هياكل خفية مكتشفة تحت أهرامات الجيزة تثير جدلاً

3 دقيقة
حقوق الصورة: بيكسلز

لطالما أحاطت الأساطير والإشاعات بهرم خفرع، أحد أبرز المعالم على هضبة الجيزة، وأثار فضول علماء الآثار والمؤرخين. وقد أعاد ما أعلنه باحثون إيطاليون مؤخراً في بيان صحفي في 15 مارس/آذار 2025، بشأن وجود هياكل مخفية تحت هذا المعلم الأثري، الجدل حول غرضه وبنائه.

وفي حين دحض بعض الخبراء وجود مثل هذه الهياكل، معتبرين أن دور الهرم يقتصر على مقبرة ملكية، فإن الدراسة الجديدة التي لم تنشر نتائجها بعد في مجلة علمية محكمة، نشرت صور رادار عالية الدقة لهياكل تحت الأهرامات تمتد لأكثر من 1.2 كيلومتر، أي إنها أكبر بعشرات المرات من الأهرامات ذاتها، مشيرين إلى أنها قد تكون بقايا حضارة أقدم أو أكثر تقدماً!

اقرأ أيضاً: كيف بنى المصريون القدماء الهرم؟ أدلة جديدة تكشف

أساطير هرم خفرع تعود للظهور

لطالما كانت هضبة الجيزة، موطن تجمع أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع الشهيرة، محوراً رئيسياً للبحث الأثري. بُنيت الأهرامات منذ أكثر من 4500 عام، غالباً باستخدام تقنيات مثل منحدرات وزلاجات مشحمة بالماء ورافعات لتحريك الكتل الحجرية الضخمة وتحديد مواقعها. اتُخذت هذه الأهرامات مقابر للفراعنة غالباً. ومع ذلك، لا تزال أساليب بنائها ومحتوياتها موضع جدل يثير فضول العلماء وخيالهم.

حديثاً، أعلن فريق من الباحثين، يضم كورادو مالانغا من جامعة بيزا وفيليبو بيوندي من جامعة ستراثكلايد الاسكتلندية بالتعاون مع زميلهما تريفور غراسي، عن نتائجهم عبر منصة فيسبوك، وكشفوا فيها عن هياكل أسطوانية عمودية ضخمة على عمق 648 متراً تحت هضبة الجيزة. استخدم الباحثون الرادار ذا الفتحة التركيبية (SAR) لإنشاء صور عالية الدقة لأعماق الأرض تحت الهياكل، وهو أسلوب مماثل للطريقة التي يستخدم بها رادار السونار لرسم خريطة أعماق المحيط. بالإضافة إلى برنامج خاص طوّره فيليبو بيوندي، يمكنه تحويل إشارات الرادار إلى اهتزازات تشبه الصوت.

ساعد دمج صور الرادار ذي الفتحة التركيبية، الملتقطة من زوايا مختلفة، مع بيانات الرادار عبر الأقمار الصناعية وبيانات الاهتزازات الزلزالية الدقيقة الطبيعية، على إنشاء صور ثلاثية الأبعاد لما يوجد تحت سطح الأرض، دون الحاجة إلى إجراء أي حفر فعلي.

في الواقع تعد مصر مكاناً ملائماً لتطبيق هذه التقنية، باعتبارها تقنية مطورة حديثاً ولم تسبق تجربتها على نحو كافٍ بعد، إذ تتميز مصر بتركيبة جيولوجية متجانسة، إضافة إلى أن قلة الغطاء النباتي والمياه السطحية تجعلها موقعاً مثالياً لاستخدامها، لأن النباتات والمياه القريبة من السطح تسبب في حال وجودها اختلافات في قراءات تحت السطح وتؤثر في النتائج النهائية.

ماذا اكتشف الباحثون أسفل الأهرامات؟

كشفت نتائج الدراسة، التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران والتحقق من صحتها، عن نظام تحت الهرم والمنطقة المحيطة به. وبالقرب من قاعدة الهرم، حُددت خمسة هياكل متطابقة، ذات 5 مستويات وأسقف مائلة. وتحت هذه الهياكل، توجد ثمانية هياكل أسطوانية عمودية مجوفة محاطة بسلالم حلزونية، وتندمج هذه البنى الاسطوانية في النهاية لتشكل حجرتين ضخمتين على شكل مكعب، يبلغ عرض كل منهما 80 متراً.

تُظهر هذه البنية المكتشفة تحت الأرض ما يبدو أنه نظام ميكانيكي أو وظيفي؛ إذ يمكن أن تكون الهياكل الأسطوانية ممرات للطاقة أو الموجات الصوتية، بينما تمثّل الهياكل المكعبة وحدات تخزين أو تثبيت للطاقة، على غرار مكونات مولد كهربائي ضخم. تتماشى هذه التكهنات مع نظريات سابقة تعتقد بوجود طاقة مخفية في الأهرامات. على سبيل المثال، اعتقد المخترع والفيزيائي نيكولا تيسلا أنهم يستطيعون تسخير طاقة الأرض. بينما رأى الباحث والمهندس كريستوفر دان، في كتابه "محطة توليد الكهرباء في الجيزة"، أن الهرم الأكبر عبارة عن محطة للطاقة، تعمل على تحويل الاهتزازات الزلزالية إلى طاقة قابلة للاستخدام. وكانت البعثات السابقة قد كشفت عن وجود غرف وأنفاق صغيرة. 

اقرأ أيضاً: فرع مفقود لنهر النيل قد يساعد على تفسير وجود الأهرامات في مكانها الحالي

انتقادات وجدل يحيطان بالنتائج

في حين أن النتائج قد استحوذت على اهتمام الرأي العام، فقد واجهت أيضاً انتقادات. فقد نفى عالم الآثار الشهير زاهي حواس هذه الادعاءات، مُصرّحاً بأنه لا يوجد أساس علمي للاكتشافات المزعومة. وأكد أن وزارة السياحة والآثار المصرية لم تُصرّح بأي أعمال داخل هرم خفرع أو حوله، على إثر إبداء الباحثين الرغبة في الحفر تحت هرم خفرع، باعتباره الطريقة الوحيدة التي قد تثبت صحة هذه النتائج.

 بالإضافة إلى ذلك، شكك الأستاذ في الهندسة الإلكترونية، محمد قاسم، في دقة المعلومات التي أعلن عنها الباحثون، بسبب عدم وجود ورقة علمية خاضعة للتحكيم وتوثق ذلك، ووضح أن النتائج مبنية على دراسة سابقة كتبها الباحثون في 2022، ونشرتها مجلة "الاستشعار عن بعد" (Remote Sens). وجدت هذه الدراسة غرفاً ومنحدرات مخفية أسفل خفرع، إلى جانب أدلة على وجود شذوذ حراري بالقرب من قاعدة الهرم.

المحتوى محمي