الجرافيت هي مادة مشهورة بكونها المكون الأساسي للأقلام الرصاص، وهي شكل من أشكال الكربون ولكن تُنظَم ذراتها بشكل مختلف مما يعطيها خصائص مختلفة عن خصائص الكربون. وإن تمكنا من فصل شريحة رقيقة للغاية من هذه المادة لدرجة أنها تعتبر ثنائية الأبعاد، نحصل عندها على مادة أخرى تعتبر من أقوى المواد المكتشفة حتى الآن وأكثرها خفة وهي مادة الجرافين.
سحر الجرافين
اكتشف عالمان من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة مادة الجرافين، وهذا عندما تمكنوا من فصله عن الجرافيت بطريقة بسيطة وغير مكلفة؛ وضعا شريحة من الجرافيت على شريط لاصق ثم طي الشريط اللاصق على شريحة الجرافيت حتى يصنع شريحة أقل سماكة، وتكرار العملية حتى الحصول على أقل الشرائح سماكة.
استخدامات الجرافين متعددة، ونظراً لكونها مادة شفافة ومطاطية وموصلة للكهرباء، صارت مناسبة للاستخدام في الهواتف المحمولة، وأيضاً فتحت المجال أمام تطوير أجهزة إلكترونية قابلة للطي، وسيساعد الجرافين تطبيقات الطاقة المتجددة، ووجد العلماء أن استخدام الجرافين في الخلايا الشمسية يجعلها أكثر كفاءة في إنتاج الكهرباء بالإضافة إلى إمكانية جعلها قابلة للطي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تصنيع بطاريات مطاطة محمولة.
الجرافين وصناعة السيارات
الجرافين أيضاً يمكن تحويله إلى مادة غير موصلة للكهرباء وهذا عند ترتيب شريحتين من الجرافين معاً بزاوية محددة، وبهذا يمكن استخدام الجرافين كمادة عازلة لحماية السيارات والطائرات من الصدأ. بالإضافة إلى هذا، أطلقت الشركة الأسبانية سبانيا جي تي إيه عام 2015 أول عربية رياضية تستخدم مادة الجرافين في تصنيع هيكلها مع مواد أخرى مثل ألياف الكربون وألياف الكيفلار وعنصر التيتانيوم، مما يجعل هيكل السيارة أكثر قوة بأربع مرات من الهياكل التقليدية بوزن أقل من ثمانين كيلوجرام.
أطلقت شركة بي إيه سي أيضاً نسختها الخاصة للسيارة الرياضية المحسنة باستخدام الجرافين، ففي يوليو/تموز من العام الماضي أعلنت الشركة عن التوصل لتقليل وزن سيارتها الجديدة بنسبة 20%، وهذا بدمج الجرافين في أجزاء من ألواح السيارة الخارجية. بالإضافة إلى هذا، يستخدم الجرافين في السيارات الكهربائية أيضاً ولكن بشكل غير مباشر، فالنسخة الثالثة من السيارة الكهربائية تسلا تعتمد على الجرافين في صناعة البطاريات داخل السيارة مما رفع من السعة التخزينية للبطارية بنسبة 50%.
استخدام الجرافين في السيارات يجعلها أكثر كفاءة في عدة محاور، فمرونة الجرافين تعطي السيارات مقاومة أكثر ضد الحوادث، كما يجمع الجرافين بين خفة الوزن وبين كونه أكثر قوة من الحديد بـ 100 مرة مما ينعكس على السيارات في تقليل كمية الوقود المستهلك ويجعلها أقل سعراً أيضاً مقارنة بالسيارات التقليدية.
تطبيقات أخرى
يتحدى الجرافين كل المنطق. إنها أنحف مادة عُزلت على الإطلاق، وتزن سماكة ذرة واحدة فقط، ومع ذلك فإن شبكتها السداسية من ذرات الكربون تجعلها أقوى 200 مرة من الفولاذ. لذا يزداد الإقبال على الجرافين كل يوم، في مختلف المجالات، وساعد للجرافين العلماء في تطوير حساسات وروبوتات طبية صغيرة لتوصيل الأدوية داخل جسم الإنسان دون القلق من تأثير هذا على أنظمة الجسم المختلفة. ولخفة الجرافين، استخدم أيضاً في نعال الأحذية الرياضية لجعلها أكثر قوة وراحة كما تدوم لوقت أطول.
أخيراً يمكننا أن نقول أن الجرافين هي مادة ثورية للمستقبل، ومن المتوقع أن يزداد الطلب عليها ويتنبأ تقرير حديث من جراند فيو ريسيرش بأن سوق الجرافين العالمي سيكون بقيمة 1.08 مليار دولار بحلول عام 2027.