في 22 مايو/ أيار عام 1960، وقع أقوى زلزال سُجّل على الإطلاق قبالة ساحل جنوب تشيلي. عندما توقف الزلزال، لاحظ «دينيس غارسيا»؛ وهو من سكان بلدة كورال الساحلية القريبة، شيئاً غريباً - كان يبحث عن عائلته ولم يكن يعلم أنهم بأمان وعلى أرض مرتفعة، عندما ألقى نظرةً على خليج كورال. ذهب غارسيا للتحقق بعد انحسار مياه البحر؛ لكنه لم يرَ التسونامي القادم الذي يبلغ ارتفاعه 40 قدماً يتجه نحوه إلا بعد فوات الأوان.
قال غارسيا في مقابلةٍ معه بعد عقودٍ على مضي الحادثة: «بعد أن علقت في دوامة المياه المتدفقة، تشبثت بقطعة من الأنقاض لساعات قبل أن أقابل ناجياً آخر ونتسلّق إحدى أسطح المنازل العائمة». في غضون ذلك؛ اجتاحت أمواج تسونامي المحيط الهادئ. تشير التقديرات إلى أن زلزال تشيلي الكبير والتسونامي الذي أعقبه أودى بحياة أكثر من 5000 شخص.
أين تتشكل موجات التسونامي؟
في الواقع؛ تبدأ حوالي 80% من موجات تسونامي على طول المنطقة النشطة زلزالياً في المحيط الهادئ؛ والتي تُدعى «حزام النار»، وتُعتبر هاواي وألاسكا والساحل الغربي من الولايات المتحدة المناطق الأكثر تعرضاً لخطر التسونامي. لكن هذه الموجات الضخمة يمكن أن تتشكّل في أي محيط وتنتقل عبر البحر لمسافاتٍ بعيدة، وتُحدث دماراً كبيراً بعيداً عن مكان تشكلها، وتتكرر بمعدل مرتين كل عقدٍ من الزمن.
كان دينيس غارسيا محظوظاً حقاً؛ إذ أن معظم الناس لا يسعفهم الحظ في النجاة من تسونامي؛ ولكن هناك عدة طرق يمكنك من خلالها حماية نفسك من هذه الكوارث الطبيعية. ستعتمد استراتيجيتك الدقيقة على مكان تواجدك وقت حدوث الكارثة، وستزداد فرص نجاتك إذا خططت مسبقاً لمواجهتها.
خطوات تضمن لك النجاة من تسونامي
تقول«كاري غاريسون لاني»؛ خبيرة التسونامي والأخطار الساحلية من مكتب «سياتل واشنطن سي غرانت»: «ربما ستقول أنه لن يصيبك أي مكروه أبداً؛ ولكن قد تتطور الأمور بسرعة وتُضطر لطلب المساعدة حيث لا يعود بمقدورك فعل شيءٍ حقاً. نعم، سيكون الأمر سيئاً؛ ولكن هناك بعض الخطوات التي يمكنك القيام بها استعداداً لما هو أسوأ».
التسونامي قادم إن وقع زلزال في منطقة ساحلية
تحدث معظم موجات تسونامي عندما تقوم الزلازل التي تحدث بالقرب من قاع البحر بإزاحة كمية كبيرة من المياه، وتندفع هذه المياه كسلسلةٍ من الموجات في جميع الاتجاهات. كما يمكن للثورات البركانية تحت الماء والانهيارات الأرضية وحتى النيازك أن تتسبب بحدوث موجات تسونامي.
يمكن أن تمتد هذه الموجات في البحر لمئات الكيلومترات؛ ولكن لا يزيد ارتفاعها عن بضعة أمتار وتنتقل بسرعة طائرة نفاثة تصل إلى 800 كيلومتر في الساعة. عندما تقترب الأمواج من الشاطئ، تتباطأ سرعتها إلى حوالي 30 إلى 50 كيلومتر في الساعة ويزداد ارتفاعها.
يقل ارتفاع معظم أمواج تسونامي عن 3 أمتار عندما تصل إلى اليابسة؛ ولكن يمكن أن يصل ارتفاعها إلى أكثر من 30 متراً. تُعتبر المناطق التي يقل ارتفاعها عن 8 أمتار فوق مستوى سطح البحر وضمن مسافة 1.6 كيلومتر من الشاطئ المناطق الأكثر عرضةً للخطر. ومع ذلك؛ يمكن لأمواج تسونامي أن تصل إلى مناطق تبعد حتى 16 كيلومتر عن الشاطئ. تقول غاريسون: «يتدفق الماء باستمرار لفترةٍ طويلة».
