نحن معرضون لمواجهة الكوارث الطبيعية دائماً، وفي الوقت الذي نتحضر فيه مع الكوارث عند حدوثها، تكون فرق الإنقاذ جاهزة على الدوام لتكون أول من يخطو في سبيل إنقاذ المصابين والمتضررين ولتقليل الخطر أكثر ما يُمكن.
وهذا ما أثبتته فرق الإنقاذ التي لم تهدأ منذ وقوع الزلزال صباح يوم الاثنين الواقع في 6 فبراير/ شباط في الشرق الأوسط والذي كان مركزه جنوب شرق تركيا وامتد ليشمل مناطق سورية عديدة، والذي حصد ما يزيد عن 15000 ضحية وأسفر عن إصابة الآلاف. ولكن كيف تنظم فرق الإنقاذ هذه العملية المعقدة؟
اقرأ أيضاً: كيف تشكل الزلزال الذي ضرب الحدود التركية السورية؟ ولماذا كان بهذه الشدة؟
ما الركائز التي تعتمد عليها فرق الإنقاذ أثناء الكوارث؟
تبدأ كل فرق الإنقاذ بالعمل استناداً إلى الركائز الخمس التالية:
1. التنسيق
الخطوة الأولى التي تقوم بها فرق الإنقاذ هي حشد فرق البحث والإنقاذ وتنظيم مهامها وتوزيعها، ويجب التنويه بأن أعضاء فرق الإنقاذ هم متطوعون عاليو المهارة متدربون لمدة عامين على الأقل. وعلى الرغم من أن جميع الأهداف تتوجه نحو الغاية نفسها، فإن تحقيق ذلك يتطلب العديد من المهام مثل البحث بين الأنقاض واستخراج المصابين والضحايا وتصنيف الإصابات حسب شدتها لإرسال الحرجة منها للمستشفى ولتدبير البسيط منها في الميدان وإزالة الحطام.
من جهة أخرى، يكون أعضاء فرق الإنقاذ على اتصال وثيق مع بعضهم بعضاً وذلك لتبادل أي معلومات تخص موقع الحادث أو الناجين، كما يكون الاتصال فعّالاً ومستمراً مع باقي المؤسسات الصحية التي أُرسل إليها الناجون والضحايا لتبادل التحديثات وإعلام المراكز الصحية بالأعداد القادمة حتى تتجهز بالشكل الأمثل.
2. تحليل بيانات ميدان الإصابة والبحث
بمجرد وصول فريق الإنقاذ إلى مكان الحادث يقيّم كل بيانات الحادث، فعند حدوث الزلازل يتم تقييم المباني فيما إذا كانت قديمة أو حديثة أو إن كانت محصنة ضد الزلازل أم لا، كما يتم السؤال عن عدد الأفراد المتوقع وجودهم في مكان المبنى المُهدم وبدء عملية استخراجهم وإنقاذهم. إضافة لذلك، تفيد فرق الإنقاذ بالوصول إلى مكان الحادث والمنطقة المحيطة به، وتخلي أي مبانٍ من المحتمل أن تنهدم.
ليتم بعد ذلك البحث عن الأشخاص في الأبنية غير المُهدمة لنقلهم إلى مكان أكثر أماناً، والتنبؤ وتقييم مدى الضرر الذي قد يلحق بالمبنى وما إذا كان من المحتمل أن يسقط مرة أخرى الأمر الذي يعرض الناجين وفرق الإنقاذ للخطر.
من جهة أخرى، يقوم أعضاء فرق الإنقاذ بالبحث عن وجود مصادر خطر محتملة مثل خطوط الكهرباء المعطلة أو عن وجود تسرب للغاز وخطر حدوث الفيضانات وذلك عند ترافق حدوث الزلزال مع العواصف والأمطار. وتساعد المعدات الخاصة أعضاء الفريق على العمل في ظل هذه الظروف مثل اللباس الموحد المجهز والقفازات والأقنعة الوجهية وأجهزة مراقبة جودة الهواء.
اقرأ أيضاً: لماذا يصعب التنبؤ بشدة الزلازل؟
3. تحديد مواقع الضحايا
لفرق الإنقاذ معدات متخصصة لرصد الأصوات والتي تنبهها لأضعف الأصوات المسموعة من على بعد أمتار، ويجب أن يكون الميدان هادئاً في الوقت الذي يأمل فيه أعضاء فرق الإنقاذ سماع أي صوت أو رصد أي ردة فعل.
ومن الأجهزة التي تساعد في البحث نذكر "كاشفات ثاني أوكسيد الكربون" والتي تساعد في الكشف عن الناجين فاقدي الوعي الذين ما زالوا تحت الأنقاض، إذ يزداد تركيز غاز ثنائي أوكسيد الكربون في الأماكن التي لا يزال فيها أشخاص يتنفسون. ومن بين أدوات البحث توجد كاميرا الصور الحرارية والتي تظهر المناطق ذات حرارة الجسم، كما تساعد الكلاب المدربة في البحث عن الضحايا.
4. إزالة الحطام وإخراج الضحايا
تنتظر فرق الإنقاذ استقرار الزلزال قبل انتشال الناجين، ويستخدم رجال الإنقاذ مجموعة متنوعة من المعدات الثقيلة لنقل الركام وإبعاده عن الميدان، بما في ذلك الرافعات والحفارات الهيدروليكية، وذلك لتأمين الدخول ومن ثم يتم رفع الضحايا ونقلهم من الحطام باستخدام معدات أمان خاصة. تشمل الأدوات الأخرى معدات "التدعيم" التي توفر مسارات مستقرة وآمنة تحمي كلاً من أعضاء الإنقاذ والناجين. وعند إخراج الناجين، يتم تقييم حالتهم الصحية وفرز الأفراد لإعطاء الأولوية للحالات الحرجة.
اقرأ أيضاً: كيف تتصرف عند حدوث زلزال؟
5. تحديد متى يجب التوقف عن البحث
ربما يكون قرار التوقف عن البحث عن الأفراد المحاصرين الخطوة الأصعب بالنسبة لفرق الإنقاذ، والذي يتم اتخاذه بعد مقارنة أعداد الأفراد المحتمل وجودهم في ميدان الكارثة والتي تم تجميعها قبل بدء البحث مع عدد الناجين الذين تم إخراجهم. كما يتم التنسيق مع المؤسسات الحكومية بخصوص هذا القرار، وعادةً ما تستمر الفرق بالبحث لمدة 5-7 أيام بشكل وسطي، وقد تستمر بعض الفرق في البحث لمدة 13 يوماً من تاريخ حدوث الكارثة في بعض الأحيان.