ما هي أذكى الحيوانات في العالم وكيف عرفنا مستوى ذكائها؟

4 دقائق
تستطيع قرود الشمبانزي التفوق على البشر في بعض اختبارات الذاكرة.

لا يوجد حيوان يستطيع حل مسألة جبر أو كتابة مقال يحرز علامة ممتاز لكن هذا لا ينفي وجود حيوانات ذكية جداً، لأن العديد من الحيوانات تتمتع بالفعل بقدرات إدراك مذهلة ومهارات ذهنية جيدة.

قرود الشمبانزي

تعتبر قرود الشمبانزي أقرب الحيوانات إلينا من ناحية القرابة الجينية. وذلك لأننا نشترك في 99 بالمئة تقريباً من حمضنا النووي معها (تلك الرموز الجينية التي تجعلنا ما نحن عليه). وقد كشفت لنا البحوث العلمية أيضاً أنهم يشتركون معنا في بعض القدرات الذهنية. ففي دراسة نشرت العام 2007، أعطى العلماء قرود الشمبانزي البالغة، والمراهقة، وطلاب إحدى الجامعات نفس الاختبار الإدراكي لحله. وتضمن الاختبار تذكر أين تقع قائمة من الأرقام -من الواحد إلى التسعة- على شاشة تعمل باللمس.

بعد ذلك، عُرضت أماكن الأرقام على قرود الشمبانزي والبشر على حد سواء لأقل من ثانية. ثم سئلوا عن تذكر أين كانت هذه الأرقام وأن يخبروا العلماء بمكانها. كان أداء القرود البالغة والبشر البالغين متشابهاً تقريباً فيما تفوقت عليهما قرود الشمبانزي المراهقة بأشواط كبيرة! فقد تذكرت هذه القرود الفتية مكان كل رقم بدقة عالية جداً أكثر من منافسيها الآخرين في الاختبار. ويعتقد العلماء أن هذه القرود الفتية استخدمت نوعاً من الذاكرة الفوتوغرافية، حيث تتيح هذه الذاكرة للكائن الحي أن يتذكر الصور بدقة عالية جداً حتى ولو لمحها لمدة أقل من الثانية.

الماعز

معزة تسحب مقبض رفع (a)، يرفع ذراع العتلة (b) للاستمتاع أخيراً بثمرة الجهد (c).
مصدر الصورة: Briefer et al. / Frontiers in Zoology

أدرك العلماء منذ زمن طويل أن الماعز أذكى بكثير مما يعتقد الكثير منا على أنها حيوانات ذات ذكاء بسيط ومتواضع. ومؤخراً، قررت مجموعة من الباحثين في أستراليا وضع حيوانات الحظيرة هذه تحت الاختبار للكشف عن مستوى ذكائها. ولكي يجروا هذا الاختبار، جهزوا أداة مخصصة تحمل ثماراً تُمنح في الأخير. ولكي يحصل الحيوان على تلك الثمرة اللذيذة، كان على المعزة أن تستعمل أسنانها لسحب الحبل نحو الأسفل، مما يفعّل رافعة يجب على المعزة أن ترفعها لأعلى بفمها. فإن استطاعت المعزة أن تفهم كيفية عمل كل هذا، ستحصل على الثمرة اللذيذة في نهاية الأمر!

وقد كشفت نتائج الاختبار أن تسعة من أصل 12 معزة أنجزت المهمة بنجاح بعد أربع محاولات تقريباً. وبعد أن جمع العلماء كل الماعز مرة أخرى للمحاولة مجدداً بعد 10 أشهر من الاختبار الأول، تذكرت غالبيتها كيفية عمل تلك الأداة وحصلوا على الثمار.

الفيلة

باستطاعة الفيلة التمييز بين مجموعة مختلفة من اللغات.
مصدر الصورة: شيفرا غولدنبرغ

يعرف الناس الذين لديهم بعض المعلومات عن الفيلة أن هذه الحيوانات ذكية جداً بالفعل. لكن إلى أي مدى يصل ذكاء هذه الحيوانات حقاً؟ للإجابة على هذا التساؤل، أجرى العلماء الكثير من الدراسات في هذا الموضوع. وقد كشفت إحدى هذه الدراسات أن الفيلة تستطيع فهم الفرق بين اللغات، ومن هو المتحدث هل هو رجل أو امرأة أو صبي.

كيف يعرفون ذلك؟ في قارة افريقيا، لا يصطاد الفيلة إلا بضعة قبائل معينة. وهكذا قام العلماء بتسجيل أصوات مجموعة أفراد من القبائل التي تصطاد الفيلة، ومجموعة أخرى من قبيلة لا تصطاد الفيلة. وعندما شغّل العلماء هذه التسجيلات، وسمع الفيلة أصوات أفراد القبيلة التي تصطادهم، أصيبت الفيلة بالخوف وابتعدت عن المكان الذي تصدر منه الأصوات. لكن عندما سمعت الفيلة أصوات الأشخاص من القبيلة التي لا تصطادهم، لم تبتعد ولم تغيّر أماكنها. بعد ذلك، شغّل العلماء التسجيلات التي تخيف الفيلة، لكن ضمّنوها أصوات نساء وأطفال ورجال. وعندئذ، لم تخف الفيلة إلا لما كان الصوت يأتي من الرجال، لأن الرجال هم من كانوا يقومون بصيدها بطبيعة الحال.

