كُن هادئاً: 9 سمات ستساعدك على مواجهة أي صعاب تواجهك

7 دقائق

نُشر المقال لأول مرة في «أوت دور لايف»

غالباً الخبرة التي اكتسبتها والمعدّات التي تحملها في حقيبتك هي التي ستصنع الفارق في تجاوز المواقف الصعبة التي قد تواجه فيها خطر الموت. لكنّ أهم شيء يمكن أن تمتلكه ويساعدك على مواجهة الصعاب والبقاء؛ القوّة والثبات الذهني، وبدونهما لن تنفعك أي معدّاتٍ تحملها. في الواقع، عليك امتلاك ذهنية البقاء وإرادة العيش مهما كانت الصعاب والمخاطر. هناك العديد من المخاطر الخفية، ولكّن هناك أيضاً طرقٌ ناجحة للتعامل مع الصعاب تساعدنا في البقاء والعودة إلى المنزل والعائلة بأمان.

1- المثابرة

سواء كنت تسميها المثابرة أو الإصرار، فإن هذه الكلمات تتعلّق بالتحمّل. هل يمكنك التحمل حتّى عندما يخيب أملك؟ 

في الواقع، ليس للمثابرة أية علاقةٍ بالقوّة أو القدرة الجسدية على التحمّل. إنّه مظهرٌ من مظاهر قوة إرادتك وصفاء ذهنك. إن الشخص المثابر سيدفع نفسه إلى تحمل ما لا يُحتمل حقاً، وتجاوز المواقف الصعبة التي لا يتوقّع أحدٌ تجاوزها. الأمر كله يتعلق بالتغلب على نقاط ضعفك الداخلية ومحاربة رغبتك في الاستسلام.

المشكلة: هناك عددٌ من الأشياء التي يمكن أن تدمر مثابرتك الفطرية، ولكن تدهور السلامة العقلية العامل الأكثر أهمية. في الواقع، البقاء على قيد الحياة والنجاة أمرٌ صعبٌ للغاية في الظروف الصعبة أو لنقل في أعقاب الكوارث الكبيرة، ناهيك عن تحمّل مشاعر القلق واليأس أو التفكير بالانتحار.

الحلّ: يمكن أن تكون الظروف الصعبة أو حالات الطوارئ في أي يوم (أو أسبوع أو شهر أو حتّى سنة) أحد أسوأ الأوقات في حياتك كلّها، لذلك لا تتفاجئ عندما تمرّ عليك أوقاتٌ لا تكون فيها بكامل صحتك العقلية. بمجرّد أن تأخذ في اعتبارك عدداً من العوامل، مثل التوتر والتعب والإصابة والتجفاف وقلة النوم، والتي يمكن أن تواجهك في حالات الطوارئ، فمن الطبيعي أن تعاني على الصعيد النفسي. الآن، وبعد أن علمت ذلك، عليك مراقبة نفسك ورفاقك بحثاً عن علامات القلق والاكتئاب والإحباط والشعور بالذنب والأفكار الانتحارية والسلوك غير المنطقي. بالنظر إلى أنّ العناية المهنية بالصحة العقلية والأدوية المناسبة قد لا تكون متوفرةً على الأرجح في الظروف القاسية أو الكوارث الكبيرة، ستحتاج إلى بذل كلّ ما في وسعك لمساعدة بعضكم البعض. عليك البحث بجدّ عن مخرجٍ من المآزق، وايجاد طريقةٍ للتكيّف حتّى يتحسن الموقف.

2- القدرة على التكيف

تُعدّ القدرة على التكيف من أهمّ السمات العقلية المساعدة على البقاء. لكي تكون قادراً على التكيف، يجب أن تكون قادراً على التغيير مع الأحداث المتغيرة والمواقف والبيئات المتغيرة. الأمر كله يتعلق بالمرونة وتجربة خياراتٍ جديدة. إذا ضللت طريقك في الغابة مثلاً، فقد لا تتمكّن من العودة إلى المنزل، يستطيع الشخص القادر على التكيف بتقييم الموقف، وسيدرك أن العودة إلى المنزل لم يعد خياراً مُتاحاً، لذلك سيكون عليه العثور على مكانٍ جديد للنوم فيه. ونظراً لعدم وجود صنبور ماء أو طعام في الغابة، عليه أن يجد مصدراً جديداً للماء والطعام. قد لا تكون هذه البدائل جيدةً بالنسبة لك، لكنّها ستفي بالغرض في الوقت الحالي. يمكن للشخص القادر على التكيف أن يتبنى التغيير مع معرفته للأشياء التي تستحق الاستمرار والأشياء التي ينبغي التخلي عنها.

