ما الذي قد يسمح بعودة الحياة إلى طبيعتها؟ هذه الأسئلة تجيبك

4 دقائق

نجحت إجراءات الحظر وحالة الإغلاق العام التي يعيشها الأستراليون -والعالم- حتى الآن في الحد من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا. فعلى الصعيد الوطني؛ لم يتمّ الإبلاغ إلا عن حوالي 50 إصابة جديدة بالفيروس في الأسبوع حتى 15 أبريل/ نيسان مقارنة مع ذروة الإصابات التي بلغت 460 شخص في 28 مارس/ آذار.

بات عدد الأشخاص الذين يتم تشخيصهم بالفيروس محلياً أقل، وأصبح هؤلاء لا ينقلون العدوى إلا لعدد أقل من الأشخاص في ظلّ إغلاق الحدود الدولية، وأماكن العمل، وتعطيل الدراسة في المدارس، والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، والحد من التنقل غير الضروري.

تشير النماذج الرياضية الحديثة إلى أن كل 10 أشخاص مصابين بالفيروس يمكن أن ينقلوا العدوى إلى 5 أشخاص فقط. لكن الناس يتساءلون اليوم: متى يمكننا التخفيف من إجراءات التباعد الاجتماعي؟

متى يمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتها؟

الجواب بسيط، وهو أن الحياة الطبيعية لن تعود إلى ما كانت عليه قريباً. ففي أستراليا يقول رئيس الوزراء «سكوت موريسون» أن القيود الحالية ستبقى سارية المفعول حتّى الأسابيع الأربعة المقبلة. ويضيف: «ما يزال خطر انتشار الفيروس مرتفعاً، ولا يزال السكّان عرضة للإصابة به كُلياً».

الفيروس جديد تماماً، والناس لم يُصابوا به من قبل، ولذلك ليس لديهم مناعة ضده، ومن غير المحتمل أن نطوّر لقاحاً له قبل 12 - 18 شهراً على الأقل. يعني ذلك أننا مُضطرون لمواصلة طريقة عملنا الجديدة، والتقليل من التواصل الجسدي والتنقل لتقليل احتمال إصابتهم بالفيروس.

ما الذي يمكن أن يؤدّي لعودة الحياة إلى طبيعتها؟

عندما نعرف من هم المحصّنون ضد الفيروس. تساعد اختبارات الكشف عن الأجسام المضادة التي تحمي من فيروس كورونا لدى السكّان، من أجل معرفة نسبة من تكوّنت لديهم مناعة طبيعية بعد الإصابة بالفيروس. تجري دراسة هذا الإجراء على مستوى دولي بما في ذلك الولايات المتحدة حالياً، ويُخطط لإجرائها في أستراليا.

في نهاية المطاف، يمكننا تقرير عدد من ينبغي أن يحصل على اللقاح، ومن اكتسب مناعة طبيعية، واتخّاذ قرارات رفع القيود تدريجياً في ضوء هذه البيانات. لكّن من المرجّح أن تكون هذه العملية بطيئة، وستأخذ بعض الوقت.

عدد قليل من الحالات الجديدة غير المبررة خلال أسبوعين

تهدف إجراءات التباعد الاجتماعي واسعة النطاق في أستراليا إلى منع انتقال عدوى الفيروس إلى عددٍ أكبر من أفراد المجتمع، وتختلف هذه الإجراءات عن التدابير المُتخذة؛ مثل إقفال الحدود الدولية التي تهدف أساساً إلى منع دخول حالاتٍ جديدة وافدةٍ من الخارج.

ونظراً لأن القيود المفروضة على الحياة اليومية لها تداعيات صحية واجتماعية واقتصادية مهمة تتجاوز تأثير فيروس كورونا، فسوف نحتاج إلى البدء في تخفيفها تدريجياً قبل أن يحصل المجتمع على المناعة ضد الفيروس (وقبل أن نحصل على نتائج من المسوحات التي يجب إجراؤها لتأكيد ذلك).

يمكن البدء بتخفيف هذه الإجراءات عندما يكون عدد الحالات الجديدة محلياً منخفضاً لفترة طويلة، خاصة تلك التي تظهر لدى الأفراد دون مصدر معروف. يجب أن تكون هذه الفترة أطول من فترة حضانة الفيروس (الوقت من الإصابة حتى ظهور الأعراض) التي تصل لأسبوعين.

الآن هو الوقت المناسب لتطوير «خطة الخروج» هذه، لكننا بحاجة إلى توخّي الحذر، والتجاوب السريع عند القيام بذلك.

المزيد من الاختبارات والتتبع والحجر الصحي

أولاً: نحن بحاجة إلى إمكانيات أكبر في تحديد الحالات وعزلها وتتبعها.