تشبه موجات التسونامي جداراً من الماء يضرب الساحل، أو فيضاناً يرتفع خلاله منسوب الماء بسرعةٍ كبيرة. تقول غاريسون: «لن تبدو مثل الأمواج الكبيرة الملتفّة التي تراها على الشاطئ؛ إنها أشبه بسيلٍ جارف يتدفق بسرعة كبيرة على الأرض».
هناك بعض العلامات التحذيرية قبل أن يحدث ذلك. إذا كان هناك زلزال؛ ستحتاج إلى النجاة منه أولاً، فبعد وقوع زلزال قوي على الساحل، يجب أن تصل إلى مكانٍ آمن مرتفع حتى لو لم يصدر تحذير رسمي من حدوث تسونامي بعد؛ إذ يمكن أن تصل موجات التسوماني المحلية القريبة بعد دقائق فقط من حدوث الزلزال. يقول «دينيس تشانغ سينغ»؛ السكرتير الفني لمجموعة التنسيق الحكومية الدولية التابعة لليونسكو لنظام الإنذار المبكر والحماية من تسونامي في شمال شرق المحيط الأطلسي والبحر المتوسط: «لا يمكنك الانتظار حتى تُصدر السلطات تحذيراً إذا حدث زلزالٌ قوي وأنت تعيش على الساحل».
كان غارسيا قد اكتشف عام 1960 أن مياه البحر يمكن أن تتراجع لتنكشف الرمال والشُعب المرجانية القريبة من الشاطئ قبل وصول أمواج التسونامي عند حدوث الزلزال. قد تكون هناك ضوضاء صاخبة تشبه صوت القطار أو الطائرة النفاثة أيضاً. يقول تشانغ سينغ: «عليك أن تتعرف على علامات التحذير من الطبيعة نفسها».
تقوم أيضاً مراكز تتبع التسونامي؛ مثل مركز الإنذار المبكر من التسونامي في المحيط الهادئ في هاواي أو المركز الوطني للإنذار المبكر من التسونامي في ألاسكا، بإصدار إنذار تحذيري، لذا ترقب التحذيرات الرسمية وصفارات الإنذار والتوجيهات من السلطات المحلية.
تقول «لورا كونغ»؛ مديرة مركز معلومات تسونامي الدولي في هونولولو: «يجب ألا تتردد إذا علمت عن إصدار تحذير أو شعرت أن الأرض تهتز. الجأ إلى منطقةٍ آمنة فوراً».
للنجاة من تسونامي الجأ إلى مكانٍ مرتفع قبل وصول الكارثة
إذا كنت على متن قارب في المحيط المفتوح، فابقَ هناك. خلافاً لذلك، فإن أفضل مسار للعمل لديك يعتمد على مقدار الوقت المتاح لك قبل وصول موجات التسونامي. سيكون عليك، بفرض أنك على الأرض، الابتعاد سريعاً عن الساحل. حاول الوصول إلى مكان يرتفع 30 متراً فوق مستوى سطح البحر، أو على الأقل يبعد 4 كيلومترات عن الشاطئ.
إذا كنت محظوظاً، فسيكون سبب التسونامي زلزالٌ بعيد ولن يصل إلى الشاطئ إلا بعد عدة ساعات. اصطحب معك حيواناتك الأليفة ومعدات الطوارئ إذا كنت تمتلكها. إذا لم تكن تعلم إلى أين يجب أن تذهب، فقد تكون هناك علامات إخلاء يمكنك اتباعها؛ لكن انتبه لتعليمات موظفي الطوارئ، فقد يوصون بطرق إخلاءٍ مختلفة عن المسار الذي خططت له.
إذا لم تكن متأكداً إلى أي مدى يجب أن تبتعد عن الساحل؛ واصل مسارك. يقول «إيان ميلر»؛ أخصائي المخاطر الساحلية في واشنطن سي غرانت ومقره في بورت أنجلوس في هذا الصدد: «إذا كنت في مكانٍ يرتفع 6 أمتارٍ عن سطح البحر، فلا تتوقف. عليك فقط الاستمرار في الصعود».
أثناء توجهك إلى أرض مرتفعة، ابتعد عن الأنهار والجداول. يقول تشانغ سينغ: «يمكن أن تؤدي أمواج التسونامي إلى جريان الأنهار بسرعة كبيرة، وقد فوجئ الكثير من الناس بذلك».
