تتناثر في هذه المنطقة قطع من الصخور والحجارة الضخمة، بعضها بحجم ثلاجة، لتبدو وكأنها تحركت آلاف الأمتار بمفردها. حاوَل الجيولوجيون منذ أربعينيات القرن الماضي تفسير آلية تحرُّك هذه الصخور، فخرجت نظريات كثيرة بعضها منطقي والأخرى سخيفة، لكن لم يرَ أحد الصخور وهي تتحرك. لا يحتوي وادي الموت؛ كما يوحي اسمه، على أية حياة، ولكن بالرغم من أنه أحد الأماكن الأكثر حرارة على وجه الأرض، تضربه العواصف الشديدة شتاءً، لذلك لا تبدو هذه الظروف مغريةً كي يبقى أحدٌ ما هنا ويراقب ما يحدث.
لكن في عام 2011، طرح ابن عمي جيم؛ وهو مهندس، فكرةً جيدة. حيث اقترح وضع كاميراتٍ بالقرب من المكان لتراقب ما يحدث، وتركها تجمع البيانات، لكنّ خدمة المنتزهات القومية قالت أنه لا يمكننا ترك أي أثرٍ هناك، لذلك قمنا بجلب حجارتنا الخاصة وصنعنا بها ثقوباً ووضعنا أجهزة جي بي إس فيها، ووضعناها جنباً إلى جنب مع كاميرات تايم لابس؛ تقوم بتصوير المشهد بفواصل زمنية محددة، بالقرب من الصخور. لم يحدث شيء لسنتين، ثم، وفي عام 2013، حالفنا الحظ أخيراً.
كنا قد قطعنا 8 ساعاتٍ بالسيارة للوصول إلى الموقع لنقوم بتغيير بطاريات أجهزة «جي بي إس» التي زرعناها في الصخور، تماماً كما كنا نفعل كل بضعة أشهر. لكن هذه المرة، فوجئنا بأنّ عاصفة ثلجية ضخمة تضرب المنطقة، حيث كان قاع البحيرة مليئاً بالمياه وكانت تتجمد بسرعة. وبينما كنا نتمشى تحت ضوء القمر في تلك الليلة، كنا نسمع أصواتَ هسيس عالية من كل مكان ناجمةٍ عن تجمُّد الماء السريع، ثم في صباح اليوم التالي، ومع انقشاع العاصفة وشروق الشمس الدافئة، بدأ كل الجليد بالذوبان. عندما بدأت صفائح الجليد بالانزلاق عبر المياه الذائبة، ولدهشتنا، رأيناها تدفع الصخور معها.
حدث ذلك كله بسرعة كبيرة، وكنا أول من رأى هذا المشهد مباشرة. لحسن الحظ، كنا مستعدين ومتأهبين دائماً بانتظار هذا الحدث، وقدمت لنا أجهزة تعقّب «الجي بي إس» الخاصة بنا الكثير من الأدلة الداعمة عالية الجودة تكشف هذا اللغز الذي بقي لعقودٍ يحير العلماء.