ما الجديد عن مسألة الخصوصية المثارة حديثاً؟

3 دقائق

عُقد مؤخراً تجمع دولي لمفوضي حماية البيانات والخصوصية في بروكسل، وقد صعد تيم كوك (المدير التنفيذي لآبل) على المسرح لإلقاء خطاب تمهيدي للحديث عن الخصوصية، فيما يبدو استمراراً لطابع عام بدا سائداً هذه السنة في حديث المديرين التنفيذيين وغيرهم عن الخصوصية، وحتى أمام لجان الكونجرس أحياناً.

غير أن خطاب كوك أخذ منحى مختلفاً بوضوح، متحدثاً عن المسألة بشكل مباشر وتفصيلي أكثر من أغلب أقرانه، ولم يكتفِ بالتعبير بشكل صريح عن دعم آبل لقانون عام للخصوصية في الولايات المتحدة، بل وضع أيضاً بعض القواعد العامة التي يأمل أن تشكل أساساً لهذا القانون.

ويأتي خطاب كوك بعد أشهر من إقرار الاتحاد الأوروبي للقانون العام لحماية البيانات الرقمية في مايو، الذي وضع قواعد قوية التأثير حول الخصوصية من أجل أن تلتزم بها الشركات التقنية، مع تطبيق عقوبات اقتصادية صارمة عند انتهاكها. كما أن آبل أتاحت استعراض المعلومات الشخصية وتحميلها لكل مستخدم، حيث يقول كوك: "نحن في آبل ندعم بشكل كامل إقرار قانون فدرالي شامل لحماية الخصوصية في الولايات المتحدة". ويضيف: "إن معلوماتنا -بدءاً من المعلومات اليومية وصولاً إلى أكثرها خصوصية- بدأت تتحول إلى أسلحة تُستخدم ضدنا بفعالية قاتلة".

مجموعة من القواعد

ذكر كوك خلال خطابه مجموعة من الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها المستخدمون، والتي يجب أن تكون أساساً لأي قانون سيتم إقراره:

  1. حق تقليل البيانات الشخصية

شجع كوك الشركات على حماية الهوية الشخصية المتعلقة بالبيانات التي تجمعها، أو محاولة عدم جمعها إطلاقاً.

  1. حق المعرفة

يعتبر هذا البند مكافئاً لأحد متطلبات القانون العام لحماية البيانات الرقمية، الذي يفرض على الشركات ألا تُخفي المعلومات حول تتبع المستخدمين وغيرها من مسائل الخصوصية، عن طريق تضمينها في وثائق شروط الخدمة المعقدة.

  1. حق الوصول

تعتقد آبل أنه يحق لك -بصفتك مستخدماً- أن تستعرض وتحمل أية معلومات شخصية قامت الشركة بجمعها عنك، وهو ما أصبح أحد الممارسات الشائعة حالياً. وإضافة إلى هذا، يحق لك أيضاً أن تعرف طريقة استخدام الشركة لهذه المعلومات، وهو أمر أقل شيوعاً في الوقت الحالي.

  1. حق الحماية

إذا كنت ستشارك معلوماتك الشخصية مع الشركة، فإن على الشركة مسؤولية حماية هذه المعلومات من أية أطراف خبيثة تحاول الوصول إليها.

ومن الواضح أن هناك الكثير من التفاصيل التي يجب تحديدها، ولكن هذه الأفكار تشبه إلى حد بعيد بعض الأجزاء الأساسية من القانون العام لحماية البيانات الرقمية، الذي أشاد به كوك علانية أثناء خطابه.

كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟

على الرغم من تطبيق قواعد القانون العام لحماية البيانات الرقمية في الاتحاد الأوروبي منذ بداية هذا العام، فإن التشريعات الأميركية حول هذا الموضوع ما زالت عبارة عن مجموعة متفرقة من القوانين ومشاريع القوانين التي تشرف عليها وكالات حكومية مثل الهيئة الفدرالية للاتصالات. ويمكن لهذه القواعد أن تتغير بسرعة، حتى قبل تطبيقها.

وعلى سبيل المثال، أقرَّت الهيئة الفدرالية للاتصالات قاعدة تنص على أن مزودي الحزمة العريضة يجب أن يحصلوا على الإذن الصريح من المستخدم قبل بيع بياناتهم الشخصية إلى طرف ثالث، بحيث يبدأ تطبيقها في ديسمبر 2017. ولكن في مارس 2017، صوَّت مجلس النواب الأميركي على إيقاف تنفيذ هذه القاعدة، وذلك على خلفية ادِّعاءات تقول إن الشركات لا تستطيع أن تتصرف بطريقة تنتهك أسلوب "الحماية من أصل التصميم"، وذلك بفضل مزودي الخدمة أنفسهم، إضافة إلى قواعد الهيئة الفدرالية للاتصالات.

ما مصلحة آبل في هذا الموضوع؟

لا ينكر أحد أن الفكرة العامة للخطاب تستحق الدعم، ولكنه يحتوي أيضاً على بعض الطعنات غير المباشرة الموجَّهة إلى بعض الشركات التقنية الكبيرة الأخرى، حيث أشار كوك إلى بعض المسائل مثل التدخل في الانتخابات وتسريب البيانات، التي أثَّرت على فيسبوك على وجه الخصوص.

وبما أن آبل تعتبر بشكل أساسي شركة متخصصة في العتاد الصلب، فهي تتمتع بأفضلية عند العمل بأسلوب يضع الخصوصية فوق كل اعتبار آخر؛ وذلك لأن مجالها الأساسي هو بيع أجهزة إلكترونية من المعدن والزجاج بدلاً من بيانات المستخدمين ومعلومات الإعلانات المفيدة.

قال كوك متحدثاً عن حماية خصوصية المستخدمين: "إذا تمكنَّا في آبل من تحقيق هذا، فهذا ممكن لأي شركة أيضاً"، وهو تصريح يبدو غريباً لصدوره عن إحدى أثرى الشركات في العالم.

ومن الانتقادات التي يُجمع الكثيرون على توجيهها إلى القانون العام لحماية البيانات الرقمية أن قواعده تتطلب المزيد من المصاريف، مثل أجور الموظفين الإضافيين الذين سيتولون مسألة التصريح عن المعلومات الخاصة، وفي حين أن الشركات الكبيرة قادرة على امتصاص هذه المصاريف الإضافية بسهولة، فإنها تفرض أعباء كبيرة على الشركات الناشئة الصغيرة.

إضافة إلى هذا، فهناك بعض الملاحظات حول علاقة آبل مع الشركات الأخرى، حيث تبدو مناقضة نوعاً ما لهذا التوجه حول حماية الخصوصية. وعلى سبيل المثال فإن جوجل هو محرك البحث الافتراضي في متصفح سفاري لآبل، وذلك بفضل صفقة ما بين الشركتين، وهو ما يسمح لشركة جوجل بجمع بيانات حول مستخدمي سفاري.

ومن المرجح أنك ستسمع هذا الجدل لفترة طويلة، خصوصاً بعد استقرار الكونجرس وانتهائه من معمعة الانتخابات الأميركية لهذه السنة. وبفضل الشهادات العلنية ومشاكل الحماية والخصوصية واسعة النطاق، فما زالت هذه المسألة ضمن الأولويات الهامة لدى الكثيرين، وليس من المرجح أن تفقد زخمها قريباً.

المحتوى محمي