وتحسّب للإخلاء سيراً على الأقدام؛ حيث تقول غاريسون: «إذا استقل كل واحدٍ سيارته، فقد يحدث ازدحامٌ مروري خانق لا يمكن لأحد الخروج منه».
عليك الاحتراس من خطوط الكهرباء المنهارة إذا حدث زلزالٌ في المنطقة، وابقَ بعيداً عن المباني والجسور التي قد تنهار في أية لحظةٍ في حالة حدوث هزاتٍ ارتدادية.
يمكنك أيضاً شراء كبسولات النجاة المصممة خصيصاً لحمايتك من كارثة تسونامي، رغم أنها باهظة الثمن ولم تثبت فعاليتها بعد في مثل هذه الظروف.
اتخذ ملجأً
قد لا يكون لديك الوقت الكافي للوصول إلى أرض مرتفعة قبل وصول كارثة تسونامي. لقد طلبت صحيفة سياتل تايمز في إحدى المرات من العدّاء «بن براونلي»، الجري لمسافة الإخلاء المطلوبة من مدرسة ابتدائية في لونغ بيتش في ولاية واشنطن؛ حيث تُعتبر المنطقة شبه جزيرةٍ معرضةٍ لخطر أمواج تسونامي الزلزالية بشكلٍ كبير. يمكن لِبن الركض لمسافة 1.6 كيلومتر في 6 دقائق، وتمكن من ركض مسافة الإخلاء في 15 دقيقة. ربما سيتمكن من النجاة من كارثة تسونامي إذا لم يكن قد تعرّض لإصابة أو أعاقت طريقه أنقاض الدمار الذي تتسبب به الزلازل عادةً؛ ولكن بصعوبة. إذا كان بإمكانك رؤية الموجة، فيجب أن تفترض أنها قريبة جداً ويجب عليك التعامل مع هذا الموقف فوراً والاستفادة من أي مأوىً أو ملجأ متوفر.
وفي هذا الصدد؛ يمكن أن تكون الملاجئ العمودية المصممة لمواجهة موجات تسونامي مفيدةً، فهي اكلها قويةٌ بما يكفي لتحمّل تدفّق المياه، وعاليةٌ بما فيه الكفاية للابتعاد عن منطقة الخطر، وتوضع في مواقع يمكن أن يصل إليها أكبر عدد ممكن من الأشخاص. في العام الماضي، كشفت مدرسة أوكوستا الابتدائية في ويستبورت بواشنطن عن أول مبنى إخلاء من هذا النوع مصممٍ لمواجهة كارثة تسونامي في البلاد؛ حيث صُممت الصالة الرياضية بالمدرسة بالكامل لتحمّل الزلازل وموجات التسونامي وإيواء أكثر من 1000 شخصٍ فيها.
وتخطط مدينة «لونغ بيتش» لبناء ملجأ من تسونامي يشبه تلاً محصناً، كما بدأت مدنٌ أخرى بتصميم ملاجئ مشابهة من كوارث التسونامي المحتملة. على سبيل المثال: تقوم مقاطعة نيوبورت بولاية أوريغون بتحويل تلةٍ حراجية إلى ملجأ يمكنه استيعاب 2300 شخصاً.
إذا كنت تحاول النجاة من موجات التسونامي ولم تكن مثل هذه الملاجئ متوفرةً، فحاول البحث عن مبنىً قوي مصنوعٍ من الخرسانة المسلحة. اصعد إلى أعلى مستوىً ممكن - على الأقل إلى الطابق الثالث أو إلى السطح إذا كان ذلك ممكناً.
تقول غاريسون: «إذا كان هناك فندقٌ مكون من عدة طوابق، فقد يكون أفضل مكانٍ يمكن اللجوء إليه، وليس إحدى البيوت التي تُؤجر في العطلات. يجب أن تكون للمبنى أساساتٌ خرسانية قوية، ورغم ذلك، فقد لا يكون ذلك كافياً؛ إذ أن معظم المباني لم تُصمم لتحمّل قوة أمواج التسونامي». إذا لم تكن هناك مبانٍ قريبة، فحاول تسلق شجرة.
تشبث بقوة عندما تصلك الموجة
إذا لم تنجح أي الخيارات السابقة في سبيل النجاة من تسونامي، فحاول الصعود فوق إحدى قطع الحطام العائمة. في الواقع؛ لقد نجا البعض عن طريق تسلق الأسطح واستخدامها كقوارب نجاةٍ مؤقتة.
إذا علقت في موجة تسونامي، فسوف تواجه مياهاً مضطربةً مليئةً بالركام - ستكون النجاة في هذه الحالة مسألة حظ. تقول غاريسون: «ستجرف الموجة الشخص وتحمله بعيداً مع الحطام؛ حيث لن تفيد السباحة للنجاة، وهناك الكثير من قطع الحطام في المياه؛ والتي يمكنها أن تسحقك».
في النهاية؛ سوف تتراجع الموجة وتسحب معها السيارات والأشجار والمباني؛ ولكن حتى لو بقيت إلى هذه المرحلة، فإنك ما تزال معرضاً للخطر. في الواقع؛ التسونامي هو سلسلة من الموجات، وقد لا تكون الموجة الأولى هي الأكبر؛ إذ غالباً ما يتعرض الشاطئ لعدة موجات على مدى عدة ساعات.
يقول ميلر في هذا الصدد: «لقد قضى العديد بعد أن اعتقدوا أنه لن تكون هناك موجةٌ ثانية؛ لكن هناك دائماً موجاتٌ تالية - تماماً مثلما تصدر موجاتٌ متتالية عندما ترمي حصاةً في بركة ماء».
لذلك إذا كنت قد التجأت إلى شجرةٍ متينة أو كنت في مبنىً ولم يصدر بيانٌ رسمي صريح بأن التسونامي قد انتهى، فلا تغادر مكانك. تقول غاريسون: «من المحتمل أن تُضطر للبقاء على الشجرة لمدةٍ تصل إلى ثلاث أو أربع ساعات». إذا أصبحت المنطقة التي تتواجد فيها آمنةً، فانتظر حتى تخبرك السلطات أنه من الآمن العودة إلى الأراضي المنخفضة. يقول تشانغ سينغ: «يمكن أن تنتشر الفيضانات وبقايا المنازل المتضررة والحرائق على طول الشريط الساحلي».
وقد تكون المباني التي تبدو سليمةً قد تصدّعت بفعل موجات تسونامي. بعد عدة ساعات من كارثة تسونامي التي حدثت في المحيط الهندي عام 2004، كان تشانغ سينغ يقود سيارته فوق جسرٍ في موطنه؛ دولة سيشيل الجزرية التي تقع قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا. يقول تشانغ سينغ: «لقد عبرت الجسر في سيارة، ثم بعد ذلك ببضع ثوانٍ؛ انهار الجسر من تلقاء نفسه».
كن مستعداً وتعرّف على المخاطر المحتملة في منطقتك
يمكن لأمواج تسونامي حمل الصخور واكتساح المباني مباشرةً من أساساتها. على النقيض من الموجات التي تتشكّل على الشاطئ، فقد يمتد طول هذه الموجات الضخمة من قاع البحر إلى السطح. يقول تشانغ سينغ: «إنها قوية وتحمل طاقةً كبيرة، ولا تشبه الموجات السطحية مطلقاً - إن المحيط بأكمله هو من يتحرّك ويكتسح الساحل».
من النادر أن تضرب أمواج تسونامي دون أن تشكّل خطراً على الناس المتواجدين هناك. في الواقع؛ يعيش أكثر من ثلث سكان العالم في نطاق 100 كيلومترٍ من المحيط. في عام 2010، كان 39% من سكان الولايات المتحدة يعيشون في مقاطعاتٍ تقع على الساحل مباشرةً، ومن المتوقع أن يصبح الساحل مكتظاً أكثر بالسكان في المستقبل.
لا تشيع أمواج التسونامي في البحر المتوسط. يقول تشانغ سينغ: «إنها المنطقة الأكثر ازدحاماً في العالم؛ حيث تعج بالنشاط التجاري والمواقع السياحية، لذلك هناك خطر كبير من موجات المد البحري حتى لو كانت نادرة».
لهذا السبب يجب أن تكون مستعداً في حالة وصول إحدى هذه الموجات النادرة والمدمرة إلى الشاطئ حيث توجد. يقول سينغ: «يجب أن تكون لديك خطة للإخلاء مع عائلتك إذا كنت تعيش على طول الساحل. إذا كان منزلك أو مكتبك بالقرب من البحر، فتعرف على منطقة الإخلاء المخصصة في حال حدوث تسونامي. ضع خريطةً لطريق الإخلاء وتمرن عليها، وقم بتجهيز مجموعة أدوات الطوارئ. تعرّف أيضاً على خطط مواجهة الكوارث للأشخاص في مجتمعك. تقول كونغ: «يجب أن تحتوي كل منطقة معرضة للتسونامي على خريطة إخلاء مخصصة تُظهر الأماكن غير الآمنة».
قد تجد نفسك معرضاً للخطر إذا كنت تقضي إجازتك بالاستجمام على الشاطئ، فالسياح معرضون للخطر بشكلٍ أكبر نظراً لعدم استعدادهم مسبقاً. يقول ميلر: «إذا كنت في إجازة، فلا داعي للقلق بالضرورة بشأن حدوث شيءٍ من هذا القبيل؛ ولكن إذا كانت المنطقة معرّضة للتسونامي، فيُفضل وضع خطة طوارئ في حال حدوث كارثة». كما يوصي ميلر بإحضار مصباحٍ يدوي إذا كنت تنوي قضاء ليلتك على الشاطئ؛ حيث يقول: «قد يكون ذا فائدةٍ عظيمة إذا اضطُررت للإخلاء ليلاً».
عندما يضرب تسونامي مدمر، يدرس العلماء مقاطع الفيديو المُسجلة للحدث لمعرفة ما يمكنهم التعلم منها. تقول كونغ: «كل شيءٍ يكون طبيعياً، وفي غضون دقائق قليلة، يرتفع مستوى الماء من قدمٍ إلى قدمين وحتى عدة أمتار، وتحمل المياه المتدفقة كلّ شيءٍ تجده في طريقها، حتى السيارات التي يكون هناك أشخاص بداخلها. ستسمع صوت انهيار المباني التي تشطرها المياه المتدفقة إلى نصفين».
يستعد العلماء أيضاً لدرء خطر موجات التسونامي من خلال إجراء عمليات محاكاةٍ حاسوبية للتنبؤ بالمناطق من الشريط الساحلي التي ستكون أكثر عرضةً للخطر، وكم من الوقت سيكون لدى السكان قبل وصول الموجة الأولى. يمكنهم بعد ذلك وضع خططٍ وسيناريوهاتٍ مختلفة لطرق الإخلاء السريع.
في الحقيقة؛ من الأسباب التي جعلت من تسونامي المحيط الهندي عام 2004؛ والذي قتل 230 ألف شخص، كارثةً مدمرةً حقاً، هو عدم معرفة الناس بالخطر الداهم القادم نحوهم. لم يدرك الناس أن موجات التسونامي تندفع نحوهم لأنه لم تكن هناك أنظمة إنذارٍ إقليمية. ومع ذلك؛ ألهمت تلك الكارثة الكثير من التقدّم في مجال التنبؤ بموجات تسونامي والاستعداد لها، واليوم أصبحت الدول المطلة على المحيط الهندي مستعدةً بشكلٍ أفضل.
تقول غاريسون: «أصبح لدينا فهمٌ أفضل بكثير عما يجب القيام به بعد كارثتيّ التسونامي السابقتين». ومع ذلك؛ يمكن أن تحدث أمواج التسونامي بشكلٍ غير متوقع ولا يمكن التنبؤ به، ففي وقتٍ سابق من هذا الشهر؛ ضرب تسونامي نادر الساحل الغربي لغرينلاند. وما تزال اليابان؛ الدولة الأكثر استعداداً لمواجهة الزلازل، تعاني من آثار زلزالٍ مدمر عام 2011 أعقبته موجات تسونامي هائلة بلغ ارتفاعها 40 متراً، وقد قُتل في هذه الكارثة ما يقدّر بنحو 16 ألف شخص؛ معظمهم قضى بسبب أمواج التسونامي.
لذلك يجب على المجتمعات الساحلية الاستعداد لأسوأ سيناريو. قد يكون هذا صعباً في المناطق التي لم تشهد تسونامي منذ وقت طويل؛ مثل إقليم شمال غرب المحيط الهادئ الذي دمرته موجات التسونامي عام 1700.
تقول غاريسون: «الشيء الرئيسي الذي لا نعرفه هو مكان حدوث التسونامي القادم. على المجتمعات الساحلية أن تكون مستعدةً دائماً، ونأمل ألا يحدث أي تسونامي في المستقبل قبل أن يكون الجميع مستعداً له».