هل تعتقد أنك تكره الرياضيات؟ هل يصيبك التوتر والقلق عند رؤية مسألة رياضية؟ هل تخشى من الفشل في اختبارات الرياضيات أو تشعر أن ذهنك قد أُغلق تماماً وأصيب بالإنهاك؟ حسناً، قد تكون تعاني من صدمة الرياضيات.
تشرح «كاسي آلين» -الحاصلة على الدكتوراه وأحد النشطاء للتوعية بالرياضيات- مفهوم الصدمة الرياضية، بأنها: «صدمة تنبع من حدث، أو سلسلة من الأحداث، أو مجموعة من الظروف الضارة التي يتعرض لها الفرد، بحيث تكون آثارها السلبية مؤثرة على أداء الفرد وقدرته على الفهم في وجود الرياضيات».
الاختبارات الموقوتة تسبب الصدمة
أشار بحث علمي نشره المجلس الوطني لمدرسي الرياضيات في عام 2012، إلى وجود رابط بين الاختبارات الموقوتة وقلق الرياضيات.
هذا يعني أن الطالب الذي يوضع تحت ضغط الوقت لإتمام اختبار الرياضيات؛ يداهمه الخوف، ويُعيق ذهنه عن التفكير، حينئذٍ لا يتمكن من استكمال الحل. وربما، تجد أن الطالب ذاته يتمكن من حل مسائل الرياضيات غير المرهونة بوقت معين دون مشاكل، وهذا يعني أن الاختبار الموقوت ليس مقياساً على المهارة.
حفظ الحلول الرياضية يفاقم المشكلة
الرياضيات لا تحتاج إلى الحفظ والتلقين، بل إلى التفكير. قد يلجأ بعض الطلاب إلى حفظ طرق الحل للتمكن من اجتياز الاختبارات، لكنهم قد يصابون بصدمة الرياضيات عندما لا يتمكنون من حل المسائل التي تفاجئهم في ورقة الاختبار.
وفقاً للمجلس الوطني لمدرسي الرياضيات، فإن الطلاقة الإجرائية (القدرة على تطبيق قانون رياضي معين في مسألة بعينها بدقة وكفاءة، بالإضافة إلى بناء استراتيجية الحل الملائمة للمسألة دون غيرها) تعد أفضل طريقة للتطور في حل العمليات الرياضية. أي أنه لبناء ذاكرة رياضية جيدة، ينبغي أولاً فهم كيفية عمل الرياضيات.
على سبيل المثال، ربما تحتاج من أجل حل معادلة رياضية معينة أن تضرب طرفيها في (-1)، ثم تنقل المتغيرات في طرف والثوابت في الطرف الآخر، ثم تبسيط المعادلة لإيجاد قيمة المتغير.
بينما تحتاج معادلة رياضية أخرى إلى طريقة فرق بين مربعين أو مكعبين للحصول على قيمة المتغير في النهاية، كما يساعدك إيجاد قيمة المتغير الأول في المسألة من معرفة قيمة المتغير الثاني.
ويجب أن نعرف أن الطلاقة الإجرائية ليست مجرد استخدام إجراء واحد لموقف معين، فربما تجد أمامك رسماً هندسياً مُعين، والمطلوب إيجاد قيمة زاوية مجهولة. يمكنك إيجاد هذه القيمة المجهولة باستخدام أكثر من استراتيجية.
مجرد حفظك لطريقة الحل واستراتيجية معينة لكل مسألة يجعلك عاجزاً أمام الرياضيات.
القلق يسبب ضعف الأداء
الذاكرة العاملة مسؤولة عن تخزين المعلومات بشكلٍ مؤقت، وتختلف عن الذاكرة قصيرة الأمد في أنها تسمح بمعالجة تلك المعلومات وتغييرها.
أظهرت دراسة علمية أجريت في عام 2017 نشرت في مجلة علم النفس التربوي، وجود علاقة بين اختبار القلق والذاكرة العاملة على الأداء في الرياضيات. فقد كان لقلق الاختبار تأثيراً سلبياً على حل المشكلات على مستوى العينة المكونة من 624 طالباً في الصف الثالث.
أما فيما يتعلق بالمسائل الحسابية، فقد كان الطلاب الذين يعانون من انخفاض الذاكرة العاملة أكثر تأثراً من قلق الاختبار عند أداء المهام.
كيف تتجنب وتعالج صدمة الرياضيات؟
- اقترحت «كاسي ألين» تغيير ثقافة الفصول الدراسية، من خلال زيادة الأنشطة التفاعلية بين الطلاب، وإنهاء الاختبارات المحددة بوقت معين.
- الخطوة الأولى دائماً في علاج أي مرض أو أزمات تبدأ من الاعتراف بها، كذلك الصدمة الرياضية، فأول خطوة على طريق علاجها هي الاعتراف بالإصابة بها.
- الابتعاد عن الحفظ، فمجرد حفظك لاستراتيجية معينة للحل لا يجعلك قادراً على التعامل بطلاقة، فكل معلومة سوف تكتسبها حفظاً، ستشعر بانعزالها عن غيرها، ولن يكون هناك ترابطاً يُكسبك القدرة على التفكير في استراتيجية الحل التي تربط بين كل ما تعلمته.
وإنما ينبغي معرفة المفاهيم الأساسية، مع فهم مجموعة متنوعة من الإجراءات والاستراتيجيات غير المعتادة في التفكير؛ لتكون قادراً على التحرك بحرية مع المسائل الرياضية.
- الإكثار من استخدام الرياضيات في الممارسات اليومية، وإدخال العديد من الألعاب المعتمدة على الأرقام، مثل سودوكو.
- ينبغي على المعلم وولي الأمر مساندة أطفالهم، عن طريق منحهم المساحة الكافية لشرح طريقة تفكيرهم، واستراتيجياتهم المختلفة في الحل، مهما كانت بعيدة عن المتوقع.
- من المهم ألا يكون للآباء تأثيراً سلبياً على أطفالهم، وألا ينعتونهم بأنهم «أغبياء»، أو عقليتهم ليست رياضية، فبالطبع يصدق الطفل أنه كذلك، ويكون لهذا تأثيراً سلبياً في قدرته على التعلم.
صدمة الرياضيات تدفعك للخطأ في الحسابات الرياضية، وبناءً عليها قد تظن أن مستواك سيء.وليس معنى العلاج من صدمة الرياضيات أن تصبح أحد عشاق هذه المادة، وإنما يكفي ألا تنفر منها.