ما هي الأعضاء التي يمكنك العيش من دونها؟

2 دقيقة
قد تؤدي الزائدة الدودية، التي كانت تُعتبر ذات يوم عضواً غير وظيفي، دوراً أساسياً في صحة الأمعاء.

تشبه أجسامنا متاحف التطور. فنحن نمشي على قدمين لأن سلفاً مشتركاً تطور لفعل ذلك منذ ملايين السنين. ومثل أي صالة عرض، فإن أجسامنا تحتوي على أعضاء ووظائف لم تعد صالحة للاستخدام.

لنأخذ الزائدة الدودية على سبيل المثال. لقد كان لها دور كبير ذات يوم في هضم الغذاء الغني بالنباتات، لكن العالم التطوري تشارلز داروين قلل أهميتها، حيث قرر خطأً أنها لم تعد ضرورية بسبب التحولات الغذائية. وساعدت أضراس العقل عند البشر الأوائل على قضم الجذور النيئة واللحوم القاسية، لكنها اليوم ليست أكثر من مجرد مشكلة مكلفة تتعلق بالأسنان لأن طعامنا أصبح مطبوخاً بدرجة أكبر. وحتى القشعريرة -التي كانت في يوم من الأيام وسيلة مفيدة لنفش شعر الجسم للحصول على الدفء أو الحماية من الحيوانات المفترسة- لم تعد الآن أكثر من مجرد لحظة عابرة من حدث درامي يحمل طابعاً جمالياً.

اقرأ أيضاً: لماذا يمتلك البشر شحمة أذن؟ حقيقة علمية غريبة

لماذا لا يزال معظمنا يحتفظ بهذه الأجزاء والوظائف في الجسم؟

أوضح مدير مركز علم التشريح والتطور الوظيفي في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، ماثيو رافوسا، أن السبب على الأرجح هو أنها لا تسبب لنا أي ضرر. وعلى الرغم من أنها قد لا تمثل ميزة، فإن عدم وجود عيب فيها يقلل ضغوط الانتخاب الطبيعي التي عادة ما تقضي على السمات داخل مجموعة من الكائنات الحية من نوع واحد.

وقد جرى اختيار بعض هذه السمات أو إعادة توظيفها لأداء وظيفة مختلفة بسبب التغيرات التطورية في البيئة أو السلوك أو الضغوط الانتخابية. وأضاف رافوسا: "الزائدة الدودية هي مثال جيد على ذلك".

قد تؤدي الزائدة الدودية التي كانت تُعتبر عضواً غير وظيفي، دوراً أساسياً في صحة الأمعاء، حيث تساعد الجهاز المناعي على مكافحة مسببات الأمراض. فهي تحتوي على تركيز عالٍ من الأنسجة المناعية وتؤوي البكتيريا النافعة التي تعمل على إعادة تكوين ميكروبيوم الأمعاء بعد المرض أو استخدام المضادات الحيوية. وقد تحدى هذا الفهم الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن الزائدة الدودية عضو زائد عن الحاجة.

وقال مدير مختبر سنايدر في جامعة ستانفورد، مايكل سنايدر: "في بعض الأحيان تظهر الأعضاء الفائضة عن الحاجة في ظل ظروف معينة؛ فهي ليست زائدة عن الحاجة حقاً. وبالعودة إلى الزائدة الدودية، فقد قيل إن لها فائدة".

اقرأ أيضاً: لماذا لم يحرك معظم البشر هذه العضلات منذ 25 مليون سنة؟

التطور مستمر

ليس من المفهوم جيداً ما هو العضو غير الوظيفي حقاً وما هي أجزاء الجسم التي من المحتمل أنه ما زال لها دور وظيفي، وإن كان ذلك بطريقة مختلفة. ومع ذلك، بدأنا نرى أشخاصاً يولدون بأجسام خالية من بعض الأعضاء التي يُعتقد عادةً أنها غير مفيدة. فقد أظهرت الدراسات أن نسبة سكان العالم الذين يولدون الآن من دون أضراس العقل تصل إلى 35% (كم هم محظوظون!). كانت العضلة الراحية الطويلة، وهي وتر في الساعد موجود لدى البعض وغائب لدى البعض الآخر، تساعد على التسلق والإمساك، لكنها الآن غير مهمة من الناحية الوظيفية. وقد أظهرت الأبحاث أن نسبة صغيرة من سكان العالم يولدون من دونها، وعدم وجود هذه العضلة لا يؤثر في قوة القبضة بأي شكل من الأشكال.

بما أن التطور مستمر، فهل يمكن أن نكون على وشك التخلص من المزيد من الأجزاء مع تقدم أنظمتنا الغذائية والتدخلات الطبية والتكنولوجيا؟

هل سنتخلص من بعض الأجزاء "غير الضرورية"؟

كما هي الحال غالباً مع الأسئلة العلمية التي تركز على المستقبل، فإن الإجابة هي أنه لا أحد يعرف حق المعرفة.

ويوضح رافوسا: "لا يوجد ما يشير إلى أن لدينا أي فكرة عما يخبئه لنا المستقبل لأن الوتيرة التي تتغير بها التكنولوجيا والتي قد تؤثر في التطور هائلة، وهي أقل قابلية للتنبؤ بكثير مما يعتقده المرء".

وأضاف قائلاً: "نحن نتعلم عن الأعضاء غير الوظيفية التي ورثناها من أسلافنا إلى حد كبير من خلال النظر إلى الماضي. علينا فقط أن ننتظر ونراقب ما يحدث لأننا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل".

قد تؤدي الزائدة الدودية، التي كانت تُعتبر ذات يوم عضواً غير وظيفي، دوراً أساسياً في صحة الأمعاء.

المحتوى محمي