يتدفق أكثر من 1000 جالون من مياه الأمطار على كل سطح كل منزل في الولايات المتحدة مقابل كل إنش واحد من المطر. وهي كمية تكفي حاجات عائلة واحدة لبضعة أيام، وقد تساعد أيضاً في توفير القليل من أموال فواتير الخدمات. ولكن إلى جانب توفير المال، يمكن أن يساعد تخزين مياه الأمطار إلى الحد من المشكلات البيئية في محيط منزلك، وفي بلدتك وعبر الكوكب ككل.
مشكلة مياه الأمطار
قد تبدو مياه الأمطار نقية، ولكنها ليست نظيفة كما قد تتوقع. إذ تلتقط القطرات المتساقطة الغبار والجسيمات المنقولة بالهواء قبل أن تصل إلى سطح الأرض، كما وتلتقط السيول السطحية الناتجة المزيد من الأوساخ. فقط تخيل ما قد يحمل الماء معه من سطح منزلك: فضلات الطيور، حشرات ميتة، شذرات من الحصى، وغيرها. وهناك أيضاً أشياء أسوأ على الأرض.
تقول جوليا بلات، المديرة التنفيذية في ذا ماساتشوستس ريفيرز ألاينس: «تحمل مياه الأمطار كل أنواع الملوثات التي نطلقها في الأرض، مثل السماد، فضلات الكلاب، الرمل والملح الصخري (الهاليت)، والرواسب الغازية والنفطية.» بغض النظر عن موقع منزلك، فإن المياه الناتجة عنه تجد طريقها في النهاية إلى كتل المياه المحلية عن طريق أنابيب صرف مياه الأمطار والسيول، أو المياه الجوفية. هذا يعني أن كل الأوساخ غالباً ما ينتهي بها المطاف في مواردنا المائية.
يمكن أن تسبب المساحات الخضراء مثل الحدائق والمروج أيضاً بعض المشاكل، إذ يمكن أن تتسرب مغذيات مثل الفوسفور والنتروجين - الموجودين في السماد - من أحواض الزهور والأراضي المزروعة لتلوث المياه النقية، وتنشط تشكل مستعمرات الطحالب فيها. حتى حجم المياه المتساقطة يمكن أن يشكل مشكلة، إذ استخدمت العديد من المدن قديماً أنظمة صرف تختلط فيها مياه الصرف الصحي والسيول السطحية في نفس الأنابيب لتتم معالجتها لاحقاً. إذا زادت كمية مياه الأمطار، تطوف الأنابيب وينصبّ ما بداخلها إلى الأنهار والبحيرات، وحتى شوارع المدن. تسمي السلطات هذه الترسبات «فيض المجاري المختلط»، ولكن لندعوها باسمها الحقيقي: مياه غائطية.
باختصار، يفضل تقليل كمية مياه السيول التي تنصب في مجاري الصرف الصحي.
بعض الحلول السهلة
لحسن الحظ، هناك العديد من الحلول البسيطة التي يمكنك تطبيقها مباشرة للحد من آثار السيول السطحية:
- تجنب استخدام المياه خارج المنزل إلا عند الحاجة. امسح مدخل المنزل بدلا شطفه، واستخدم سطلا واسفنجة لغسل السيارة، وأدوات الحديقة والحيوانات الأليفة.
- تأكد من إحكام إغلاق أكياس القمامة لكي لا تتمكن الحيوانات من تمزيقها. يمكن أن تسد الفضلات الصلبة مجاري الصرف، مما يؤدي للفيضانات وانحصار المياه.
- حافظ على سيارتك سليمة وقم بإصلاح التسربات بسرعة. إذا وجدت بقعاً من الزيت تحت سيارتك، يمكنك استخدام مادة ممتصة مثل التراب أو نشارة الخشب لتنظيفها. بعد ذلك، تخلص من المخلفات عن طريق وضعها في أوعية معدنية أو بلاستيكية محكمة الإغلاق، من شأنها أن تمنع تسرب المواد الكيميائية إلى الماء.