الدلافين

تستطيع الدلافين التعرف على أنفسها في المرآة.
مصدر الصورة: NASA

من بين الطرق التي يقيس بها العلماء مدى ذكاء الكائنات الحية اختبار يدعى اختبار التعرف على النفس في المرآة. وتكمن الفكرة وراء هذا الاختبار في تحديد ما إذا كان الحيوان يستطيع التعرف على نفسه أمام المرآة أم لا. ولمعرفة ذلك، يضع العلماء علامات ملونة على جسد الحيوان. ومن ثم يضعون الحيوان أمام المرآة. وفي غالب الأحيان، عندما تتعرف الحيوانات على أنفسها في المرآة، فإنها تبدي علامات تحاول فيها إزالة العلامات الملونة من على جسدها، مثل الهرش والفرك.

وقد كشفت النتائج أن معظم الحيوانات لم تجتز هذا الاختبار بنجاح. وجد العلماء أن الحيوانات عندما ترى صورة انعكاسها على المرآة فإنها تعتقد أنها مجرد حيوان آخر من نفس نوعها، وتتصرف إما بالهرب بعيداً أو محاولة العراك معه أو إخافته.

لكن عندما وضع العلماء العلامات الملونة على الدلافين، تمكنت هذه الكائنات المائية من معرفة مكان اللطخات الملونة على أجسادها من خلال انعكاسها على المرآة. بعبارة أخرى، أدركت الدلافين أن العلامات الملونة تظهر على أجسادها هي بالفعل، وليست على جسد حيوان آخر يشبهها؛ وعرف الدولفين أن انعكاسه الظاهر في المرآة هو انعكاس له هو بذاته.

الغربان

غراب من هاواي ينقّب باستخدام عصا
تستطيع الغربان حل مسائل لا يستطيع الأطفال بعمر الثامنة أن يحلوها.
مصدر الصورة: Ken Bohn / San Diego Zoo Global

من الصعب أن تتصور أن الغراب يمكن أن يكون ذكياً بنفس مستوى ذكائك، أو حتى أعلى منه! لكن هذه حقيقة وليست تخميناً، فقد قام العلماء بعدة تجارب علمية أثبتت أن الغربان بارعة وذكية وماهرة في حل الأحاجي. وفي إحدى هذه التجارب، أعطى العلماء الغربان والبشر نفس الأحجية: لعبة تطفو على سطح الماء داخل كأس طويل، لكنه ضيق جداً لا يتيح للطير أن يدخل منقاره فيه أو أن يدخل الطفل فيه يده. ارتبك الأطفال الأصغر من سن الثامنة تماماً، وعموماً لم يتمكنوا من إيجاد طريقة لاستخراج اللعبة. لكن الغربان لم تتردد ولم تتحير إطلاقاً. أخذت الغربان الحصى وأسقطتها في الكأس الضيق. وبعد فعل ذلك مراراً، أزاحت الحصى ما يكفي من الماء أسفل الكأس مما جعل اللعبة ترتفع للأعلى، ومن ثم تمكنت هذه الطيور من الحصول عليها.

النحل

يدرك النحل بالفعل مستوى ذكائه
مصدر الصورة: aussiegall (المشاع الإبداعي)

يُعرف النحل غالباً بلسعاته المؤلمة. لكنها لا تتميز بذلك فقط، فهذه الكائنات الصغيرة ذكية للغاية أيضاً. فقد قام العلماء بتعليم النحل تحديد أين يقع خطان أفقيان بالنسبة لبعضهما: بمعنى أي الخطوط فوق الآخر. وعندما يقوم النحل بالإجابة بشكل صحيح، يعطيهم العلماء مكافئتهم المتمثلة في شراب السكر اللذيذ. لكن القضية تكمن في أن العلماء لم يعلموا النحل إلا كيفية تحديد أماكن الخطوط الأفقية بالنسبة لبعضها. ولذلك عندما عرض الباحثون على النحل خطوطاً عمودية، طارت هذه النحلات بعيداً. لماذا؟ لأنها أدركت أن التعرف على هذه الخطوط الآن لن يتضمن أي مكافأة حلوة لذيذة!

الأخطبوطات

يستطيع الأخطبوط التعرف على أصدقائه البشر بين حشد من الناس.
مصدر الصورة: Deposit Photos

تمثل الأخطبوطات نوعاً فريداً في المملكة الحيوانية. فمعظم اللافقاريات لا تتمتع بمستوى الذكاء الذي يقول العلماء أن هذه الكائنات البحرية الغريبة الشكل تتمتع به. وفي إحدى هذه الدراسات الطريفة، قام العلماء باختبار ما إن كانت هذه الكائنات تستطيع التعرف على فردين من الناس أم لا. وهكذا جعلوا شخصين يتعاملون مع إحدى الأخطبوطات، حيث تعامل الشخص الأول مع الأخطبوط بشكل ودي للغاية ولطيف في حين تعامل الشخص الآخر معه ببرود وتحفظ. وبعد فترة قصيرة من ذلك، وعندما يدخل الشخصان المكان الذي يعيش فيه الأخطبوط، يتجاهل الكائن الشخص الذي عامله ببرود ويهتم بضيفه الذي أبدى له من قبل وداً ولطفاً.

المحتوى محمي