المشكلة: ما الذي قد يمنعك من التكيف؟ العناد. أحياناً ننظر إلى العناد على أنه شيء جيد (وقد تخلط بينه وبين المثابرة)، ولكنه غالباً ما يكون عائقاً، فهو يعني رفض التكيف والتغيير والأشياء الجديدة. عندما تقود السيّارة في المدينة وتمرّ من نفس المكان عشر مرّات وما زلت لا تستطيع العثور على المبنى الذي تبحث عنه، وفي نفس الوقت تُصر على عدم سؤال أحد ما عن مكانه، فهذا عناد. وعندما تستمر في محاولة إشعال أعواد الثقاب الرطبة، فهذا عناد أيضاً.

الحلّ: تخلّى عن غرورك وعنادك وجرب شيئاً جديداً. في الواقع، يشبه العناد محاولة تحطيم جدارٍ من الطوب برأسك. فأنت تدرك بعد الضربة الأولى أنك لن تنجح، ومع ذلك تواصل المحاولة وتدمر نفسك بذلك. بدلاً من تكرار نفس المحاولة والحصول على نفس النتيجة في كلّ مرة، جرّب بعض الأساليب الجديدة. التغيير ليس كله سيئ، قد تتفاجأ بمدى نجاح شيءٍ جديد بعد أن تجربه.

3- كن أخلاقياً في عملك

تلعب أخلاقيات العمل دوراً رئيسياً في ذهنية البقاء على قيد الحياة. في الواقع، اكتساب مهارات البقاء على قيد الحياة عملٌ شاق، لذلك لا نختار القيام به «كمهمةٍ يومية». عندما تحدث حالةٌ طارئة تتطلب جهداً إضافياً، سيعاني الكسول بطبيعة الحال. لحسن الحظ، يمكن بناء أخلاقيات العمل الخاصة بك بمرور الوقت (إذا استطعت التغلب على الكسل في أول تجربة)، وستكون أكثرَ حكمةً في مواجهة مختلف الظروف القاسية. التجربة خيرُ معلّم، وتبين لنا قيمة العمل بجدّ في المرة المقبلة. لبناء أخلاقيات عملٍ قوية، عليك تعلّم التمسك بالعمل حتى إنجازه كاملاً.

المشكلة: من المؤكد أن بعض العوامل الخارجة عن إرادتك يمكنها أن تعيق كونك أخلاقياً في العمل، مثل الإصابة الجسدية أو الاضطراب العاطفي أو المشاكل العقلية. ولكن هناك شيءٌ يمكنك معالجته، وهو الكسل. يمكن أن يدمّر الكسل أخلاقيات عملك من خلال التعود على الهروب من مواجهة المشاكل ومحاولة إيجاد حلولٍ قاصرةٍ لها.

الحل: يتعيّن عليك العمل بجدّ لتأدية المهام الصعبة على أكمل وجه، مثل التدرّب على بناء ملجأ وجمع الحطب وتأمين المياه. لا يعني تعلّم مهارات البقاء أخذ إجازةٍ من العمل. بل هو في الواقع أصعب عملٍ ستقوم به على الإطلاق. حاول تجنّب الحلول القاصرة، انطر بشفافية إلى عبء عملك، ثم قم بإنجازه. لا تكن كسولاً.

4- الإبداع

البشر موهوبون بابتكار أشياء عديدة، مثل النار وخلائط المعادن والطائرات وهواتف الآيفون، وأحياناً يخترعون مشاكلهم الخاصة. تساعدنا هذه الموهبة الفطرية عادةً على ابتكار حلولٍ لمشاكلنا اليومية وحتّى في حالات الطوارئ.

المشكلة: يمكن أن يدمر خوفنا من الفشل ملكة الابداع لدينا. ويختلف هذا الخوف عن الخوف العادي (مثل خوفنا من شيءٍ مرعب). قد ينبع هذا الخوف منذ الطفولة، عندما ينتقدك البالغون بشدّة ويزعزعون ثقتك بنفسك، وقد ينتج عن احباط الآخرين لك أو الاعتقاد بوجود حدودٍ لقدرتك.

الحل: تجاهل القيود. لا تلم نفسك إذا فشلت في بعض الأحيان، جميعنا يفشل. عندما ترى أن شيئاً ما يمكن أن يعمل، ثق بنفسك وجربّه. قد تطلق الثقة بالنفس العنان لابداعك الذي قد ينقذك من أحلك الظروف يوماً ما.

