تبدو حيوانات الكسلان أنها أكثر الحيوانات استرخاءً في العالم بينما تتحرك ببطء عبر البيئات الاستوائية وتعطي انطباعاً بأنها لا تهتم بشيء على الإطلاق. تجعل هذه الطبيعة الاسترخائية والغامضة دراسة الكسلان صعبة نوعاً ما؛ لكن تسلّط دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 29 مايو/ أيار في مجلة "بير جيه لايف آند إنفايرنمت" (PeerJ Life & Environment)، الضوء على أنماط نشاط نوعين من حيوانات الكسلان وتكيفاتهما السلوكية بطريقة جديدة.
مراقبة سلوك الكسلان
نظر مؤلفو الدراسة في نوعين من الكسلان يحملان اسمَيّ "الكسلان البنيّ الحنجرة" (Bradypus variegatus) و"الكسلان الهوفماني" (Choloepus hoffmanni)، وهما يعيشان في الغابات المطيرة المنخفضة على ساحل البحر الكاريبي في كوستاريكا. كوستاريكا هي موطن لـ 6 أنواع من حيوانات الكسلان، وهي حيوانات تتمتّع بأبطأ جهاز هضمي في مملكة الحيوان. يمكن أن يستغرق هضم وجبة واحدة في أجسام هذه الثدييات أسبوعين، وهي تنام لنحو 20 ساعة يومياً لتوفير الطاقة.
اقرأ أيضاً: هل يبلغ ذكاء الدببة درجة تمكنها من التقاط صور السيلفي؟
راقب المؤلفون باستمرار سلوك أفراد كل من الكسلان البنيّ الحنجرة (التي تنتمي إلى جنس الكسلان الثلاثي الأصابع) والكسلان الهوفماني (التي تنتمي إلى جنس الكسلان الثنائي الأصابع)، باستخدام مسجلات البيانات الدقيقة لفترات تتراوح من أيام إلى أسابيع. ساعدت هذه التسجيلات الفريق على استكشاف كيفية تأثير التقلبات البيئية في نشاط حيوانات الكسلان، وكيف يرتبط ذلك بأسلوب حياتها الاسترخائي والمنخفض الطاقة على نحو استثنائي.
نشاط عشوائي
تتميّز حيوانات الكسلان الثنائي الأصابع بأنها عشوائية النشاط؛ أي أن الفترات التي تمارس فيها النشاطات المختلفة خلال اليوم متغيّرة وغير منتظمة. يتيح السلوك العشوائي النشاط لهذه الحيوانات الاستفادة من الظروف البيئية الأفضل والتقليل من خطر تعرّضها للافتراس في الوقت نفسه.
لاحظ مؤلفو الدراسة وجود قدر كبير من التباين في مستويات النشاط بين النوعين المدروسين وبين الأفراد أيضاً. تبيّن هذه التفاوتات أن حيوانات الكسلان طورت استراتيجيات متنوعة للتكيف مع محيطها؛ ما يعزّز فرص بقائها إذا حدثت تقلبّات في الظروف البيئية.
توقّع المؤلفون في بداية الدراسة أن درجات الحرارة اليومية، التي يمكن أن تتجاوز 32 درجة مئوية، ستؤثر في نشاط حيوانات الكسلان؛ لكن أرصادهم لم تدعم هذه الفرضية الأولية. مع ذلك، ازداد النشاط الليلي لحيوانات الكسلان الثلاثي الأصابع خلال الليالي الباردة والليالي التي أعقبت الأيام الباردة. ويعتقد المؤلفون أن هذا يشير إلى احتمالية وجود علاقة ترابطية بين سلوك الكسلان والتغيرات في درجة الحرارة.
اقرأ أيضاً: دببة غرينلاند القطبية تتعلم التكيف مع تراجع الجليد
أهمية الحفاظ على الغابات الاستوائية
على الرغم من أن هذه الدراسة تعزز فهم العلماء لحيوانات الكسلان وبيئتها، فإنها تسلط الضوء أيضاً على أهمية الحفاظ على الغابات الاستوائية المطيرة وحمايتها هي وسكانها الفريدون. وفقاً لمنصة "غلوبال فوريست واتش" (Global Forest Watch)؛ فقدت كوستاريكا نحو 2.4% من غطائها الحرجي بين عامَيّ 2000 و2020 لكنها لاقت تقديراً دولياً لجهودها الهادفة للتخفيف من تبعات التغير المناخي وتعزيز رفاهة الحيوان.
قال المؤلفون في الدراسة الجديدة: "تزداد أهمية فهم العوامل التي تحفّز نشاط حيوانات الكسلان وتمنحها القدرة على تحمل التقلبات البيئية في التوصل إلى تدابير فعالة للحفاظ على هذه الحيوانات، لا سيما عندما نأخذ في الاعتبار حساسية الأنظمة البيئية الاستوائية تجاه تبعات التغير المناخي والتأثيرات المتصاعدة للأنشطة البشرية في الأميركيتين الجنوبية والوسطى".
أصبح فهم أنماط الحياة التي تتبعها أشكال الحياة البرية بالغ الأهمية في التوصل إلى طرائق للحفاظ على أشكال الحياة هذه؛ وذلك لأن الأنظمة البيئية الاستوائية أصبحت أكثر عرضة لتبعات التغير المناخي الذي يحفّزه البشر. على الرغم من أن الأبحاث القائمة على الملاحظة ليست سهلة التنفيذ، يمكن أن تمهّد الدراسة الجديدة الطريق لإجراء المزيد من الدراسات حول هذه الأنواع الغامضة والمراوِغة من الكسلانيّات.