دراما وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على المراهقين بشكل كبير

3 دقائق
دراما وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على المراهقين بشكل كبير
حقوق الصورة: شترستوك.

إن كان هناك درس علمتنا إياه أحداث عام 2021، فهو أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «إنستقرام»، يمكن أن تؤثر سلباً على المراهقين، لكن مدى هذا التأثير لا يزال غير مفهوم تماماً حتى الآن. 

لمعرفة المزيد، سعى علماء من جامعة كامبريدج وكلية لندن الجامعية وجامعة أوكسفورد إلى توصيف هذه العلاقة متعددة الأوجه بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ورفاهة البشر، وذلك من خلال استطلاع آراء آلاف المراهقين والبالغين حول عاداتهم ومشاعرهم حيال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. تم نشر النتائج التي توصل الباحثون إليها في دراسة جديدة نُشرت في دورية «نيتشر كوميونيكيشنز» في 28 مارس/آذار 2022. 

الآثار السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي

وجدت الدراسة أن المراهقين يميلون إلى تكوين علاقات أكثر سلبية مع وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالأفراد الأكبر سناً. ولكن ضمن فئة المراهقين، يمكن أن يؤثر عمر المستخدم وجنسه أيضاً على شدة هذا التأثير. من البيانات التي حللها فريق العلماء، بدا أن الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 11 و13 عاماً والفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاماً حساسون بشكل خاص للآثار السلبية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كان مرتبطاً بانخفاض كبير في مشاعر الرضا عن الحياة لكل من الفتيات والفتيان من عمر 19 عاماً.  

قالت «آمي أوربن»، المؤلفة الرئيسية للدراسة، عبر حساب معهد أوكسفورد للإنترنت على تويتر: «من الواضح أن الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية معقد للغاية»، وأضافت: «يبدو أن التغييرات التي تحدث داخل أجسادنا، مثل نمو الدماغ والبلوغ، وتلك التي تنتج عن ظروفنا الاجتماعية، تجعلنا عرضة للخطر في أوقات معينة من حياتنا أكثر من أوقات أخرى».  

كانت مجموعة البيانات الرئيسية التي اعتمد عليها الباحثون في تحليلهم هي دراسة استقصائية جدولية أسريّة قامت بها جمعية فهم المجتمع في المملكة المتحدة. شارك في هذه الدراسة أكثر من 70 ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 80 عاماً، وتضمّنت أسئلة عن مدى استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع المراسلة، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«واتساب» في الأيام العادية، ومدى رضاهم عن حياتهم في ذلك الوقت. طلب الباحثون من المشاركين تقييم حياتهم ككل أولاً، ثم تقييم شعورهم تجاه عملهم ومظهرهم وعائلاتهم وأصدقائهم وحياتهم في المدرسة.  

اقرأ أيضاً: حوار خاص| كيف تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في حياة الأمهات؟ 

عانى المراهقون، أو اليافعون الأصغر سناً، من الآثار السلبية الأكثر شدة المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من أن العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والرضا عن الحياة تتقلب عبر الفئات العمرية بطريقة غير خطية (على سبيل المثال، كان الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي مرتبطاً بانخفاض الرضا عن الحياة لدى الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و29 عاماً مقارنة بالذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و25 عاماً).

بينما بالنسبة لليافعين صغار السن، انخفض الرضا عن الحياة بشكل عام مع زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. عند المراهقين الأكبر سناً (الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عاماً)، لاحظ الباحثون نمطاً متعادلاً بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والرضا عن الحياة. على وجه التحديد، وجدوا أن المشاركين الذين أبلغوا عن عدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو عن استخدامٍ مكثف (أكثر من 7 ساعات) كانت معدلات رضاهم عن حياتهم أقل من المشاركين الذين قالوا إنهم استخدموا وسائل التواصل لنحو ساعة واحدة يومياً. 

اقرأ أيضاً: هكذا تستغل وسائل التواصل الاجتماعي الوحدة التي نشعر بها 

دوّامات لا نهائية من المشاكل النفسية!

كتب الباحثون في ورقتهم البحثية: «لقد أدى التعلق الحالي بوسائل التواصل الاجتماعي إلى تغيير جذري في الطريقة التي يقضي بها البشر وقتهم، والتي يصورون فيها أنفسهم ويتواصلون»، وأضافوا: «يمر معظم المراهقين بتغييرات اجتماعية وثقافية كبيرة وأحداث في الحياة مثل الانتقال من المدرسة إلى الجامعة أو العمل، ولذلك فمن المعقول أن تزيد هذه الظروف من حساسية المراهقين تجاه مواقع التواصل الاجتماعي التفاعلية والعلنية، وهي تكنولوجيا يستخدمونها على نطاق أوسع مقارنة بالفئات العمرية الأخرى. 

قال الفريق إن هذه الدراسة المبنية على مسح أجري على مستوى السكان لا تسمح لهم بتحديد ما إذا كانت العلاقة التي لاحظوها تشير إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يسبب ضعف الشعور بالرفاهة والرضا بشكل دقيق، أو أن انخفاض الرضا عن الحياة يؤدي إلى زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، فإن كل محاولة لفهم تفاصيل هذه العلاقة يمكن أن تقربهم من الإجابة.

اقرأ أيضاً: دليلك للتخلص من «إزعاج» وسائل التواصل الاجتماعي

قال «أندرو كاي. شبيلسكي»، المؤلف المشارك للدراسة الجديدة والباحث في جامعة أوكسفورد، في تغريدة على موقع تويتر: «الوقت الحالي الذي يقضيه الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي هو بمثابة "صندوق أسود" للعلماء وأولياء الأمور على حد سواء»، وأضاف: «لتحسين دراساتنا العلمية، نحتاج إلى جمع بيانات أوسع، ولتحسين التربية حول التكنولوجيا، يجب علينا خوض حوارات جديدة مع المراهقين». 

المحتوى محمي