- مالكو الحيوانات الأليفة: إذا كنتم تسمحون لحيواناتكم الأليفة باستخدام حديقة المنزل كحمام، التقطوا الفضلات واستخدموها في أنظمة التسميد التي يمكنكم صنعها بأنفسكم، أو تخلصوا منها. براز الكلاب مليء بالمغذيات والبكتيريا والفيروسات التي لا يجب أن تصل إلى المياه.
- إذا كنت تعيش في منطقة الشتاء فيها قاسٍ، حاول تقليل كمية الرمل والملح التي تستخدمها. يمكن أن تتسرب الكلوريدات إلى الأخاديد المائية، مما يزيد من ملوحة المناطق المجاورة. يسبب هذا موت أسماك ونباتات المياه العذبة نتيجة للتجفاف، تماماً كما قد تموت إذا شربت الكثير من المياه البحر المالحة.
- ابدأ بالتسميد. إن نشر المواد العضوية الغنية بالمغذيات في التربة سيجعلها صحية أكثر وسيحميها بنفس الوقت من الانجراف عن طريق زيادة كتلتها الكلية.
يمكنك إحداث تغيير حتى إذا كنت تسكن بالإيجار. تقول بلات: «يستطيع المستأجرون أن يحثّوا مالكي الأرض على استخدام خدمات صديقة للبيئة، ويمكنهم إعلام أعضاء مجالس مدنهم والمسؤولين المنتخبين فيها بأن إدارة المياه بشكل سليم هو أمر مهم بالنسبة لهم.»
ابق آمناً
أفضل طريقة للتعامل مع مياه الأمطار هي تجميعها وتنقيتها، ولكنك ستواجه على الأرجح بعض المشاكل المتعلقة بالكمية والجودة، كما تقول ليسا كمبف، وهي عالمة البيئات المائية في ذا تشارلز ريفر واترشيد أسوسياشن. إن تقليل كمية المياه التي تستخدمها خارج المنزل سيساعدك في حل مشكلة الكمية، ولكن مشكلة النوعية ستتطلب قدراً أكبر قليلاً من التخطيط.
بضع نصائح للأمان: لا يمكنك شرب مياه الأمطار غير المُعالجة، وإذا كنت تنوي استخدامها في سقي نباتات تريد أكلها، فيجب عليك أخذ بعض الاحتياطات. وتتضمن هذه تنظيف وعاء تجميع المياه بمحلول يحتوي على مبيّض (ماء الجافال) بتركيز 3% قبل استخدامه، والتأكد من عدم ملامسة مياه الأمطار للنباتات أثناء السقي.
ينصح أيضاً بمعالجة المياه التي تنوي سقي الخضار بها بثُمن ملعقة صغيرة من المبيض عديم الرائحة لكل جالون من المياه. يجب أن يحتوي المبيض على محلول من الكلور بتركيز 5-6%، كما يجب عليك أن تنتظر 24 ساعة قبل استخدام المياه لتعطي الوقت الكافي للكلور لكي يتبدد.
بالإضافة إلى ذلك، يجب عليك الأخذ بعين الاعتبار إجراء اختبارات على المياه التي جمعتها في مخبر تحليل كيميائي، وذلك للكشف عن بكتيريا إي كولاي للوقاية من تلويثها للطعام. وينبغي أن تغسل جيداً كل شي تريد أكله. يقدم ذا سنترز فور ديزيز كونترول آند بيرفنشن المزيد من التفاصيل على موقعه الرسمي.
الخلاصة هي: إذا لم تكن متاكداً من نظافة المياه، فلا تستخدمها للشرب أو السقي.