5- الإيجابية/ التفاؤل

ينبغي إعطاء أهميةٍ أكبر للذهنية الإيجابية وفائدتها كسمةٍ تساعد على البقاء. أفضّل أن أشرحها لطلابي بتخيل المرء ينظر إلى الأشياء من خلال عدسةٍ مكبّرة، المبدأ يشبه إلى حدٍّ ما فكرة «نظارة البيرة»، باستثناء أنها لا تجعل الجميع كاملين في الواقع. لكنها تتيح لنا رؤية الجانب المشرق من الموقف. في الواقع، تُعد هذه المهارة صعبة الإتقان، لكنها تستحق التدرب عليها. إن موقفك تجاه أمرٍ ما مهم جداً للحفاظ على المعنويات العالية. وهذا الأمر ليس مفيداً فقط في المواقف الطارئة والقاسية، بل يمكن استخدامه في حياتنا اليومية أيضاً.

المشكلة: التشاؤم هو النظرة التي يمكن أن تدمر موقفك الإيجابي. إذا كنت شخصاً متشائماً وبدأت تمر في ظروفٍ طارئة، فإن تشاؤمك يمكن أن يجعل أي موقفٍ أسوأ مما هو عليه ويمكن أن يؤثّر سلباً على النتائج.

الحل: كيف يمكنك علاج التشاؤم؟ أوصي بتبني نظرة الامتنان. ابحث عن العناصر الايجابية في الموقف الذي تمر به وكن ممتناً لها حقّاً. هل يمكنك التنفس؟ كن ممتناً لذلك. لم تتأذى؟ كن سعيداً بذلك. يمكنك العثور على أشياءٍ إيجابية حتّى في أحلك الظروف، فإذا نظرت إليها بامتنان، فقد يتغير الموقف ايجاباً بشكلٍ كامل.

6- القبول

قد تضطر إلى القبول بالواقع عندما تكون في موقفٍ صعب. من الطبيعي أن تقاوم وتنكر القدر المؤلم أو تخاف من حدوث أسوأ السيناريوهات، لكن من الخطأ القيام بردّ فعلٍ غير محسوب. لا يعني القبول أننا نحب الظروف المحيطة بنا أو نريدها أن تستمر. لكنه يعني أننا ندرك الواقع ونفهم أنه لا يمكننا تغييره الآن.

المشكلة: عندما نرفض الاعتراف بوجود مشكلةٍ أو ننكر مدى صعوبة الظروف التي نمر بها، فإننا نخدع أنفسنا. وإذا تصرفنا بناءاً على هذا الواقع الزائف الذي نتصوّره بدلاً من الاعتراف بحقيقة ما يحدث بالفعل، فقد ينتهي بنا الأمر إلى جعل الأمور أسوأ.

الحل: يتطلب الأمر منا قبول الحقيقة القاسية أو المواقف الأليمة. قد تميل إلى تصوّر القبول على أنه استسلامٌ أو لا مبالاة، لكنه ليس كذلك. أنت لا تستسلم أو لا تبالي عندما تقبل موقفاً، أنت ببساطة تواجه الحقائق (في الوقت الحالي على الأقل). القبول لا يعني أن الأمور ستبقى سيئةً إلى الأبد، وهذا يعني أنّك تتعامل بصدقٍ مع المشكلة التي تواجهها. مثالي المفضل على القبول يأتي من كتاب «Adrift» للكاتب ستيفن كالاهان. فقد بقي وحيداً في قاربٍ في المحيط الأطلسي لأكثر من شهرين، وفي مرحلةٍ معينة، تقبّل مصيره. لم يكن هناك ما يمكن أن يفعله بشأن وجوده على القارب (باستثناء القفز منه إلى مياه المحيط)، لذلك تقبّل فكرة أن «حياة القارب» كانت حياته الجديدة. وذلك سمح له بالتركيز على البقاء على قيد الحياة بينما تجرفه أمواج المحيط، وانتهى به الأمر إلى قطع 1800 ميل قبل أن يتمّ إنقاذه.

7- المرح

لا أتحدث هنا عن المهرجين أو الكوميديا الهزلية. بل عن نوعٍ آخر من المرح. قد يفاجئك الأمر، لكن روح الدعابة تلعب دوراً في تحسن النفسية وفي البقاء أيضاً. لقد استخدم أسلافنا هذه الملكة كسلاحٍ ودرع، ولا يزال يُستخدم حتّى اليوم. يعرف معظم الجنود ورجال الشرطة والإطفاء وفرق الطوارئ الطبية هذا النوع من الفكاهة جيداً، وهو يساعدهم على تجاوز الأوقات الصعبة. بالطبع، لا تقبل جميع المواقف المزاح والدعابة، ولكن هناك بعض القيمة التي يمكن أن يضفيها عندما يكون ذلك ممكناً، مما يخفف من وطأة الظروف القاسية.

