6 ابتكارات كانت الطبيعة مصدراً لوجودها

4 دقائق
حقوق الصورة: doug bowman/flickr/CC BY 2.0

مهما استطاع الإنسان الوصول إلى أبعد نقاط الكون، ومهما كانت الأفكار مبهرة، تظل الطبيعة مستودع الأفكار البسيطة والعملية في جميع نواحي الحياة. استلهم الإنسان منذ أن دب بقدميه على الأرض من البيئة حلولاً لا حصر لها لكثير من مشكلاته، تفكّر مراراً وتكراراً في نبات أو حيوان ليصل إلى ابتكار جديد يفيد البشرية، وتفكر في السحالي والقروش والفراشات ليبتكر منتجات نتعامل معها يومياً.

إليكم 6 ابتكارات لمنتجات كانت الطبيعة مُلهماً أساسياً لوجودها.

  1. لاصق «جيك سكين» وجلد السحالي

إذا أمعنت النظر في قدرة سير الوزغ (البرص) على الحائط عمودياً وأفقياً بدون أي مشكلة، فبالتأكيد قد فكرت يوماً فيما وراء هذه القدرة، فالوزغ يمتلك مجموعة معقدة من الأوتار الصلبة على أغطية القدم تساعده في الالتصاق بكثير من الأسطح  حتى الملساء منها. تمتلك الوزغة ملايين الشعيرات الدقيقة التي تعمل كركيزة ناعمة يُمكن أن تتوافق مع الأسطح، ولقد كانت الوزغة محل دراسة كثير من العلماء بسبب هذه القدرة العجيبة في الالتصاق بالأشياء.

بالطريقة نفسها، استطاعت مجموعة من العلماء على رأسهم «ألفريد كروسبي» عالم بوليمرات، و«دنكان إيرشيك»، عالم أحياء، بدراسة التصاق البوليمرات لمدة طويلة، والعمل على مادة تحمل سمات جلد البرص، وعلى عكس المواد اللاصقة التقليدية التي تلتصق بالضغط، فإن هذه المادة تلتصق عن طريق الاتصال المباشر مع السطح، وتتمتع بصلابة عالية ومرنة في الاتجاهات التي يُمكن توزيع الأحمال عليها بشكل متوازن.

  1. مادة «الفيلكرو» والتصاق البذور بفراء الحيوانات

خلال رحلة صيد في عام 1948، لاحظ المهندس السويسري «جورج دي ميسترال» أن نتوءات نبات «الأرقيطون» ظلت متمسكة بملابسه وفراء كلبه. تتفرق بذور هذه النباتات عن طريق التعلق بأي حيوان يفركها، وبدافع الفضول حول تشبث البذور بإحكام شديد، درس دي ميسترال عينة من هذه البذور تحت المجهر.

أثناء الدراسة وجد أن البذور تحتوي على مئات السنانير الصغيرة على سطحه، التي تتمسك بأي شيء يلمسها كخيوط الملابس وفراء الحيوانات، وبعد الدراسة شرع دي ميسترال في تكرار السنانير وحلقات البذور المتشابكة لإنشاء مادة قابلة لإعادة الاستخدام واستقر في النهاية على النايلون حيث يُمكن نسج المادة في حلقات، ومعالجتها بالحرارة للحفاظ على شكلها.

ولجعل السنانير متقابلة، قلّص قمم الحلقات وقصّها إلى نصفين بحيث تصطف الخطافات بشكل صحيح مع حلقات غير مقطوعة على قطعة أخرى من النايلون، وبمجرد أن يتم تثبيت الخطافات على الحلقات فإنها تشتبك معاً بين قطعتي من القماش، وتستخدم حالياً في العديد من الملابس والسيارات والمعدات والأجهزة الرياضية وغيرها.

  1. شاشات القارىء الإلكتروني وأجنحة الفراشات

كانت شاشة «ميرازول» من كوالكوم أولى الشاشات الملونة الكاملة والقادرة على عرض فيديو على شاشة قارئ إلكتروني تجريبي. بُنيت الشاشة على مفهوم التقزح اللوني لجناح الفراشة بأن تعكس التقنية الجديدة الضوء بدلاً من إرسال الضوء، مثلما تفعل شاشات LCD.

يُمكن قراءة الشاشة في ضوء الشمس الساطع بدون أي مشكلات في الرؤية، مع توفير غير مسبوق لعمر البطارية الافتراضي. جاء إلهام بناء شاشات ميرازول من أكثر المخلوقات الطبيعية حيوية، مثل جناح الفراشات الخلاب والحلق الياقوتي لطيور الطنان، وومضة قوس قزح الخاصة بالأسماك الاستوائية.

