قروش النمر تساعد العلماء على اكتشاف أكبر مروج الأعشاب البحرية في العالم

3 دقائق
قروش النمر تساعد العلماء على اكتشاف أكبر مروج الأعشاب البحرية في العالم
أكثر من مجرد أحواض للكربون الأزرق، تُعد مروج الأعشاب البحرية موائل تغذية وحضانة للكثير من الأحياء البحرية، مثل صفيحيات الغلاصم كأسماك القرش والشفنينيات، بالإضافة إلى الأنواع المهمة من الناحية التجارية والثقافية مثل المحار الملكي. كريستينا ميترماير وسي ليغاسي، 2021.

بالنظر إلى اسمها الذي يوحي بالشراسة والدموية، قد تستغرب عندما تعلم أن أسماك قرش النمر (الاسم العلمي: Galeocerdo cuvier) تقضي جلّ وقتها في السباحة بين مروج الأعشاب البحرية الخضراء.

أسماك قرش النمر تكشف مروج الأعشاب البحرية

كشفت دراسة نُشرت في مجلة "نيتشر كوميونيكيشن" (Nature Communications) كيف ساعدت أسماك قرش النمر فريقاً من الباحثين في رسم خريطة لمروج شاسعة من الأعشاب البحرية. في تفاصيل الدراسة، ساعدت البيانات التي جمعها العلماء من كاميرات مراقبة قاموا بتثبيتها إلى أسماك قرش النمر في اكتشاف أحد أكبر مروج الأعشاب البحرية على وجه الأرض، والتي تقع في المياه الدافئة لجزر الباهاما.

ضمت الدراسة باحثين من جامعة كارلتون الكندية وجامعة الملك عبدالله في المملكة العربية السعودية للعلوم والتكنولوجيا وكلية ترينيتي في أيرلندا، ومنظمة "بينيث ذي ويفز" (Beneath the Waves)، وهي منظمة غير ربحية تُعنى بالحفظ مقرها فيرجينيا. استخدم هؤلاء الباحثون أجهزة تتبع مرتبطة بالأقمار الصناعية لتتبع أسماك قرش النمر أثناء تجولها في منطقة الباهاما حاملة معها كاميرات التسجيل الحيوي. وفقاً للمؤلفين، كانت هذه الدراسة هي أول دراسة من نوعها على الإطلاق تستخدم كاميرات بزاوية 360 درجة على حيوان بحري.

اقرأ أيضاً: توثيق سلوك غريب يتبعه بعض أنواع الأسماك للتخلص من الطفيليات

يقول مدير برنامج مشروع الكربون الأزرق" (Blue Carbon project) الذي تنفذه منظمة "بينيث ذي ويفز"، ويلس هاو، في مقابلة مع مجلة العلوم للعموم: "عندما درسنا أنواع الموائل القاعية المختلفة واستخدام أسماك القرش لها، وجدنا أن أسماك قرش النمر كانت تقضي نحو 70% من وقتها في السباحة فوق مروج الأعشاب البحرية".

سمحت أسماك القرش للباحثين باستكشاف المناطق التي يصعب على البشر الوصول إليها لرسم خرائط لمروج الأعشاب البحرية. سبحت أسماك قرش النمر التي كانت تحمل أجهزة التتبع المرتبطة بالأقمار الصناعية لأكثر من 4 آلاف كيلومتر في منطقتين من خزانات الكربون في جزر الباهاما، والتي تقع بالقرب من جزر أندروس وجراند باهاما وغريت أباكو. بالنظر لمهارتها العالية في السباحة، يمكن لأسماك القرش الكبيرة هذه استكشاف مناطق أعمق من المناطق التي درسها الباحثون في السابق.

ويقول هاو موضحاً: "يمكن لأسماك قرش النمر الغوص إلى أعماق تتجاوز عمق الأعشاب البحرية بعيداً إلى داخل منطقة خزان جزيرة غريت باهاما الشاسع، وهي مناطق يتعذر على للبشر الوصول إليها بسبب الصعوبات اللوجستية. كان أكثر ما لفت نظرنا في سلوك أسماك قرش النمر عند مراجعة تسجيلات الكاميرات هو مقدار الوقت الذي تقضيه في السباحة بين مروج الأعشاب البحرية". هاو هو مؤلف مشارك أيضاً في الدراسة الجديدة.

