5 أمثلة من الطبيعة تثبت أن كائنات الزومبي ليست مجرد خيال علمي

4 دقائق
5 أمثلة من الطبيعة تثبت أن كائنات الزومبي ليست مجرد خيال علمي
حقوق الصورة: شترستوك.

في مشهد سينمائي من هوليوود نرى أمواتاً يترنحون على الأرض ويطاردون الأحياء كشرائح لحم في ما يُعرف بأفلام "الزومبي". لكن، قد يكون السيناريو على أرض الواقع أكثر رعباً، إذ على الرغم من أن فكرة إعادة الحياة للجثث غير واقعية، إلا أنه يمكن لبعض الطفيليات أن تستولي على أجساد كائنات أخرى وتجبرها على البحث عن مكان مناسب للموت فيه، محولة إياها إلى "زومبي" لخدمة هدف أساسي وهو: تكاثرها وانتقالها.

1- زومبي النمل: نمل يقتل نفسه "بقبضة الموت"

تهاجم فطريات تنتمي إلى جنس "أوفيوكورديسيبس" (Ophiocordyceps) مختلف أنواع الحشرات، وتلتصق على جسمها أو تنمو داخلها وتتغذى عليها حتى تموت. إلا أن النوع "أوفيوكورديسيبس أحادي الجانب" (O. unilateralis) قد يكون أكثر إخافة من باقي أبناء جنسه، إذ يمكنه أن يصيب حشرات النمل النجار (camponotus castaneus) ويسيطر على دماغها وجسدها، بحيث يتغير سلوكها بما يتناسب مع دورة حياته الخاصة.

اقرأ أيضاً: 6 حقائق مدهشة عن النمل

بعد أن تعلق أبواغ الفطر على جسم النمل، تنبت الأبواغ وتخترق جسم النملة على شكل نموات فطرية تدعى بالميسيليا. يهاجم الفطر الأعضاء غير الحيوية ويتغذى عليها، ليحافظ على مضيفه (النمل) حياً لأطول فترة ممكنة بما يساعده على الانتشار. وجد باحثون من جامعة بنسلفانيا الأميركية، في دراسة نُشرت في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية" (PNAS)، أن الفطر يتحكم في سلوك النمل وحركاته من خلال التحكم في الألياف العضلية للنمل، ما يجبره على التحرك وفقاً لرغباته مثل "عبيد" له. يقود الفطر جسم النملة لتصعد إلى أعلى النبات، وتغرس فكها السفلي فيه متشبثة بالنبات، في سلوك غريب أُطلق عليه "قبضة الموت". ما إن يصل الفطر إلى القوة المطلوبة، يتغذى في وجبته الأخيرة على دماغ النملة، ثم تنبت الميسليا خارج جسم النملة الميتة حاملة معها الأكياس البوغية، وتنتشر أبواغها مع الرياح ليبدأ الفطر دورة حياة جديدة في جسد نملة أخرى. 

زومبي النمل: نمل يقتل نفسه "بقبضة الموت"
حقوق الصورة: شترستوك.

2- حلزون الزومبي: يجذب مفترسه بعينيه المضيئتين

لا تصيب الطفيليات الحشرات فقط، إذ يمكنها أن تصيب حيوانات أخرى وتحولها إلى كائنات "زومبي" مُسيّرة. تعيش دودة "ليوكوكلوريديوم بارادوكسوم" (Leucochloridium paradoxum) دورة حياتها بالتنقل بين الطيور والحلزون فالطيور مرة أخرى. ترتبط خلال طور الدودة البالغة بواسطة ماصات الفم بجدران أمعاء الطير وتضع بيضها فيها، فيتساقط مع فضلات الطيور إلى الوسط الخارجي. تلتقط  بطنيات القدم كالحلزون البيض عن العشب، وتنتقل في الجسم وصولاً إلى الكبد حيث تستقر وتمتص المغذيات منه، وتتحول إلى كيس بوغي يحتوي على مئات اليرقات. تزحف اليرقات في جسم الحلزون نحو عيونه، وتكتسب لوناً أخضر لامعاً يلفت نظر مفترسيه من الطيور. ليس هذا فحسب، بل تتحكم اليرقات أيضاً بالخلايا العصبية الحركية للحلزون، فتحركه فوق النباتات وفي أماكن مكشوفة للطيور لتفترس عيون الحلزون المضيئة وتعيد اليرقات تكرار دورة حياة الدودة الطفيلية من جديد.

حلزون الزومبي: يجذب مفترسه بعينيه المضيئتين
حقوق الصورة: شترستوك.