نظراً لزيادة عدد الاختبارات المتاحة في أستراليا، فقد قمنا أيضاً بإضافة معايير جديدة لإجراء الاختبار. ففي حين كانت تقتصر على المسافرين العائدين من الخارج، والحالات المؤّكدة في السابقة؛ باتت السلطات تجري الاختبار لجميع من يعانون من أعراض الفيروس؛ بغض النظر عن سفرهم، أو مع من تواصلوا لتحديد مدى انتشار الفيروس في المجتمع.

يجب أن يستمر الاختبار في تحديد المناطق الجغرافية، أو المجتمعات الفرعية التي ينتقل فيها الفيروس بشكلٍ مستمر (أو تظهر فيه إصابات جديدة) لتمهيد الطريق لاستجابة الصحة العامة السريعة، والموّجهة.

بمجرّد تشخيص حالة مثلاً، تبدأ شبكة من آلاف متتبعات الاتصال بالعمل لتحديد مع من كانت تتواصل، ومن ثم تقديم النصائح حول متطلبّات الحجر الصحي كي تلتزم بها.

في الواقع، استخدمت العديد من الدول حلولاً تكنولوجية مُبتكرة مثل تطبيقات تتبع الاتصال، وتتطلّع أستراليا إلى أن تحذو حذوها. لكن مثل هذا التطبيق لن يكون فعالًا إلا إذا كان معدل استخدامها بين أفراد المجتمع مرتفعاً. على سبيل المثال، قام أقل من خُمس سكان سنغافورة بتنزيل تطبيق تتبع الاتصال «تراس توجذر» بحلول الأول من أبريل/ نيسان، ولكن ما يزال العدد أقل من المُستهدف عموماً.

عندما نعرف المزيد عن الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة أو معدومة

تحدّ تدابير التباعد الاجتماعي من خطر نقل العدوى من شخصٍ لآخر، عندما لا يعرف هذا الشخص بأنّه مصاب. لذلك، وقبل أن نُفكّر في تخفيف القيود، نحتاج إلى فهمٍ أفضل لاحتمال نقل العدوى من أشخاصٍ لا تظهر لديهم الأعراض، أو تكون خفيفة.

تتبع الدراسات الحالية العائلات والاتصالات الوثيقة للحالات المؤّكدة لمعرفة من تظهر لديه الأعراض النموذجية، أو المعتدلة، أو من لا تظهر لديه الأعراض مُطلقاً جرّاء الإصابة بالفيروس، ومن لم يُصب به أيضاً.

وبالمثل؛ فإن فهم دور الأطفال في نقل العدوى أمر ضروري لدعم إعادة فتح المدارس، مع اتخاذ إجراءات التباعد الاجتماعي المناسبة. وتُجرى الأبحاث حالياً لمحاولة الإجابة على هذا السؤال.

من المحتمل أن نرى تخفيفاً للقيود على مراحل

في حين أنّ إعادة الأطفال إلى الفصول الدراسية وفتح الأعمال التجارية ستكون أولوية، فمن المرجح أن يستمر فرض قيودٍ على السفر الدولي لعدة أشهر. ومن المرجح أيضاً أن يستمر عزل الحالات والحجر الصحي لمن كان على تواصلٍ معها.

وفي الوقت الذي تقوم فيه أستراليا بتطوير «خطة للخروج» خاصّة لإعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً؛ كشفت دول أخرى عن خطتها. أعلنت أيسلندا عن رفع القيود المفروضة على التباعد الاجتماعي تدريجياً اعتباراً من 4 مايو/ آيّار، بما في ذلك زيادة الحد الأقصى للتجمّعات المسموح بها من 20 إلى 50 شخصاً، وإعادة فتح المدارس والجامعات.

وبالمثل، خططت النرويج لإعادة فتح رياض الأطفال والمدارس الابتدائية وبعض الشركات من 20 أبريل/ نيسان.

لكّن قد لا تنجح خطط رفع القيود التدريجية حتّى ولو كانت مثالية. على سبيل المثال، أُعيد فرض إجراءات التباعد الاجتماعي في سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية بعد تخفيفها وتسوية منحنى الإصابات، وذلك بعد ظهور ارتفاع في عدد الحالات مجدداً.

لا أحد يعلم كيف ستسير الأمور في الأشهر المقبلة، ولكّن علينا توّخي الحذر. سنحتاج إلى إدارة المخاطر مع تخفيف القيود. لكّن أستراليا في وضع جيّد يسمح لها القيام بذلك بعد أن نجحت في تجاوز المرحلة الأولى من انتشار الفيروس حتى الآن. [المترجم: التجربة خاصة بأستراليا، لكن قد تكون مكررة في معظم دول العالم بمرور الوقت، علينا الانتظار وترقب ما سيحدث مستقبلاً].

المحتوى محمي