قد تبدو حشرة عيدان جزيرة لورد هاو أكثر شبهاً بجراد البحر من الحشرات. يمكن أن يصل طول هذا المخلوق الملقب بـ "جراد البحر البري" إلى 18 سم ويضيء مثل حجر السبج المصقول بين جذوع الأشجار وفروعها متماهياً بذلك مع بيئة الغابة. كانت جزيرة لورد هاو، وهي جزيرة بركانية صغيرة شمال شرق سيدني في أستراليا، لعقود من الزمن، الموطن الوحيد المعروف لهذه الحشرة (الاسم العلمي: Dryococelus australis). ولكن في عام 1918، أدى تحطم سفينة إلى ظهور جرذان سوداء مفترسة قضت على حشرة العيدان والعديد من الحيوانات المحلية الأخرى. اعتقد السكان المحليون وعلماء الأحياء أن الحشرة قد انقرضت، ولكن اكتُشفت مجموعة صغيرة منها في جزيرة "بولز بيراميد" الصغيرة والقريبة عام 2001. يقوم علماء حدائق الحيوان والمتاحف بتربية هذه الحشرات لإعادة هذه الأنواع التي فُقدت في السابق إلى موطنها الأصلي في جزيرة لورد هاو قريباً.
اقرأ أيضاً: حشرات تأكل أفراد عائلتها: كيف تؤثر البُنية الاجتماعية على السلوك الأناني؟
إحياء أنواع منقرضة
تمثل حشرة عيدان جزيرة لورد واحدةً من 40 نوعاً تم إحياؤها في معرض جديد لتصوير الماكرو في المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك، وحمل عنوان "حشرات منقرضة ومهددة بالانقراض: الحشرات في خطر"، وهو من إعداد المصور ليفون بيس. لا تكشف الصور عالية الدقة عن بنية الحشرات المتنوعة والتفاصيل الحية لشعيراتها وحسب، ولكنها تسلّط الضوء أيضاً على هذه المخلوقات التي غالباً ما يتم تجاهلها ويتعرض وجودها للتهديد بسبب تغيّر المناخ الناجم عن النشاط البشري وغير ذلك من الضغوط المستمرة.
يقول عالم الحيوانات اللافقارية بالمتحف الذي نظم المعرض، ديفيد جريمالدي، في مقطع فيديو: «نحاول في الوقت الحالي تقدير عدد الحشرات المعرضة للخطر. علينا الاعتماد على علماء الحشرات وعلماء الأحياء الآخرين للذهاب إلى الميدان ومراقبة الحشرات، لكن يجب عدم انتظار التقديرات. يجب أن نبدأ في حماية المناطق الطبيعية في الحال».
تمثل الحشرات نحو 80% من الحياة البرية على الأرض، وتشكل جزءاً كبيراً من نظامنا البيئي -من تلقيح المحاصيل إلى تحليل النفايات. في عام 2017، كشف دراسة نُشرت في مجلة "بلوس ون" أن أكثر من 75% من إجمالي الكتلة الحيوية للحشرات الطائرة في المحميات الطبيعية المحمية في ألمانيا قد فُقدت على مدار 27 عاماً، ما قد ينذر بخطر فقدان التنوع الحيوي وتراجع أعداد الحشرات.
تقول عالمة الحشرات والمنسقة المساعدة لعلم الحيوان اللافقاري في المتحف، جيسيكا وير، في الفيديو الصحفي للمتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي: «دون مبالغة، نواجه معضلة خطيرة للغاية. لقد تعرضت الحشرات لانقراض جماعي في الماضي، ولكن يبدو أن الانقراض الجماعي الذي نشهده حالياً هو الأكبر على الإطلاق».
الحشرات في خطر
معتمداً على قوة تصوير الماكرو، يأمل بيس أن تسلّط صور الحشرات في معرض "حشرات منقرضة ومهددة بالانقراض: الحشرات في خطر" الضوء على جمال الحشرات وقيمتها. هذه المخلوقات الصغيرة، كما يقول بيس في الفيديو، لا تحظى بالتقدير على الرغم من أهميتها البالغة للبشر والكوكب.
يقول بيس: «يجب أن نفهم أنها مهمة ولا يمكننا تجاهلها فقط لأنه من الصعب رؤيتها. آمل أن يقدرها الناس ويُعجبوا بها ويدركوا كم هي جميلة ومهمة جداً لنا كي يحافظوا عليها من الانقراض».
الصور والتعليقات التوضيحية للعينات من معرض "حشرات منقرضة ومهددة بالانقراض: الحشرات في خطر" مقدمة من المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي.