بالنظر بعين فاحصة على ميكانيكا التقزح الطبيعي، سنجد بنية مشتركة بين طيور وأسماك عديدة، وهي انعكاس الضوء عن البلورات عند زوايا مختلفة؛ ما يتسبب في تداخل موجات الضوء مع بعضها البعض، وتستخدم شاشات ميرازول أغشية مرنة صغيرة مشحونة كهربائياً ومغطاة بطبقة عاكسة لتقليد خواص البلورات البيولوجية العاكسة.

  1. شركة «مرسيدس بنز» وسمكة الصندوق الصفراء

سعت شركة «مرسيدس بنز» إلى تصميم سيارة تتميز بالكفاءة والأمان والقدرة على المناورة، ولتحقيق ذلك حوّلت الشركة نظرتها إلى الطبيعة بحثاً عن الإلهام. وبعد كثير من البحث، نظرت الشركة إلى سمكة الصندوق الصفراء، وهي سمكة مرجانية استوائية صغيرة، وعلى عكس جميع أنواع الأسماك الأخرى فإن سمكة البوكس تأتي في شكل مثلثي صلب خفيف الوزن.

اهتم المهندسون على وجه التحديد بشكل السمكة وقوسها، الذي يتميز بخصائص هيدروديناميكية مثيرة للإعجاب ويساعدها هذا التصميم على توجيه تدفق المياه بطريقة تجعل السمكة تحافظ على مسارها الصحيح حتى وإن تقلبت الموجات.

هذا المزيج المتناغم من جسم واسع وسحب منخفض وثبات عالٍ جعل من سمكة الصندوق الصفراء خياراً لتكون الشكل الذي سيكون عليه تصميم سيارة مرسيدس بنز طراز A-1، وأطلقت السيارة عام 2005، وكانت خير دليل على قوة تعاون الأحياء والهندسة والتصميم.

  1. قطارات «شينكانسن» اليابانية وطائر الرفراف

تسير قطارات «شينكانسن» اليابانية المعروفة باسم «قطار الطلقة» بسرعات تتجاوز 321.87 كم/ ساعة، ويستخدمها الملايين في أكثر من سكة حديد بالعالم وتوفر وسيلة سريعة للغاية بين المناطق الحضرية في اليابان، بالإضافة إلى أنها وسيلة مريحة وسريعة جداً.

كانت المشكلة في القطارات الأخرى أنها تصدر ضوضاء عالية تزعج المناطق المأهولة بالسكان وكذلك المجاورين لخطوط السكك الحديدية، وجاءت فكرة القطارات الكهربائية شينكانسن، التي تعمل بهدوء تام، وتلافت الصوت المزعج تحديداً عند خروجها من النفاق لوجود ضغط كبير للهواء.

استلهم أحد المصممين الفكرة بعد ملاحظته طائر الرفراف الذي يتميز بمنقاره الطويل الضيق أثناء غوصه بالماء للحصول على فريسته، والعجيب أنه لا يصدر صوتاً أو ينثر ماء كبقية الطيور الأخرى المماثلة في الحجم عند ارتطامه بالماء، وبهذا كانت الفكرة مثالية لاختراق الهواء وتقليل احتكاك الهواء حول القطارات سواء داخل أو خارج الأنفاق.

  1. طلاء السفن وجلد القروش

استوحى العلماء طلاء السفن بعد دراسة جلد القرش وتسهيله لحركة القروش داخل الماء، واستطاع الطلاء تقليل كمية الوقود التي تستخدمها السفن وكذلك الطائرات سواء في مقاومة الماء والهواء على التوالي وبالتالي تقليل انبعاثات غازات الدفيئة.

طور باحثون في مؤسسة فرانهوفر في ألمانيا طلاء يُمكنه مقاومة أقصى درجات السفر الجوي، وكذلك تقليل مقاومة الماء أثناء السباحة، فقد طوروا لأول مرة طلاءً مصنوعاً من الجسيمات النانوية التي تسمح لها بمقاومة درجات الحرارة، التي تتراوح بين 55 إلى 75 درجة مئوية، والأشعة فوق البنفسجية الشديدة، وسرعات السفر الجوي.

ثم قرروا بعد ذلك اختيار طلاء يحاكي نعومة سطح القرش، ذلك باستخدام الاستنسل، ووجدوا أن الطلاء يقلل من الاحتكاك بأكثر من 5%، وخلال عام واحد قلل الطلاء من احتياجات سفينة الحاويات الكبيرة من الوقود بمقدار 2000 طن.

تظل القائمة مفتوحة أمام كثير من العلماء والباحثين، الذين يستلهمون أفكارهم من الطبيعة المحيطة بهم. كل ما عليهم فعله فقط هو الانتباه لما حولهم.  

المحتوى محمي