كانت جدتي من أشد المدافعين عن ارتداء القمصان الداكنة ذات الأكمام الطويلة في فصول الصيف الحارة في ولاية كارولينا الشمالية. كانت تجيب دائماً عندما أسألها لماذا ترتدين ملابس البستنة تلك في الأيام الحارة بأن الألبسة التي تمنح الدفء تبعد حر الشمس أيضاً.
كانت حكمة أجدادها دقيقة جداً. يُعتقد أن الأشعة فوق البنفسجية، والتي تعد الشمس المصدر الرئيسي لها، سبباً رئيسياً لمشكلات الجلد مثل التجاعيد وحروق الشمس وانخفاض وظائف المناعة والتهيج وأنواع معينة من السرطان. في الواقع، لقد وجد الناس عبر التاريخ طرقاً مختلفة لحماية أنفسهم من الشمس، فقد كان السكان الأصليون في ألاسكا مثلاً يصنعون النظارات الواقية من العظام أو الخشب لحماية أعينهم من الأشعة فوق البنفسجية المنعكسة عن الثلج. وفي ميانمار، لا تزال عجينة "الثاناكا" (thanaka) المصنوعة من لحاء الشجر المسحوق مستخدمةً حتى الآن للوقاية من أشعة الشمس.
بالنسبة للمستهلك، يوجد منتجان أساسيان للوقاية من أشعة الشمس في السوق اليوم: الواقيات الشمسية المزودة بعامل حماية من الشمس "إس بي إف" (SPF) والمنتجات المزودة بعامل وقاية من الأشعة فوق البنفسجية، والذي يُشار إليها اختصاراً بـ"يو بي إف" (UPF). يقول الأستاذ المشارك في طب الأمراض الجلدية في كلية الطب بجامعة إيموري، ترافيس بلالوك: «تنطوي الطريقة الثانية على أساليب نسج متنوعة للملابس واستخدام أصباغ ومواد كيميائية فيها تمنع الأشعة فوق البنفسجية من اختراق النسيج والوصول إلى الجلد وإتلافه».
اقرأ أيضأ: أنت تسأل عن الواقي الشمسي، وبوساي تجيب
بشكلٍ أساسي، يُعبّر مصطلح "يو بي إف" عن درجة تُعطى للملابس والمنسوجات الأخرى المصممة خصيصاً لمنع الأشعة فوق البنفسجية من الوصول إلى الجلد. وفقاً لمتجر البيع بالتجزئة "آر إي آي" المتخصص ببيع ألبسة وخدمات الرحلات الترفيهية الخارجية، توفر حتى القمصان البيضاء العادية درجة "يو بي إف" تبلغ نحو 5 درجات، حيث لا تُعتبر هذه الدرجة عالية، ولكن ارتداء هذه القمصان أفضل من ارتداء بدلة عيد ميلادك في الخارج.
يقول مدير صحة المجتمع في قسم الأمراض الجلدية في مستشفى ماساتشوستس العام، شادي كوروش: «على الرغم من أن منتجات (إس بي إف) و(يو بي إف) تحمي جسمك من أشعة الشمس، لكن مستوى الحماية الذي توفره لا يتم تحديده بنفس الطريقة». يعتمد تصنيف عامل الحماية من الشمس (إس بي إف) على المدة التي يمكن أن يبقى فيها الشخص في الشمس عند وضع الواقي الشمسي قبل أن تبدأ بشرته في الاحمرار مقارنة بالمدة التي يمكن أن يبقى فيها تحت الشمس دون استخدامه. على سبيل المثال، إذا كان بإمكان شخص ما البقاء في الشمس لمدة 30 دقيقة دون أن تتأثر بشرته، فإن تطبيق واقٍ شمسي يحتوي على عامل حماية إس بي إف 30 بشكل ملائم سيسمح له بالبقاء في الخارج لمدة أطول بـ30 مرة.
بالمقابل، يتم تحديد قيمة عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية (يو بي إف) اعتماداً على النسبة المئوية للأشعة فوق البنفسجية التي تخترق المادة. إذا بلغت قيمة "يو بي أف" للقميص 50 درجة، فمن المفترض أنه يمنع 98% من الأشعة فوق البنفسجية أ (UVA) والأشعة فوق البنفسجية ب (UVB) من الوصول إلى بشرة. (يقيس عامل الحماية من الشمس (إس بي إف) الحماية من الأشعة فوق البنفسجية بـUVB فقط). يتراوح تصنيف درجة "يو بي إف" للمنتجات الواقية من أشعة الشمس من 15 إلى 50 درجة رسمياً.
