أطلقت مؤسسة دبي للمستقبل تقريراً جديداً بعنوان «الحياة بعد كوفيد-19: مستقبل المجتمع» لتسليط الضوء على تأثير التباعد الاجتماعي على المجتمعات والصحة النفسية للأفراد، ونتائج إغلاق النشاطات على أنماط الحياة العائلية، ومعادلة التوازن بين الحياة الإجتماعية والعمل.
آثار التباعد الاجتماعي
يعتبر التزام التباعد الاجتماعي الإجراء الأنجح في أغلب دول العالم؛ في ظل عدم توافر لقاح أو علاج لمرض كوفيد-19 حتى الآن، ومع توقف كافة النشاطات التي تتطلب التجمعات أو تسمح بها. أصبحت مواصلة النشاط التجاري والعمل والدراسة تعتمد على استخدام شبكة الإنترنت ما أدى إلى ازدياد مفاجئ في عدد مستخدمي منصات اجتماعات الفيديو، نظراً لأن هذا النوع من المنصات يُستخدم حتى في المناسبات الاجتماعية، مثل حفلات أعياد الميلاد والفعاليات وإنشاء المحتوى والموسيقى ونشرها على الشبكة.
لكن الانعزال في المنزل غيّر نمط الحياة الأسرية بشكل واضح، وفرض على العائلة ضرورة إيجاد توازن جديد بين العمل وشؤون الأسرة فضلاً عن مساعدة الأولاد على الدراسة من المنزل. ومع أن كثير من الأزواج استغلوا ذلك في تعزيز علاقاتهم، إلا أنه أدى أيضاً إلى ارتفاع معدلات المشكلات الأسرية ومعدلات الطلاق في بعض المجتمعات. وقالت دوبرافكا سيمونوفيتش مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة إنه من المرجح جداً أن تزيد معدلات العنف المنزلي وفق تقارير الشرطة الأولية وخطوط الإبلاغ الساخنة في عدة دول، لأن إجراءات الطوارئ اللازمة لمكافحة كـوفيد-19 تزيد أعباء النساء في العمل المنزلي ورعاية الأطفال والأقارب المسنين وأفراد الأسرة المرضى.
أشار التقرير إلى أن دعاوى العنف المنزلي ساهم بتشجيع بعض الحكومات على تخصيص خطوط هاتفية لمساعدة ضحايا العنف المنزلي، أو وتأمين غرف فندقية تتحمل الجهات الحكومية تكاليفها. ورغم أن انعزال المُسنين وأصحاب الهمم يقيهم أكثر من الإصابة بجائحة كوفيد-19، إلا أن ذلك أدى إلى ازدياد المخاوف من مشكلات صحية أخرى، مثل ازدياد خطورة أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض المناعة الذاتية.
التواصل الاجتماعي يعوض التباعد الجسدي
يرى التقرير أن التوجه الكبير إلى الاتصالات الرقمية بسبب الجائحة عزز إمكانيات التفاعل الاجتماعي المستقبلي، ففي جميع أنحاء الوطن العربي ازداد تواصُل الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها، مثل "واتساب" و"تيك توك"، وجر توظيف هذه المنصات في مكافحة المعلومات المضلِّلة مثل استخدام منظمة اليونيسيف منصة "تيك توك" لتقديم معلومات موثوق بها عن جائحة كوفيد-19 في المنطقة.
كما استخدمت منظمة الصحة العالمية خدمة الدردشة التفاعلية عبر تطبيق «فيسبوك ماسنجر» لمواجهة المعلومات الخاطئة بشأن فيروس كورونا، وتتوقع المنظمة أن يستفيد نحو 2.4 مليار شخص من هذه المعلومات. وقالت المنظمة إن في المناطق الأكثر تضرراً من فيروس كورونا، شهدت زيادة في استخدام الرسائل عبر منصات التواصل الاجتماعي بأكثر من 50%.
وبيّن التقرير أيضاً أن العديد من الأخصائيين النفسيين في المنطقة والعالم يقبلون على إنشاء مجموعات دعم نفسي افتراضية مجانية، ما أتاح حيّزًا يتشارك فيه الناس في مخاوفهم واهتماماتهم.
توجهات مستقبلية
يتوقع التقرير أنه سيكون للممرضات ومقدِّمي الرعاية الصحية دور أكبر في الرعاية المنزلية، خصوصاً لغير القادرين على مغادرة منازلهم مثل المسنين والنساء الحوامل. ولهذا يجب العمل على إطلاق مبادرات لتدريبهم على تلك المهمات التي قد تستمر بعد انتهاء الجائحة.
ويرى أيضاً أن الجلسات ومجموعات الدعم على الإنترنت ستواصل نموها بعد انتهاء جائحة كوفيد-19 لأنها تتيح تشكيل مجتمعات جديدة تضم الجميع وتمكِّن الناس من التفاعل بإيجابية دون أن تمنعهم من ذلك مشكلات نقص الأموال أو بعد المسافة.