أنظمة التخزين البسيطة
بالنسبة للأدوات، فإن أبسط طريقة لتخزين المياه هي البراميل، وهي طريقة استخدمها البشر لقرون. ولكن قبل أن تنصُب واحداً، تأكد من القوانين المحلية. وذلك لأنك قد تضطر لمواجهة بعض القيود القانونية المتعلقة بتجميع واستخدام مياه الأمطار تبعاً للمكان الذي تعيش فيه. كما وقد يوجد هناك بعض المعايير التجريبية التي يجب تحقيقها.
معظم براميل تجميع مياه الأمطار الحديثة يمكن وصلها بالمزاريب المنزلية، كما تحتوي على حنفيات أو وصلات أخرى توجه المياه إلى الخراطيم أو أنظمة الري في الحدائق والمروج المنزلية. تأكد من أن تشتري برميلاً يمكن إغلاقه بإحكام، إذ أن الأوعية المائية المكشوفة هي أماكن مناسبة لتكاثر البعوض.
البراميل ليست الخيار الوحيد. هناك عدد كبير من أنظمة تجميع مياه الأمطار التي صممت لعدّة أهداف، من الأنظمة صغيرة الحجم التي يمكن استخدامها كعلب للسقي، إلى «جدران من المياه» والتي يمكن أن تتسع في الأماكن الضيقة.
توجيه وتنقية مياه الأمطار
إذا لم يكن لديك حديقة لتستهلك المياه فيها، أو إذا كنت تشك بأن البرميل سيفيض قبل أن تستخدم ما فيه من ماء. خذ بعين الاعتبار حَفر الأقنية والآبار. إن تمرير المياه عبر الرمل أو الحصى أو جذور بعض النباتات هي أفضل طريقة طبيعية لتنقيتها. لأنها تتصرف كغربال يلتقط الأوساخ والمواد الأخرى ويمنعها من تلويث الأنظمة البيئية الأكبر حجماً، ويجعل المياه أكثر أماناً للنباتات والحيوانات.
ولكن أولاً، يجب عليك أن تعرف كمية الهطول التي من المرجح أن تترسب عبر أرضك. وهو حساب سهل:
احسب مساحة أي سطح كتيم مثل سطح المنزل أو المدخل أو الفِناء (مساحة مرصوفة، غالباً من الحديقة الخلفية، تحتوي على طاولة وكراسي). اضرب الناتج بـ 12 لتحصل على المساحة مقدرة بالإنشات المربعة. ثم اضرب الناتج بوسطي الهطول اليومي في المنطقة التي تعيش فيها، وهو رقم يمكنك الحصول عليه من موقع ذا ناشيونال ويذر سيرفس.
لإيجاد هذه المعلومات، انقر على منطقتك على الخريطة، ثم انقر على «التقرير المناخي السنوي»، ثم دقق موقع منزلك إذا دعت الحاجة، وانقر على «الأحدث» تحت عنوان «الإطار الزمني».
ابحث عن كمية الهطول اليومية الوسطية في التقرير السابق وقسمها على 231، وذلك لأن كل جالون يساوي 231 إنشاً مكعباً. سيعطيك الناتج تقديراً لكمية المياه التي تتعامل معها، من الضروري أن تعيد هذا الحساب كل سنة لتستخدم الأرقام المحدثة.
الخطوة التالية هي القيام باختبار نَفاذ لمعرفة المكان الأنسب للحفر. فكر بالتربة كإسفنجة كبيرة يمكنها امتصاص الكثير من الماء، ولكن هناك حد لكمية الماء التي يمكنها امتصاصها وللوقت الذي تستغرقه قبل أن تصل لهذا الحد. يمكنك إيجاد هذه الأرقام باستخدام اختبار النفاذ.
ستحتاج إلى مجرفة ومسطرة ومصدر مائي. أولاً، احفر حفرة بعمق 12 إنشاً، إذا امتلأت بالماء، أنتظر حتى يُمتص إلى التربة، وإذا لم يمتص خلال 24 ساعة، أو إذا استمرت الحفرة بالامتلاء بالماء أثناء الحَفر، فستحتاج إلى اختيار موقع آخر.