اقرأ أيضاً: كيف تختار الملابس المناسبة لحمايتك من الأشعة فوق البنفسجية؟
سألت كلاً من كوروش وبلالوك عن ميزات استخدام المنتجات التي تحتوي على عامل الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية "يو بي إف"، وكيفية معرفة ما إذا كان المنتج سيوفر حماية جيدة من أشعة الشمس، وما إذا كان من الممكن اعتبار تقييمات "إس بي إف" دليلاً عملياً لاختيار المستوى الملائم من الحماية. تم تحرير المقابلتين وتكثيفهما من أجل الوضوح.
هل الملابس والمعدات التي تحتوي على عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية فعّالة مثل الواقي الشمسي؟
يقول بلالوك: «الملابس التي تحتوي على عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية هي أحد العناصر التي توفر حماية للبشرة من الآثار الضارة للأشعة فوق البنفسجية. إنها مفيدة جداً لحماية الجلد التي تغطيه، ومع ذلك، أوصي باستخدام واقٍ من الشمس واسع الطيف مع عامل حماية من الشمس "إس بي إف" أكبر من 30 وتطبيقه على المناطق التي لا تغطيها الملابس التي تتمتع بعامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية. بصفتي والداً وطبيباً، أدرك تماماً فائدة الملابس التي تحتوي على عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية، والتي لا حاجة إلى تكرار استخدامها ولا تفقد فعاليتها عند السباحة في مياه البحر. بالمقابل، يجب إعادة وضع الواقي الشمسي بعد فترة محددة، ويمكن أن تبقى بعض الأماكن غير المغطاة إذا لم يتم تطبيقه بشكلٍ صحيح.
يقول كوروش من جانبه: «حتى لو كنت ترتدي ملابس تحتوي على عامل حماية من الأشعة فوق البنفسجية يمكنه حجب 99% من أشعة الشمس، إذا كنت ستبقى في الخارج لفترة طويلة، يمكن أن تنفذ بعض هذه الأشعة عبرها إلى جلدك. أحد المفاهيم التي نوقشت في المجتمع الطبي، وخاصة بين أطباء الجلدية، هو النسبة المئوية لمساحة الجسم التي تغطيها الملابس ووزن هذه الملابس نفسها. لذلك يتعلق الأمر بمدى جودة النسيج في حجب أشعة الشمس والمساحة التي يغطيها من الجسم. هناك بالطبع عوامل أخرى تؤثر على فعالية الألبسة، حيث يجب أن تكون فضفاضة وجافّة».
اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك في التغلب على حرارة الصيف
إذاً، هل يُفضل التركيز على المنتجات التي تحتوي على عامل الحماية من الشمس (إس بي إف)؟
يقول بلالوك: «لا أفترض أن المنتجات التي تحتوي على عامل الحماية من أشعة الشمس (إس بي إف) هي الخيار الأفضل، لأن المنتجات التي تحتوي على عامل "إس بي إف" أو "يو بي إف" تركز على جوانب مختلفة من الحماية من أشعة الشمس. بدلاً من مقارنتها، أعتقد أن هذه المنتجات تكمل بعضها بعضاً. ولكن من الناحية العملية، يُفترض أن الملابس التي تحتوي على عامل "يو بي إف" أكثر فعالية بشكلٍ عام في الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية من بعض واقيات الشمس».
كيف يتم تحديد مستوى عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية "يو بي إف"؟
يقول كوروش من جانبه: «في حين أن الوكالات الصحية الوطنية والدولية مثل إدارة الغذاء والدواء ومنظمات الصحة العالمية توصي باستخدام المنتجات التي تحتوي على عامل الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية "يو بي إف" كإحدى الوسائل للوقاية من أشعة الشمس، لكن لا توجد معايير عالمية موحدة في هذا الشأن. تتفوق أستراليا ونيوزيلندا من ناحية فرض المبادئ التوجيهية والمعايير، وهناك وكالات لضمان تطبيقها. لكن الولايات المتحدة لا تفرض تطبيق هذه المعايير، وهذا سبب آخر يجعل السعي للحصول على أقصى قدر من الحماية فكرة جيدة، لأن ذلك يمنحك فرصة أفضل لتوفير الحماية التي تتوقعها. لدى أستراليا ونيوزيلندا أيضاً نظام تصنيف حماية يعتمد على النسبة المئوية للأشعة التي تنفذ عبر النسيج.
ما هو المقدار المناسب للوقاية من أشعة الشمس إذاً؟
يقول كوروش من جانبه: «عادةً ما تكون الحماية التي نحصل عليها أقل مما تشير إليه التصنيفات في الواقع، إذ إن تصنيفات "يو بي إف" و"إس بي إف" تُحدد في بيئة مثالية معملية عادةً. ربما نبقى في الخارج لفترات أطول أو قد يكون التعرض لأشعة الشمس شديداً في بعض المواقف كما هو الحال عندما نكون على الشواطئ، لذلك لا يمكننا افتراض أن الظروف المخبرية هي نفسها التي نتعرض لها في العالم الحقيقي. ولذلك أوصي بشراء المنتجات التي توفر أقصى قدرٍ من الحماية».