 اقرأ أيضاً: الحلزون اليساري جيريمي يتعرض للرفض من قبل الحلزونات اليسارية الأخرى

3- العنكبوت الزومبي: دبابير تستعبد العناكب في شباكها

بينما تكون العناكب بأرجلها الثمانية سبباً للرهاب لدى الكثير ممن يخشوها، تشكل يرقات دبابير "ريكلينيرفيلس نيليسني"  (Reclinervellus nielseni) الطفيلية رعباً للعناكب ذاتها. تبدأ اليرقات دورة حياتها كبيضة عندما تقوم أنثى الدبور بلسع العنكبوت مسببة إحداث شلل مؤقت له، ثم تغرس فيه البيض أو تلصقه على بطن العنكبوت. بعد فقس البيضة وخروج اليرقة، تقوم بثقب بطن العنكبوت وتتغذى على دمه. في المراحل الأخيرة من تطور اليرقة، تحفز العنكبوت على أن يبني شبكة تشبه الشرنقة لحملها وحمايتها، ثم يموت العنكبوت وتتغذى على جثته حتى اكتمال نموها وتحولها إلى دبور بالغ. أما عن الطريقة التي تفرض فيها اليرقات أوامرها على العناكب، فيعتقد باحثون يابانيون في دراسة نُشرت في دورية "علم الأحياء التجريبي" (The Journal of Experimental Biology)، أن هناك مواد كيميائية محددة تُفرزها اليرقات في بطون العناكب، تصل إلى الدماغ والجهاز العصبي للعنكبوت، وتأمره ببناء شبكة تشابه ما يبنيه بدورة الانسلاخ.

4- زومبي الصراصير: صراصير تستضيف يرقات الدبابير وتغذيها من جسدها

الضيف الطفيلي هنا هو يرقات  دبور الزمرد (Ampulex compressa)، والمضيف الضحية هو الصرصور الأميركي (Periplaneta Americana). لا تستطيع أنثى الدبور الزمردي رعاية يرقاتها، لذا تحتاج إلى الصرصور الأميركي كمخزن حي لتغذيتها. تحاول الأنثى التحكم في ضحيتها من خلال لسعها مرتين؛ بداية تسعى لشلّ حركة الضحية من خلال استهداف جزء الدماغ المسؤول عن حركة الأرجل الأمامية بسمّ الدبور الذي يحتوي على حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA) المثبط للخلايا العصبية الحركية. ثانياً، بعد أن تمكنت أنثى الدبور الزمردي من ضحيتها تلسعها في الحلق بسمّ يحتوي على ناقل الدوبامين العصبي والقادر على تحويل الصرصور من مقاوم إلى مطواع لها؛ أي إلى زومبي.

تقود أنثى الدبور الزمردي الصرصور من قرون استشعاره كمن يجر كلباً ورائه، ودون أية مقاومة ينقاد الصرصور معها إلى عش بيضها. تضع الأنثى بيضها على إحدى أقدام الصرصور ثم تدفنه حتى يفقس البيض. بعد أن تظهر اليرقات، تتغذى على جسد الصرصور على مدى 4-5 أيام، يبقى الصرصور خلالها على قيد الحياة! وفي اليوم الثامن يموت الصرصور، ولا يتبقى منه سوى الغلاف الكيتيني الخارجي، ويخرج دبور زمردي بالغ مستعد للبحث عن ضحيته.

زومبي الصراصير: صراصير تستضيف يرقات الدبابير وتغذيها من جسدها
حقوق الصورة: شترستوك.

5- زومبي السلطعون الأخضر: قشريات تحول السلطعون جنسياً ليرعى صغارها

البرنقيل، أو محار البحر "الساكولينا كارسيني" (Sacculina carcini) يختلف عن كائنات البرنقيل الأخرى التي تتشبث بالأرصفة  والحجارة وتصفي غذاءها من المياه، فهذا الطفيلي يتشبث بسلطعون البحر الأخضر عبر فتحات المفاصل. تقوم اليرقات المجهرية للساكولينا بحقن المرحلة المتطورة منها والمتحركة (الفيرميجون) في مجرى دم السلطعون. ينمو الطفيلي في جسد السلطعون على شكل شبكة جذر ومناسل متضخمة، بحيث لا يظهر منه خارج السلطعون سوى العضو التناسلي الأنثوي، وتتغير الإفرازات الهرمونية ليتحول ذكر السلطعون إلى أنثى عقيمة، وتتحول جميع العمليات الحيوية لديه لمساعدة الطفيلي الذي يعيش داخله على التكاثر. يشكل الطفيلي كيس بيضٍ على بطن السلطعون، ويحمي السلطعون الكيس كما لو أنه يحمي صغاره، وبعد تلقيح البيض بطفيليات ذكرية صغيرة تتحرر يرقات الطفيل لتبدأ رحلة بحثها عن مضيف آخر.

اقرأ أيضاً: هل تشعر السلطعونات بالألم عند غليها؟

انطلاقاً من التساؤلات والرهبة التي تثيرها كائنات الزومبي نشأ مجال علم الطفيليات العصبية؛ لتحديد الآليات التي تستخدمها الطفيليات للتحكم في عوائلها. وعلى الرغم من الإنجازات التي أحرزها العلماء في هذا المجال، إلا أنهم لم يستطيعوا بعد تحديد فيما إذا كان البشر أهدافاً محتملة لهذا النوع من الطفيليات أم لا.

المحتوى محمي