المشكلة: العقل البشري معقد، وكذلك حالات الطوارئ التي قد تصيبنا. هناك بعض المواقف المفجعة تكون الدعابة فيها غير مناسبة ومستحيلة.

الحل: حتّى لو كان شخص ما واقع في براثن الاكتئاب، إذا وجدت الوقت الكافي والمقاربة المناسبة، يمكن أن تساعده الدعابة والمزاح على العلاج. يمكن أن تكون أشكال الدعابة المختلفة من سخرية وتندّرٍ قادرةً على إزاحة غمامة الإجهاد والضغط وتعزيز كيمياء الدماغ، بل وعلى إعادة ضبط مركز المكافأة والمتعة في الدماغ والتخفيف من الاكتئاب والقلق.

8- الشجاعة

كيف نشرح مفهوم الشجاعة؟ لا، ليس عدم الخوف. إنه أشبه بإدارة الخوف. في الواقع، الخوف والشجاعة ليسا نقيضين، بل يتعايشان مع بعضهما. عندما لا يكون الموقف خطيراً أو مخيفاً، ليست هناك حاجةٌ للشجاعة مطلقاً. علينا أن نخاف قبل أن نكون شجعان.

المشكلة: عندما نكون خائفين إلى درجةٍ تمنعنا من التفكير بجلاء، ليس هناك مجالٌ للمنطق أو الشجاعة، بل للخوف والذعر فقط. يمكن وصف استجابة الخوف هذه بأنها الخوف غير المقيد والذي يستحوذ على كلّ طاقتنا. إنها استجابةٌ شائعة في حالات الطوارئ، ويمكن أن تظهر بعدة طرق. قد تتصرف بطريقةٍ شديدة الاهتياج أو تقف متجمداً من شدة الخوف. قد تطغى عليك مشاعر مختلطة وتبدأ بالصراخ أو البكاء بشكلٍ هستيري. في الواقع، يمكن أن تتسبب أي من هذه الاستجابات بمزيدٍ من المشاكل التي سيصبح عليك التعامل معها. ولكن إذا كنت قادراً على استخدام خوفك كأداةٍ والتروي، يمكنك التحكم في خوفك (وليس العكس).

الحل: تقبّل مخاوفك. الخوف هو غريزةٌ طبيعية تدفعنا لتجنب الأشياء الخطرة، ويبعدنا عن طريق الأذى. إذا تمكنت من امتلاك زمام خوفك والسيطرة عليه، فسيبدأ بالعمل من أجلك.

9- الحافز

ما الذي يحفّز المرء على البقاء على قيد الحياة عندما يسوء كل شيء؟ تتحدث العديد من قصص الناجين عن تمسّكهم بدينهم أو بقوةٍ عليا أعطتهم الحافز والأمل في البقاء، بينما قال ناجون آخرون أن حبّهم الشديد عائلاتهم وأحبائهم وأصدقائهم منحهم الحافز على البقاء والعودة إليهم. ما الذي يحفزّك على البقاء في المواقف الصعبة؟ الأمر يختلف من شخصٍ لآخر.

المشكلة: اليأس العدو الأول لأي حافزٍ لديك. عندما يفقد الشخص الأمل في أن يتم إنقاذه واجتماع شمله مع أحبائه مجدداً، تبدأ رغبته في البقاء في التلاشي. عندما يعتقد المرء أن الله قد تخلى عنه، يموت الأمل لديه. باختصار، عندما يبدأ الشيء الذي يحفّزك في فقدان قوته بالنسبة إليك، ستصبح في موقفٍ لا تُحسد عليه.

الحل: ابحث عميقاً، استمر في التفكير في الأشياء والأشخاص الذين تعتبرهم أغلى ما تملك. قد يتطلب الأمر منك النظر إلى الأمر من جوانب متعددة لتعزيز فكرة البقاء لديك، ولكن الموقف الإيجابي والمثابرة يمكن أن يساعدك في استعادة إرادتك للعيش. تشبث بإيمانك بأي شيٍ يمنحك قيمةً أكبر لحياتك، قد تستعيد الحافز على البقاء حينها.

المحتوى محمي