كيف ساعد قرش النمر العلماء في اكتشاف أكبر مروج الأعشاب البحرية في العالم
قام العلماء بتركيب أجهزة تتبع حيوية مزودة بكاميرات على قرش النمر. أظهرت التسجيلات أن قرش النمر يقضي معظم وقته متجولاً بين موائل الأعشاب البحرية، ما أثار فضول العلماء حول هذه المروج. دييغو كاميغو لمنظمة "بينيث ذي ويفز"، 2019.

رسم خرائط مروج الأعشاب البحرية

لقد ساعدت سباحة أسماك قرش النمر بين أعشاب المروج البحرية الفريق على رسم خريطة لهذه المروج، والتي تبين أن مساحتها أكبر بكثير مما كانوا يتخيلون. تعد مروج الأعشاب البحرية في جزر الباهاما نظاماً بيئياً مستمراً يمتد على مساحة 90 ألف كيلومتر مربع عبر خزانات الباهاما، وتظهر هذه الدراسة أن مساحة مروج الأعشاب البحرية هي في الواقع أكبر بنسبة 41% من مساحتها المقدرة سابقاً.

اقرأ أيضاً: أجهزة تعقب جديدة تمكن العلماء من تتبع أسماك القرش في الأعماق المظلمة

تشير النتائج أيضاً إلى أن كل هذه المساحات الخضراء تؤدي دوراً مهماً في امتصاص بعض الكربون الزائد في المحيط والناجم عن حرق الوقود الأحفوري. وفي هذا السياق، تشير إحدى الدراسات إلى أن الأعشاب البحرية يمكن أن تزيل الكربون بوتيرةٍ أسرع بـ 30 مرة من الغابات المطيرة.

يقول هاو: "بالنسبة للتقديرات العالمية لمخزونات الكربون في الأعشاب البحرية، تشير نتائجنا إلى أن الأعشاب البحرية في جزر الباهاما قد تحتوي وحدها على ما يشكل نحو 19.2 إلى 26.3% من مخزون الكربون الكلي المحتجز في مروج الأعشاب البحرية على الأرض".

تحافظ كل هذه الأعشاب البحرية أيضاً على التنوع البيولوجي للمحيطات وعلى مخزونات الثروة السمكية.

يقول مدير منظمة "بينيث ذا ويفز"، والمؤلف المشارك في الدراسة، ديفيد هاريس، في مقابلة مع مجلة العلوم للعموم: "في جزر الباهاما، على سبيل المثال، تعمل هذه المروج العشبية كمناطق حضانة رئيسية لمجموعة من الأنواع البحرية المهمة تجارياً، مثل أسماك الهامور ناسو والمحار الملكي وجراد البحر وخراف البحر، كما تُعد بمثابة موطن رئيسي للأنواع المهددة مثل أسماك القرش والسلاحف البحرية".

اقرأ أيضاً: دراسة: أصوات الأسماك تخبرنا بحالة الشعاب المرجانية

تم تضمين تدابير حماية مروج الأعشاب البحرية في قانون "تغيّر المناخ ومبادرات سوق الكربون" الذي أقرته حكومة جزر الباهاما في مايو/ أيار الماضي. سيواصل الفريق، بدعم من الحكومة، العمل لفهم دور الأعشاب البحرية في دعم المحيط بأكمله.

يقول هاريس: "ترتبط صحة المحيط بشكل واضح بالحيوانات المفترسة العليا في المحيط. لقد حققنا أحد أعظم الاكتشافات في البحر خلال السنوات العشرين الماضية من خلال حماية هذه الحيوانات ومعرفة المزيد عن حياتها اليومية، وأعتقد أن هناك الكثير أمامنا لنكتشفه بينما نواصل حماية أسماك القرش والعمل معها".

المحتوى محمي