يذهب ويعود ولا يخطئ: كيف يتواصل النمل؟

2 دقائق
مصدر الصورة: بيكساباي

ربما تصادف عدد قليل من النمل يتجول في أحد أركان منزلك، ربما لا تبالي؛ لكن عليك أن تعلم أنهم بعض جنود الاستطلاع الذين ينتمون إلى جيش من جيوش النمل، ولن يستغرق الأمر مدة طويلة حتى يمتلئ بيتك بإحدى مستعمرات النمل. ولكن كيف يمكن للنمل أن يرسل جنود استطلاع؛ ثم يعودون، ثم يأتون بالبقية دون أن يخطئوا الطريق؟. 

النمل من أكثر الكائنات تنظيماً 

النمل يُصنف من الكائنات «Eusocial» أي الكائنات ذات التصنيف الاجتماعي الأعلى، وتتكون مستعمرة النمل الواحدة من آلاف الأفراد، ويحتفظ النمل ببعض السلوكيات المعقدة، منها اتخاذ القرارات الجماعية، وعيش البالغين في مجموعات، والرعاية التعاونية للصغار، والتقسيم الإنجابي؛ أي لا يتكاثر جميع أفراد المستعمرة.

ومن ضمن السلوكيات المعقدة في النمل هو قدرتها على التمييز بين الأثر الكيميائي «التوقع الكيميائي» للصديق من العدو وذلك من خلال الهيدروكربونات الجلدية التي تميز الأصدقاء من الأعداء، وتستخدم في ذلك أداة قرون الاستشعار "الهوائيات" الموجودة أعلى رأس النمل، إذ لا تمتلك النمل أنوفاً للشم.

كيف يميز النمل أفراد مستعمراته؟

مصدر الصورة: بيكساباي

مجموعة الهيدروكربونات الجلدية، هي عبارة عن طبقة شمعية على جسم النمل لها رائحة مميزة، وتتميز بها حشرات أخرى مثل النحل والزنابير والذباب والخنافس، تُستخدم لحماية الحيوانات من الجفاف، وتعتبر أيضاً أداء اتصال فعالة لدى الحشرات، وتتميز بكونها مواد كيميائية لها رائحة نفاذة تخلّق من الغدد الموجودة في جميع أنحاء أجسامهم.

ويطلق عليها كذلك اسم الفيرمونات، وتختلف أنواعها طبقاً لطبيعة المهمة التي صنعت من أجلها، ويعمل كل فيرمون بمثابة كلمة كيميائية تفهمها المستعمرة بأكملها، حيث يُمكن استخدام الفيرمونات لاستدعاء عدد قليل من النمل للدفاع عن المستعمرة أو البحث عن طعام أو العمل داخل المستعمرة.

وتساعد هذه الفيرمونات أيضاً على التمييز بين أفراد المستعمرة والغرباء، فتمتلك المستعمرة فيرموناً يميزها عن المستعمرات الأخرى، وتمتلك الملكة فيرموناً خاصاً تُخبر به العمال بحالتها الصحية والطقس وغيرها من الأشياء اليومية داخل المستعمرة، ويستخدم النمل فيرمونات لتحديد مستعمرة كل نملة ومكانتها الاجتماعية داخل المستعمرة، وطبقتها التي تعيش بها.

إذا فُقدت الرائحة ضل القطيع

مصدر الصورة: بيكساباي

عند وصول جنود الاستطلاع من النمل إلى مصدر الغذاء، يبدأ الكشّافون بتحديد المسار الرئيسي من خلال الفيرمونات "الروائح الكيميائية" ليسهل على عمال الخلية بعد ذلك معرفة الطريق من وإلى الخلية، وذلك بوضع هذه الروائح على طول الطريق من مصدر الطعام إلى الخلية.

وبعودتهم، يبدأ العمال الخروج واتباع نفس المسار من خلال استشعار ذلك باستخدام الهوائيات الموجودة برؤوس النمل، وإن ضل أحدهم الطريق يستخدم قرون استشعاره بحثاً عن هذه الرائحة ليعلم جيداً كيفية الوصول، وتستمر رحلات الذهاب والعودة إلى الخلية حتى ينفذ المصدر من الطعام، وحينها ينقطع إفراز العلامات الاسترشادية أو بالأحرى «الرائحة».  

ختاماً، في المرة القادمة التي ترى فيها أسطولاً من النمل يسير أمامك على طريق ما، أعلم جيداً أنه يسير وفق رائحة معينة تتعرف بها المستعمرة كاملة على طريق الذهاب والإياب إلى المستعمرة.

المحتوى محمي