاف لوحة منقوشة عليها أشكال تشبه البوم، تحتوي كل من هذه اللوحات على دائرتين منقوشتين تمثلان عيني البومة وجسماً، وتعود إلى العصر النحاسي الذي امتد بين 5500 و4750 سنة مضت. تم إيجاد اللوحات في مقابر وحفر عبر إسبانيا والبرتغال، وتم وصف هذا الاكتشاف في دراسة نُشرت بتاريخ 1 ديسمبر/ كانون الأول 2022 في مجلة ساينتفيك ريبورتس.
اقرأ أيضاً: التنين أسطورة أم حقيقة؟ خبراء الزواحف وعلم الأحافير يدلون برأيهم
قال مؤرخ الفن في جامعة كومبلوتنسي في مدريد والمؤلف المشارك للدراسة، فيكتور دياز (Víctor M. Díaz)، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لموقع بوبساي (PopSci، العلوم للعموم): "إن تشابه هذه اللوحات مع أنواع البوم التي تعيش في هذه المنطقة لا ريب فيه"، وأضاف: "قادنا ذلك، بالإضافة إلى احتمالية استخدام هذه اللوحات من قبل الأطفال كألعاب ودمى، لافتراض أنها صُنعت من قبل الأطفال بهدف التعليم ولاستخدامها لاحقاً في ألعابهم".
فحص الباحثون 100 لوحة وقاموا بتصنيفها على مقياس من 1 إلى 6 بناءً على 6 من صفات البوم التي عكستها. وتضمنت هذه الصفات وجود العينين والريش المخطط والخُصل المريّشة والأوجه المسطحة والأجنحة والمناقير. بعد ذلك، قارن الباحثون بين هذه اللوحات و100 صورة حديثة للبوم تم رسمها من قبل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و13 عاماً.
قال دياز: "التشابه بين اللوحات ورسوم الأطفال لافت للنظر بحق"، وأضاف: "إحدى الحقائق التي تكشفها هذه اللوحات لنا عن الأطفال في ذلك العصر هي أن انطباعهم عن البوم يشبه إلى بعيد انطباع الأطفال اليوم عنها، وذلك إن لم يكن مطابقاً تماماً. تمثّل هذه اللوحات أيضاً دليلاً علمياً على الطريقة التي يمكن بواسطتها اكتساب المهارات اليومية المفيدة في سياق تعليمي لا يهدف بالضرورة للإنتاجية".
اقرأ أيضاً: هل تستحق الغربان هذه السمعة السيئة؟
ازداد تشابه رسوم الأطفال مع البوم بازدياد عمر الأطفال وتحسّن مهاراتهم الحركية.
استخدامات الألواح
لاحظ الباحثون أيضاً وجود ثقبين صغيرين في الجزء العلوي من العديد من اللوحات، ولكنّهم لا يعتقدون أن هذه الثقوب استخدمت لتعليق اللوحات. بدلاً من ذلك، من المحتمل أنه تم وضع الريش في هذه الثقوب لتشبيه اللوحات ببعض أنواع البوم التي تمتلك خصلاً مريشة على رؤوسها، مثل البوم طويل الأذن (البومة الأذناء).
من المحتمل أن هذه اللوحات أدت أدواراً مختلفة في ذلك العصر؛ من استخدامها في اللعب أو التعليم أو بعض الطقوس إلى تمثيلها صوراً لآلهة قديمة. ربما صنعت هذه اللوحات لشغل الأطفال وتدريبهم على مهارة مفيدة بنفس الوقت، وربما كان صنعها يمثّل طريقة استخدمها البالغون لتحديد الأطفال الموهوبين في النقش.
اقرأ أيضاً: قدرة الطيور على الطيران قد تحدد شكل بيوضها
تفيد هذه اللوحات أيضاً في الربط بين الحياة الحديثة وحياة ما قبل التاريخ، لا سيما في إظهار أن كلا المجتمعين لهما جوانب مرحة ويهتمان بالجماليات.
قال دياز: "يبيّن افتراضنا أن البشر المعاصرين ليسوا مختلفين كثيراً عن أسلافهم".