إليك هذا السؤال: هل اخترتَ قراءة هذا المقال بإرادتك، أم فعلت ذلك لأنه كان مُقدّراً لك؟ تَفَكَّر الفلاسفة في وجود الإرادة الحرة لعصور، وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ علماء الأعصاب بالتساؤل حول إذا ما كان البشر يعيشون حياتهم وفقاً لإرادتهم الحرة أم لا، لكن لم يمتلك أحد أي دليل رصين للإجابة، لكن ماذا فعلنا لاكتشافه؟
هل الإرادة الحرة حقيقة فعلاً؟
أُنجزت دراسة مهمة عام 1983 للبحث عن إجابة للسؤال، حيث طلب الباحثون من المشاركين أن يتّخذوا قراراً واعياً بتحريك أحد أصابعهم قبل رفعه، وسجّلو نشاطهم الدماغي باستخدام جهاز تخطيط الدماغ. ما كان مفاجئاً هو أنه قبل أن يختار المشاركون أن يتحركوا، زاد نشاط المادة الرمادية في أدمغتهم؛ مما يشير إلى أنّ الأدمغة تأخذ القرارات حتى قبل أن نُدرك نحن ذلك. خلال السنين، تم تدقيق مكتَشَفات الدراسة بشكل متكرر، إذ أنّ السبب وراء نشاط المنطقة الرمادية ليس واضحاً بعد.
الباحثون العصريون مثل «يوري ماوز»؛ عالم أعصاب حاسوبية في جامعة تشابمان، يحاولون إيجاد الجواب عن طريق البيانات. إذا عَلِمَ حاسوب فائق كل شيء عنّا (من أهدافنا إلى نوعنا المفضل من الآيسكريم والحلوى مثلاً)، والطريقة التي تؤثر فيها كل القرارات التي نتّخذها (ومن ضمنها تلك التي حدثت منذ الولادة) على القرارات التي تليها، إذاً ستستطيع الآلة أن تتنبّأ بالخيارات الأكثر ترجيحاً التي سنتّخذها في أي حالة معينة.
يبحث ماوز وغيره حالياً في احتمال وجود أي فرصة لأن تتخذ خياراً قد لا يتوقّعه الحاسوب الفائق، لكن في حالة هذا المقال، طالما أنك انتهيت من قراءته تقريباً، فالجواب ليس مهمّاً.
نُشرت القصة في العدد 20 من مجلة بوبيولار ساينس بعنوان «الألغاز»، 2020