عند جفاف الحفرة، ضع المسطرة بشكل شاقولي في الحفرة، واملأها بالماء لارتفاع إنش واحد، وانتظر 15 دقيقة حتى يُمتص جزء من الماء. ثم سجل ارتفاع الماء الجديد، واطرح الارتفاع الجديد من القديم، ثم اضرب الناتج بـ 4.
تعطيك هذه العملية كمية الماء التي تستطيع التربة امتصاصها في ذلك الموقع قبل أن تصبح مشبعة في واحدة الزمن، وهي مقيسة بالإنشات الساعية. تفقد وسطي الهطول اليومي من التقرير سابق الذكر، واحفر في منطقة تمتلك معدل امتصاص أكبر منه، ويفضل أن يكون الفرق أكبر ما يمكن.
ما يجب أن تفعله بالمياه الموجهة
عندما تحصل على المعلومات السابقة، ستكون أمامك العديد من الخيارات لتنقية مياه الأمطار. قبل أن تحفر عميقاً جداً، تأكد من السلطات أنك قادر على نقل التراب.
1. ازرع حديقة مطرية
هذه الحدائق تملأ السطوح المنخفضة إلى جانب السطوح القاسية مثل الأرصفة أو مداخل المنازل، وتوضع فيها نباتات محلية عادة. تسيل مياه الأمطار عن الإسمنت أو الاسفلت إلى الحديقة، حيث تستخدم النباتات المياه التي تحتاجها، وتنقيها من الأوساخ. ثم يتدفق ما تبقى من الماء إلى داخل الأرض. تحافظ جذور النباتات في هذه الحدائق أيضاً على التربة من الانجراف.
2. احفر بئراً جافّة
تسمح الآبار الجافة لمياه الأمطار بأن تُمتص إلى أعماق أكبر في الأرض بدلاً من أن تسيل عليها جارفة التربة معها، وتوضع عادة تحت ماسورة التصريف الخاصة بالمزراب. إن إرسال مياه الأمطار عميقاً يساعد الأرض في تصفية المياه من الملوثات والأحياء الدقيقة.
عادة، يبلغ قطر البئر الجافة حوالي 4 أقدام، بينما يبلغ عمقها 3 أقدام، وتكون مبطنة بعدة طبقات من نسيج خاص (مصنوع غالباً من الكتان أو البوليستر أو البلاستيك المُعاد تدويره) قبل أن تملأ بالصخور المفتتة.
3. احصل على خنادق الترشيح
سواء حفرتها بنفسك أو بمساعدة خبير، فإن هذه الخنادق ستجمّع مياه الأمطار وسترشحها إلى داخل التربة، بشكل مشابه للآبار الجافة. يبلغ عرض وعمق هذه الخنادق عادة 12-18 إنش، وتُبطّن بنفس نسيج الآبار الجافة، ثم تُملأ بالصخور المفتتة. تحفر هذه الخنادق عادة حول المنزل في المكان الذي يسقط في المطر من سطح المنزل إلى الأرض، أو بجانب المدخل.
4. جدد الأسطح الخارجية الصلبة
إذا كنت قادراً على إعادة تعبيد المدخل أو تجديد الفناء، خذ بعين الاعتبار اعتماد تصميم يسمح للماء بأن ينفذ للأرض. الطريقة الأبسط هي استخدام الطوب (الآجر) أو البلاط الاسمنتي. تُرصف القطع فوق طبقة من الصخور المفتتة والرمل، وتُملأ الفراغات بينها بمواد يمكن أن يتدفق الماء عبرها، كالحصى أو الرمل.
قد تبدو لك بعض الخيارات المذكورة أعلاه صعبة التطبيق أكثر من غيرها. وهذا مفهوم. مع ذلك، لا تظن أن الحفاظ على مياه الأمطار هو إضاعة للوقت، فحتى التغيرات البسيطة ستساعد في إنقاذ الكوكب، وتوفير المال أيضاً.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً