طفولة نبتون قد تكشف عن كواكب مفقودة في النظام الشمسي

3 دقائق
نبتون
لتُقطت هذه الصورة عن طريق فوياجر 2، وتبيّن البقعة المظلمة الكبيرة على كوكب نبتون و بقعة ساطعة متحركة تُدعى بالعامية «سكوتر» - مصدر الصورة: ناسا/جاي بي أل

هل هناك كواكب مفقودة في نظامنا الشمسي؟ كيف تخبرنا طفولة كوكب نبتون عن ذلك؟

يدور النظام الشمسي الحالي بهدوء؛ إذ تنتظم الكواكب في مدارات تبدو دائرية حول الشمس، ولكن لم يكن الوضع كهذا دائماً. يبدو أن هذا الهدوء ظهر بعد فترة من التصادمات الكوكبية العنيفة التي ارتدّت فيها الكواكب العملاقة عن بعضها البعض، ربما قاذفة على الأقل كوكباً واحداً خارج النظام الشمسي.

أمضى الباحثون سنوات يمسحون النظام الشمسي باحثين عن أدلة عمّا حدث في تلك الفترة الفوضوية نسبياً. وجد «ديفيد نيسفورني»؛ وهو عالم كواكب في معهد «ساوثويست ريسيرتش»، أدلّة تشير إلى أن أحداث أحد التصادمات في عنقود صغير مؤلّف من صخور بعيدة، هذا الحدث هو عبارة عن صراع بين كوكب نبتون وكوكب آخر انتصر فيه كوكب نبتون. التحليل الذي أجراه نيسفورني؛ والذي ظهر في منشور غير خاضع لمراجعة الأقران بعد في أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يضيف المزيد من الدعم على الفكرة القائلة بأن النظام الشمسي كان يحتوي من قبل عدداً أكبر من الكواكب.

وفقاً لـ «نايثن كايب»؛ وهو عالم كواكب من جامعة أوكلاهوما لا علاقة له بالبحث الجديد، حتّى تظهر هذه الأجسام البعيدة في المحاكيات الحاسوبية، يبدو أننا «بحاجة كوكب يُبعثر [نبتون] عنه»؛ وهذا يعني نظرياً أنه كان يوجد على الأقل كوكب واحد إضافي يدور حول الشمس في العصور قديماً.

إحدى الطرق التي يستطيع الباحثون فيها التعلّم عن الأحداث التي وقعت قبل أكثر من 4.5 مليار سنة هي دراسة تجّمعات الكرات الجليدية؛ التي تُعرف بـ «حزام كايبر»، يبدأ هذا الحزام من قرب مدار نبتون ويمتد خارجاً من هناك. هذه الأجسام المتجمّدة موجودة من زمن طويل، ولا تتأثر بالتفاعلات بين الكواكب.

الكوكب الوحيد الذي يتفاعل مع هذا الحزام هو نبتون القريب؛ والذي تزامن مداره مع مدارات العديد من أجسام الحزام مثل بلوتو. هذا التزامن ينتج من تأثيرات تثاقليّة نبتونيّة؛ والتي كان من المفترض أن تمنع تشكّل الأجسام الجليدية في حزام كايبر، لكن بسبب وجود بلوتو ورفاقه، أدرك الباحثون في ثمانينيّات وتسعينات القرن الماضي أن نبتون كان أقرب إلى الشمس بنسبة 10 إلى 20% من الشمس، ثم انزلق بعيداً عنها (بعد تشكّل بلوتو والأجسام الأخرى الشبيهة به).

لكن كيف انتقل نبتون؟

إحدى الفرضيات الأوليّة تنص على أنه تحرّك بمسار حلزوني أملس نتيجةً للاصطدام المنتظم بالأجسام الصغيرة، لكن أشارت بعض الأرصاد إلى سيناريوهات أكثر عنفاً، في وقت ما من أول مليون سنة من عمر النظام الشمسي، من الممكن أن تكون قد قذفت بعض حوادث التصادم القريبة الكواكب إلى مواقع جديدة ضمن مسارات إهليليجية. يشير علماء الكواكب إلى هذه الفترة الكارثية بشكل تبسيطي باسم «فترة عدم الاستقرار».

ركّز نيسفورني- بهدف الحصول على فكرة أوضح عمّا حدث لنبتون خلال هذه الفترة- على مجموعة محددة من أجسام حزام كايبر المكتشفة في العقد الأخير. تمر مدارات هذه الأجسام عبر أطراف حزام كايبر، لكن ما يجعلها مميّزة بحق هي الطريقة التي تنحرف بها مساراتها بحوالي 10 درجات تقريباً عن قرص النظام الشمسي المسطّح؛ وهذا يشيّر إلى أن شيئاً ما قد دفعها خارجاً. يقول نيسفورني: «إذا بدأت بمدار محدد، سيكون من الصعب أن تجعله ينحرف لاحقاً».

وفقاً لمحاكيات جديدة أجراها نيسفورني؛ هذا «الشيء» الذي دفع الأجسام هو الأرجح كوكب نبتون أثناء تحرّكه مبتعداً عن الشمس ضمن مدار له شكل هجين بين دائرة مثالية وقطع ناقص مضغوط. عجزت السيناريوهات الأخرى عن تفسير مواقع هذه الأجسام ومداراتها المائلة.

جعْل نبتون يتحرك بتلك الطريقة يتطلّب صدمة قويّة؛ مثل حدوث تفاعلٍ قريب مع كوكب آخر له كتلة مشابهة لكتلة نبتون على الأرجح. أشارت دراسات سابقة –ومنها من التي أجراها نيسفورني نفسه– أن النظام الشمسي احتوى على المزيد من الكواكب العملاقة غير المشتري وزحل ونبتون؛ وهو سيناريو يصبح مرجّحاً أكثر إذا انحرفت المدارات أكثر لفترة من الزمن. يقول كايب: «إذا حدثت فعلاً فترة عدم الاستقرار، فمن المرجّح أكثر بكثير أن نفقد بعض الكواكب من أن تبقى الكواكب الأربعة الأصلية».

عندما يجري نيسفورني محاكيات حاسوبيّة افتراضية للنظام الشمسي تحتوي على عملاق جليدي ثالث (إضافة إلى أورانوس ونبتون)، تصبح الصورة منطقية. إذا كان العملاق الغامض يصطدم تقريباً بكوكب نبتون، وإذا كان مدار نبتون يتمدد أثناء تحركه مبتعداً عن الشمس؛ مما يعطي مجموعة أجسام حزام كايبر انحدارها المميز بنسبة 10%، فالأدلة تكون ظرفية، لكنها موحية.

يقول نيسفورني: «هذا علم، نحن لا نعرف تماماً ما حدث، لكن الأمر مقنع بما يكفي بالنسبة لي».

منذ أن نجا نبتون من حدث التصادم القريب، من المحتمل أن يكون قد طُرد العملاق الجليدي الإضافي من النظام الشمسي إلى ظلام مجرة درب التبانة، ومع ذلك، إذا لم يتلقَّ ما يكفي من الدفع ليهرب من جاذبية الشمس، فربما يكون قد استقر على بعد يبلغ 30 ضعف من بعد نبتون عن الشمس اليوم، بالضبط حيث توقع بعض علماء الفلك وجود «الكوكب تسعة» غير المرئي. يقول كايب أن الكوكب الذي يُتوقَّع وجوده يظهر في حوالي 5% من عمليات المحاكاة، لكن هذه احتمالات غير مؤكّدة.

وفقاً لنيسفورني؛ إن الفهم الأفضل للتصادمات المحتملة بين الكواكب الصغيرة هو ببساطة مسألة رسم خرائط للمناطق الخارجية غير المضطربة للنظام الشمسي بمزيد من التفصيل. ستكون هذه المهمة هدفاً رئيسياً لمرصد «فيرا سي روبن»؛ الذي من المتوقع أن يبدأ عملياته العلمية في عام 2023.

يقول نيسفورني: «بسبب وجود حزام كايبر، ليس من المفترض أن يكون من الصعب معرفة ما حدث».

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي