يتسلق الماعز الجبال، فلماذا لا يتسلق الأشجار؟ ولكن منظر قطيع من الماعز يعتلي إحدى الأشجار كسرب من الطيور هو منظر مذهل حقاً. وقد كان كذلك بالنسبة لفريق من علماء الأحياء الذين يتنقلون في المغرب. وقد جاء في دراسة نشروها في شهر مايو 2017 في مجلة فرونتيرز إن إيكولوجي آند إنفيرونمنت Frontiers in ecology and environment: "كنا مندهشين لرؤية ما بين عشر إلى عشرين ماعزة تتسلق بانتظام شجر الأرغان الشائك الذي يترواح طوله بين ثمانية أمتار وعشرة أمتار تقريباً".
يتسلق الماعز الأشجار بتشجيع من الرعاة لأكل الثمار الصغيرة المليئة باللب، والتي تطحن بذورها لصنع زيت الأرغان، وهو علاج شعبي للعناية بالشعر.
ويقوم الناس بالبحث في الروث للعثور على بذور الأرغان واستخلاص زيتها، بسبب الاعتقاد الشائع أن الجهاز الهضمي للماعز يسهّل كسرها. ولكن علماء الأحياء يعلمون أن البذور الكبيرة (كبذور الأرغان والتي يصل طولها إلى 2.2 سم وعرضها إلى 1.5 سم) لا تعبر على الأغلب الجهاز الهضمي للماعز. ولذلك قرروا أن يلقوا نظرة عن كثب لما يفعله الماعز بالبذور بعد أكل الثمار.
وقد أفاد الرعاة بأن الماعز أحياناً يلفظ البذور خارج فمه أثناء الاجترار، وهو سلوك لاحظه الباحثون على الماعز أثناء أكل الزيتون وثمار النخيل القزم في إسبانيا. والماعز كالأبقار من الحيوانات المجترة، وهي الحيوانات التي تبتلع الطعام وتتركه ليتخمر في معدتها، ثم تعيده إلى فمها لتمضغه من جديد.
لذلك، وبما أن البذور والروث غالباً يوجدان في نفس المكان، فإن هذا ربما لا يكون لمجرد أن الماعز يهضم البذور ثم يخرجها مع البراز. ولكن هذا قد يكون بسبب أن الماعز يتبرز في المكان الذي يأكل فيه، وتختلط البذور التي يلفظها بالبراز.
ولمعرفة ما إذا كان الماعز يلفظ البذور أو يخرجها مع البراز، قام علماء الأحياء بتغذية الماعز على ثمار ذات بذور مختلفة الأحجام، تتراوح بين البذور الكبيرة نسبياً كبذور ثمار النخل القزم (بطول 1.6 سم وعرض 1.1 سم)، والبذور الصغيرة نسبياً كبذور ثمار الزعرور (بطول 0.6 سم وعرض 0.4 سم).
وقد وجدوا أنه في حين أن جميع البذور في هذه الدراسة يمكن هضمها أو إخراجها مع البراز أو اجترارها أو لفظها عن طريق الفم، فإن البذور الكبيرة كانت على الأرجح تلفظ عن طريق الفم.
ومع أن عادات الأكل عند الماعز قد تثير الاشمئزاز، فإنها مثيرة لاهتمام الباحثين لسبب مختلف تماماً. فقد وجد علماء الأحياء أن أكثر من 71 في المائة من البذور التي يأكلها الماعز كانت ما تزال قابلة للحياة. وهو أمر هام، لأن المجترات موجودة في مختلف مناطق العالم، ويمكن أن تعلق البذور في الجهاز الهضمي للمجترات لساعات أو أيام أثناء مسيرها. وهذا يعني أن هذه الحيوانات قد تنشر البذور على مسافات متباعدة بلفظها خارج فمها أثناء تجوالها.
وأشار الباحثون أنه وبينما تمت دراسة البذور في براز الحيوانات على نطاق واسع، فإن نشر البذور بهذه الطريقة لم يحظ بالكثير من الاهتمام. وبما أن هذه الدراسة هي مجرد دراسة تمهيدية، فإن الباحثين يأملون أن يبدأ علماء الأحياء الآخرون بالبحث في مدى انتشار هذا السلوك، ومدى فاعليته في نشر البذور في مواطن أخرى من العالم.