نيزك «متوهج» نقي يحتوي مركبات عضوية خارج أرضية

2 دقائق

النيازك هي كتل صغيرة تحمل أسرار الفضاء العميق، ولغز وصول الحياة إلى الأرض. المشكلة هي أنه من النادر إيجادها قبل أن تتلوث بالمياه السائلة والميكروبات الأرضية التي تفقدها فائدتها. لذلك عندما سقط نيزك في بحيرة متجمدة في هامبورغ، ميشيغان في أوائل عام 2018، وتم إيجادخه خلال يومين عن طريق صائد نيازك جلبه إلى متحف فيلد في شيكاغو، كان العلماء مفتونين بذلك. وتوافدوا إلى المتحف لدراسة هذه العينة التي تميزت بنقائها غير المعتاد.

أخذت دراسة نشرت في 27 أكتوبر/ تشرين الأول في دورية «ميتيوريتيكس آند بلانيتاري ساينس» نظرة على هذه الصخرة الفضائية. وحددت 2600 نوع من المركبات العضوية فيها، وقدّرت عمرها بحوالي 4.5 مليار سنة. كانت الدراسة نتيجة تعاون بين 29 عالم من 24 مؤسسة طبّقت كل منها تقنياتها الخاصة لتحديد أنواع المواد العضوية في العينة.

أغلب النيازك التي تسقط على الأرض تهبط إما في المحيط -الذي يُشكل أكثر من 70% من مساحة سطح الأرض-، أو في مناطق برية غير مأهولة، ولذلك فهي تبقى غير ملاحظة. ومع ذلك سقط هذا النيزك في ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة، وكان مرئياً من شيكاغو أثناء سقوطه، إذ بُلّغ عن رؤيته عن طريق 674 شخص في 19 ولايات مختلفة. بعد ذلك، تمكن مسبار طقس خاص بوكالة ناسا من تحديد موقع النيزك، وتم إيجاده عن طريق صائد نيازك -وليس عالماً- ذهب لجلب الصخرة من البحيرة المتجمدة التي سقطت فيها وسلّمها بعد ذلك إلى متحف فيلد. هذه الأحداث العرضية هي التي جعلت البحث الجديد ممكناً.

حدد الباحثون 2600 نوع من المركبات العضوية في النيزك، وكان معظمها من مركبات الهيدروكربونات الثقيلة. حقيقة أن النيازك تحمل مركبات عضوية ليست جديدة، وذلك وفقاً لـ «فيليف هيك»، وهو أمين متحف فيلد ومؤلف رئيسي للدراسة. لكن الاكتشاف الجديد يضيف المزيد من الأدلة لنظرية موجودة سلفاً، والتي تقول أن صخوراً مشابهة للنيزك الجديد أوصلت المواد العضوية إلى الأرض من مليارات السنين، وأن هذه المواد ساعدت في تشكيل الحياة على الكوكب.

يقول هيك: «هذا يجعل النظرية مرجحة أكثر بكثير … وهي أن النيازك لعبت دوراً مهماً في إيصال المواد العضوية إلى الأرض». في النهاية، تطورت هذه المواد إلى الأشكال المبكرة من الحياة.

كان مؤلفوا الدراسة قادرين أيضاً على تحديد أن الكويكب الأصلي الذي أتت منه الصخرة تشكّل من 4.5 مليار سنة. وذلك عن طريق فحص النظائر الكيميائية في الصخرة. انفصلت القطعة التي وصلت إلى الأرض عن كويكبها الأصلي من حوالي 12 مليون سنة. وكان الباحثون قادرين على تحديد ذلك عن طريق تحليل التغيرات التي طرأت على النيزك نتيجة الإشعاع الكوني الوافر في النظام الشمسي. الغلاف الجوي والحقل المغناطيسي للأرض يحميان البشر من الإشعاعات، لكن في الفضاء، فإن هذه الإشعاعات تؤثر على كل شيء تقريباً، وتحلل وتغير تركيب الجزيئات.

يقول هيك: «أحب أن استخدم تشبيه دلو مياه الأمطار. فعندما ينهمر المطر بشكل مستمر نوعاً ما خلال فترة بعد الظهر، إذا وضعت دلواً خارج المنزل وانتظرت فترة من الزمن ثم فحصت مستوى المياه فيه. عندها يمكنك تحديد المدة الزمنية التي بقي فيها الدلو في الخارج، وكمية مياه الأمطار التي سقطت». لذلك، وعن طريق حساب عدد النظائر الكيميائية المتغيرة في النيزك، يستطيع العلماء تحديد المدة التي طاف فيها النيزك الفضاء.

وفقاً لـهيك، فإن الباحثون في النيازك هم ليسوا مثل العلماء الآخرين لأنهم يعتمدون على عوام الناس لتجميع العينات بدلاً من أن يجدوها بأنفسهم. يعود ذلك للطريقة العشوائية وغير القابلة للتنبؤ التي تسقط فيها النيازك على الأرض. ووفقاً لهيك، من دون صائد النيازك «روبرت وارد»، والجامع الخاص «تيري بوردو»، لم يكن النيزك الجديد ليُكتشف قبل أن يُلوث بالمياه السائلة وأن تختلط مركباته العضوية الأساسية بالمركبات الأرضية.

يقول هيك: «هذا التعاون بين المواطنين والعلماء والمؤسسات العلمية جعل هذه الدراسة ممكنة».

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي