تبيّن لباحثين من عدة جامعات أميركية أن الدماغ يستجيب بشكل مختلف على محتوى مماثل باختلاف الانتماء السياسي. وذلك في دراسةٍ نُشرت نتائجها في دورية «بروسيدينجز أوف ذا ناشوال أكاديمي أوف ساينس» العلمية.
عرض الفريق مقاطع فيديو قصيرة تتضمن مواضيع جدلية مثل سياسات الهجرة، وبناء الجدار الأميركي على الحدود المكسيكية على 38 شخصاً بالغاً يتنوعون بين الليبراليين والمحافظين، وأجروا أثناء ذلك مسحاً لأدمغة المشاركين في الدراسة عبر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.
وبعد الانتهاء من كل مقطع، طُلب من المشاركين أن يحددوا على مقياس من واحد إلى خمسة مدى اتفاقهم مع الرسالة العامة للفيديو، مصداقية المعلومات المقدمة فيه برأيهم، وإمكانيته لتغيير مواقفهم السياسية. ولقياس استجابات أدمغة المشاركين لتلك المقاطع، استخدم الباحثون مقياساً يُعرف باسم «الارتباط بين الموضوعات»، والذي يُستخدم عادةً لقياس استجابة دماغين متشابهين للرسالة نفسها.
توقع الباحثون أنه فيما لو أدت جوانب السرد القصصي للمعلومات السياسية التي استوعبها الأشخاص في مقاطع الفيديو إلى تفريقهم أيديولوجياً ، ستكون هذه الفوارق مكشوفة أيضاً في مناطق الدماغ العليا.
وهذا ما أظهرته النتائج بالفعل؛ استجابةً موحّدة لدى جميع المشاركين في القشرة السمعية والبصرية، بغض النظر عن مواقفهم السياسية. بينما تباينت الاستجابات العصبية على طول «قشرة الفص الجبهي الظهري»، وهي منطقة من الدماغ تتم فيها معالجة المعلومات الدلالية ومعاني الكلمات. ولوحظت أكبر الاختلافات في النشاط العصبي عندما سمع الناس رسائل سياسية تستخدم لغة مرتبطة بالتهديد ولغة عاطفية وأخلاقية دفعت المستجيبين إلى تفسير الرسالة نفسها بطرقٍ معاكسة، وهذا ما سمّاه الباحثون بـ«الاستقطاب العصبي».
كما أظهرت النتائج كذلك هي أنه كلما كان النشاط الدماغي لأحد المشاركين قريباً من النشاط الدماغي لـ«الليبرالي المتوسط» أو «"المحافظ المتوسط»، الموضَحين في الدراسة، كلما زاد احتمال أن يتبنى المشارك، بعد مشاهدة مقاطع الفيديو، موقف تلك المجموعة المعينة.
يأمل الباحثون في استخدام التصوير العصبي لبناء نماذج أكثر دقة لكيفية تفسير المحتوى السياسي في سبيل تضييق الفجوة بين معتنقي مختلف الأفكار السياسية.