في نهاية مايو، قمنا بعمل جولة على أغرب المخلوقات المأخوذة من الأعماق السحيقة للمحيط في شرق أوستراليا. وقد تظن أن الطبيعة لا يوجد فيها مثل هذه الأشكال الغريبة، ولكن تويتر نفسه قد أصابته حمى الحديث عن هذا المخلوق. هل انتبهت إلى شكله؟ نعم إنه نوع من الديدان.
ومع ذلك، فإن ديدان الفستق هي الأقل إثارة للاهتمام من بين ما تم استخراجه من المحيط خلال الأسابيع الأخيرة. وكان هدف هذه الرحلة استكشاف الأعماق السحيقة للمحيط شرق أوستراليا، حيث يسود الظلام والضغط الشديد. والحيوانات التي تعيش هناك غريبة الشكل لأنها ببساطة تعيش في مثل هذه البيئة الاستثنائية.
خذ مثلاً ثعبان الماء من نوع البرسم الأعمى:
هو يبدو هلامياً وشفافاً لأنه يعيش في عمق 2600-6000 متر، حيث لا يكون هناك حاجة للجلد الملون أو الحراشف، ولا أحد يستطيع الرؤية إطلاقاً. وهو لا يفتح فمه الأنيق الصغير أبداً، وخياشيمه غير متطورة بشكل كامل. وكما يوحي اسمه، فإنه لا يملك عينين وظيفيتين. إنه باختصار جنين سمك حي.
يبدو سمك العنكبوت ذو العين الشبكية أقرب إلى المخلوقات البحرية الشائعة منه إلى ثعبان الماء الأعمى. وقد يبدو وكأن جزءاً من رأسه قد تمت إزالته، لكن هذا الجزء هو في الواقع صفائح حساسة للضوء التي ربما يستخدمها في كشف فرائسه التي تتمتع بخاصية الضيائية الحيوية.
وفي الحقيقة، لا يعرف العلماء إلا النزر اليسير عن الحياة في الأعماق السحيقة للمحيط. وتعتبر خاصية الضيائية الحيوية أمراً شائعاً في هذه الأعماق، لأن الحيوانات مضطرة لإنتاج ضوئها الخاص حتى تتمكن من رؤية الأشياء.
قد يبدو نجم البحر هذا مألوفاً أكثر، مع أنه في الحقيقة مختلف عن الأنواع الأخرى من نجم البحر التي اعتدنا عليها. هناك صلة بين نجم البحر الهش ونجم البحر الموجود في مناطق المد والجزر. وقد تمكن من الازدهار لأكثر من 480 مليون سنة بدون عينين ولا دماغ. وهو يتغذى أحياناً على البقايا العضوية في قاع البحر. وأحياناً يلوّح بذراع مغطى بالمخاط ليتحسس ما الذي يمكن أن يصطاده. وأحياناً يسحب قطعة صغيرة من الجمبري إلى فمه الشائك ليستمتع بوجبة مقبلات مكتنزة باللحم. ولتجنّب أن يكون هو نفسه وجبة لغيره، فإنه يضحي بإحدى أرجله.
ولكن لا يبدو كل شيء لطيفاً في القوقعة الكلسية. انظر إلى هذه الدودة الصغيرة التي تبني قوقعتها على الصخور:
وهناك مجموعة كاملة من الكائنات أحادية الخلية تقوم ببناء قواقعها الصغيرة الجميلة. وهي تدعى المُنَخْرَبات.
تضطر الحيوانات التي تعيش في الأعماق السحيقة للمحيط لإيجاد وسيلة للتعامل مع ضغوط الحياة الشديدة. وتعتبر القواقع أدوات شائعة، بالرغم من أن هذه الحيوانات ما زالت غير قادرة على امتلاك جيوب هوائية في أجسامها دون وجود مخاطر لانفجارها. بينما تتخذ الحيوانات الأخرى شكلاً هلامياً. وكمثال توضيحي على ذلك: هذا النموذج الجميل والغريب من خيار البحر.
وأخيراً، نعود إلى الوراء، إلى بداية القرن التاسع عشر، حيث قرر عالم الطبيعة تشارلز ويفيل تومسون أن يبدأ استكشاف مخلوقات أعماق البحر. وكان علماء طبيعة آخرون يعتقدون أن تلك الحياة غير موجودة في عمق أكثر من 550 متراً، ولكن تومسون كان لديه حدس بخلاف ذلك. وبدأ باستخراج مخلوقات لم تكتشف من قبل. وقد دفعه هذا الاكتشاف للبدء في حملة ضمن الأسطول البحري "إتش إم إس تشالنجر" لاستكشاف أعماق المحيط، والتي صممت على غرارها مهمات الاستكشاف الحديثة. وكان زنبق البحر من بين الحيوانات التي تم استخراجها، وهو من أقارب نجم البحر:
الأمر ملهم، أليس كذلك؟ العلم شائك جداً وغريب وجميل. في المرة القادمة عندما ستنظر إلى المحيط، تذكر أن أعماقه تخفي كل هذه العجائب.