تعيش الخنفساء ذات القرون الطويلة (Macrodontia cervicornis) في حوض نهر الأمازون وهي من أطول الخنافس في العالم. أدى فقدان موائلها إلى زيادة تعرضها للخطر. كما تعد ممارسة جمع وبيع هذه الخنافس سبباً آخر لتراجع أعدادها، فقد يصل سعر الواحدة منها إلى آلاف الدولارات.
ربما يكون اليعسوب هو أكثر الحشرات الطائرة بهلوانيةً في عالم الحشرات، ويعسوب "ستيجيان شادو دراجون" ليس استثناءً بالطبع. في وقت متأخر من الغسق، تحلق هذه الحشرات عالياً فوق المياه المظلمة، وتنقض لالتقاط فرائسها من البعوض والحشرات الأخرى. يعيش يعسوب "ستيجيان شادو دراجون" (Neurocordulia yamaskanensis) بالقرب من البحيرات والأنهار في شرق الولايات المتحدة وكندا، ويبدأ حياته في الماء. تضع الإناث بيضها في الماء ثم تفقس وتتطور إلى يرقات وتتنفس من خلال الخياشيم الداخلية.
في الوقت الحالي، تبدو أعدادها مستقرة في المناطق التي تعيش فيها، لكنها اختفت تماماً في مناطق أخرى. يمكن أن يكون لتغيّر المناخ في السنوات القادمة العديد من الآثار السلبية على أعدادها المتبقية. لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه حول كيفية تأقلم يرقات اليعسوب في الأنهار والبحيرات في الشمال الشرقي، فإذا ارتفعت درجة حرارة هذه المياه بشكل كبير، فقد لا تنجو اليرقات. اعتماداً على كيفية تأثير الحرارة والجفاف وعوامل أخرى مثل تلوث المياه، يقدّر الباحثون أن أكثر 50% من موائل الأنهار التي تفضّلها أنواع اليعاسيب يمكن أن تُفقد مع تغيّر المناخ.
تعيش عثة الحرير (Sphingicampa raspa) في المناطق الحارة والقاحلة في أريزونا وغرب تكساس والمكسيك، وتعتمد على مواسم "الرياح الموسمية" كجزء من دورة حياتها. إذا تأثرت العواصف المطيرة السنوية التي تحملها الرياح الموسمية بتغيّر المناخ، فقد يعرض ذلك هذه العثة وغيرها من العث والفراشات الأخرى في الجنوب الغربي للخطر.
قد تبدو خنفساء النمر الملونة هذه براقة، ولكن في الكثبان الرملية الوردية في موطنها في ولاية يوتا، تساعدها ألوانها الكريمية والخضراء على تمويه نفسها في بيئتها. كما تساعدها أجنحتها الأمامية الكريمية أيضاً على التكيف مع حرارة الصحراء من خلال عكس أشعة الشمس عن جسمها بدلاً من امتصاصها. في الكثبان الرملية، تعتبر خنافس النمور من الحيوانات المفترسة. لاحظ الفك السفلي المعقوف الذي تستخدمه للقبض على النمل والذباب والفرائس الصغيرة الأخرى.
يقع النطاق الصغير للخنافس على الأراضي العامة، وقد راقبها الباحثون ومسؤولو الحياة البرية هناك عن كثب لسنوات. وجد الباحثون أن أعداد الخنافس تنخفض في سنوات الجفاف عندما يكون معدل هطول الأمطار منخفضاً، حيث يمكن أن يتفاقم هذا الانخفاض مع تغيّر المناخ. من الأخطار الأخرى التي تهدد الخنافس أيضاً قيادة المركبات رباعية الدفع فوق الكثبان الرملية. لذلك، وبهدف حماية جحور اليرقات، حدد المسؤولون بعض الأجزاء من هذه الأراضي كمناطق محمية، حيث تم حظر السيارات هناك الآن.
كل 17 عاماً عندما يصبح الطقس دافئاً، تظهر الملايين من حشرات السيكادا الدورية (Magicicada septendecim) بشكلٍ جماعي من تحت الأرض حيث كانت تنمو، ثم تتسلق الأشجار وتتخلص من جلدها لتتحول إلى حشرات بالغة. لكن استصلاح الأراضي وزراعتها قد يقضي على الحوريات التي تعيش في باطن الأرض قبل أن تتمكن من الخروج والتكاثر. كما تتسرب المبيدات المستخدمة لمكافحة الآفات في المروج وملاعب الجولف والحدائق إلى باطن الأرض حيث تعيش الحوريات.