يقول بلالوك: «أوصي في البداية بفهم الآثار السلبية لأشعة الشمس على الجلد. يمكن أن تزيد الأشعة فوق البنفسجية من خطر الإصابة بسرطان الجلد، وتسبب حروق الشمس وتسرّع ظهور علامات الشيخوخة مثل التجاعيد والبقع. وبالتالي، كلما زادت معرفتك، زاد احتمال اتخاذك خيارات مستنيرة بشأن حماية بشرتك. أوصي باستخدام منتجات الوقاية من أشعة الشمس التي تجدها ملائمة ويمكنك استخدامها بانتظام، ففي النهاية لا يمكنك حماية الجلد ما لم تستخدم الواقي الشمسي أو الملابس التي تحتوي على عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية».
كيف يمكن التحقق مما إذا كانت منتجات "يو بي إف" لشركة ما مشروعة؟
يقول بلالوك: «أسهل طريقة للمستهلك لمعرفة ذلك هي الشراء من الشركات المصنعة التي تشير بوضوح إلى درجة عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية على ملصقات منتجاتها. على الرغم من أن هناك أنواعاً معينة من الأقمشة توفر حماية أفضل من الأشعة فوق البنفسجية، مثل الملابس الداكنة أو الزاهية والأقمشة المنسوجة بكثافة والفضفاضة، لكن لا توجد طريقة موثوقة يمكن للمستهلك من خلالها معرفة درجة الحماية التي توفرها ما لم يكن مذكوراً على الملصق الخاص بها أنها توفر درجة حماية مؤكدة من الأشعة فوق البنفسجية. عادةً ما تقوم الشركات التي تضع هذه المعلومات على ملصقات منتجاتها بإجراء اختبارات معملية لتقييم قدرتها على الحماية من أشعة الشمس، ما يوفر على المستهلكين الكثير من الجهد في تخمين ذلك».
متى يجب ارتداء أو استخدام المنتجات التي تحتوي على عامل الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية؟
يقول بلالوك: «من الحكمة تقليل الضرر الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية عندما تتعرض إلى مستويات عالية من أشعة الشمس. يمكنك التحقق من مؤشر الأشعة فوق البنفسجية في نشرة الطقس المحلية أو يكفي أن تعلم أن ذروة سطوع الشمس عادة ما تكون بين الساعة التاسعة صباحاً حتى الرابعة عصراً. بشكلٍ عام، هناك القليل من الجوانب السلبية لارتداء الملابس الواقية أو استخدام الواقي الشمسي في غير هذه الأوقات. ولحسن الحظ، بالنظر إلى أن الملابس التي توفر عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية قد أصبحت شائعة وعصرية أكثر، آمل أن نرى زيادة في استعمالها في جميع الأوقات».
ما هي الأنشطة التي يكون من المفيد أكثر خلالها ارتداء الملابس التي تحتوي على عامل الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية؟
يقول بلالوك: «المشكلة الأكثر شيوعاً حول استخدام الواقي الشمسي هي الحاجة إلى إعادة تطبيقه باستمرار، خصوصاً عندما يتطلب النشاط من الشخص التركيز عليه، مثل السباحة أو ألعاب القوى أو حتى الخروج في نزهات طويلة. تساعد الملابس المريحة التي تحتوي على عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية على القدرة على الانخراط في أنشطة هادفة دون القلق بشأن الحاجة إلى إعادة استخدام الواقي الشمسي».
يقول كوروش من جانبه: «هناك مشكلة أخرى تزداد أهمية في المجتمع الطبي وهي التعرض المهني، حيث يتعرض بعض الأشخاص الذين يعملون في مهن معينة للحرارة وأشعة الشمس بشكلٍ متزامن. يمكن لأشعة الشمس والحرارة التسبب في بعض المشكلات الجلدية، ما يُعرض العاملين للخطر. في بعض البلدان، مثل ألمانيا، هناك قوانين تنظم ما يمكن اعتباره معدات حماية شخصية ضد التعرض للأشعة فوق البنفسجية، والتي يجب على أصحاب الشركات توفيرها لعمالها».
هناك أيضاً أشخاص يعملون في بيئات تكسوها الثلوج أو المياه المفتوحة، أو تحتوي على الرمال البيضاء أو خرسانة الإسفلت أو المعادن المصقولة. تزيد هذه الأسطح العاكسة في هذه البيئات من تعرض الأشخاص للأشعة فوق البنفسجية، لذلك يجب أن يرتدوا ملابس توفر أقصى حماية ممكنة واستخدام الواقي الشمسي، بالإضافة إلى العمل في أماكن مظللة إذا كان ذلك ممكناً