قراءة الكتب تمرن الدماغ وتعزز الذكاء العاطفي. ومع ذلك، حوالي ربع سكان الولايات المتحدة لم يقرأون أي كتاب خلال سنة 2018 كاملة. وبشكل عام، وقت القراءة الكلّي بين الأميركيين يقلّ.
ولكن الآن، حان الوقت لتغيير هذا النمط. لكن كيف يمكن أن تجد الوقت لقراءة كتب كاملة؟ ولماذا يجب عليك أن تقرأ في المقام الأول؟
1. المنطق وراء ضرورة القراءة
وجد العلماء أن القراءة ضرورية لصحة الدماغ. نحن نعرف سلفاً أنها مفيدة لأدمغة الأطفال، إذ وجدت دراسة على مجموعة من التوائم أجريت في جامعة كاليفورنيا في بيركلي أن الأطفال الذين بدأوا القراءة في عمر أبكر، أدوّا بشكلٍ أفضل في بعض اختبارات الذكاء، مثل تحليلات مخزونهم اللغوي (يعرف بحجم المفردات).
تبين دراسات أخرى أن القراءة تستمر في المساهمة بتنمية أدمغة البالغين. إذ بيّنت دراسة من جامعة ستانفورد أجريت في 2012 -حيث قرأ مجموعة من المشاركين مقاطع للروائية «جاين أوستن» داخل جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي- أن الأنماط المختلفة للقراءة تمرّن أجزاء مختلفة من الدماغ. وتشير دراسة أخرى إلى أنه مع التقدم في العمر، قد تساعد أيضاً على إبطاء أو حتى إيقاف التراجع الذهني.
القراءة تعزز الذكاء العاطفي أيضاً. بيّنت دراسة مراجعة عامة من عام 2016 أن قرّاء القصص الخيالية يميلون لأن يمتلكوا فهماً متطوراً لما يدعوه علماء النفس بـ «نظرية العقل». وهي تنظر في القدرة على ربط الحالات العقلية بنفسك وبالآخرين، وإدراك أن الناس حولك قد يكون لديهم رغبات وعواطف وأفكار أخرى. وكنتيجة، فهؤلاء الذين يقرأون بانتظام يظهرون درجة أعلى من التعاطف مع الآخرين.
لذلك فالكتب لا تمرن دماغك فقط، بل تجعلك شخصاً أفضل. والآن لنعالج مسألة إيجاد الوقت للقراءة.
2. كيفية إيجاد الوقت للمزيد من القراءة
لديك جدول مواعيد ممتلئ، وأحياناً لا تستطيع أن تجد الوقت للقراءة. لهذا يجب عليك أن تقرا لأوقات قصيرة أولاً. عند تعيين هدف جديد، يجب عليك أن تركز في البدء على إنجاز مهام يمكنك استخدامها كأساس لاحقاً. لذلك فابدأ بقراءة 5 صفحات يومياً مثلاً من كتاب يثير اهتمامك. بعد ذلك، جرب قراءة 10 صفحات يومياً، ثم 20 صفحة. استمر برفع الحد الأعلى قدر المستطاع.
التركيز على اهتماماتك هو السر. لا تبدأ بقراءة رواية «الأخوة كارامازوف» مباشرة، لأنها من الأعمال الأدبية الشهيرة. فيمكنك تحصيل المنافع العقلية المذكورة أعلاه حتى من قراءة قصص الخيال العلمي المفضلة لديك. إذن قراءة كتاب من اختيارك يجعل القراءة متعة بدلاً من مجرد مَهمّة، وهذا يجعل من المرجح أكثر أن تقوم بالقراءة فعلاً. (وإذا فعلاً رغبت بقراءة الرواية السابقة، فيمكنك فعل ذلك عندما تتحول إلى عادة منتظمة).
خلال تدربك على هذه العادة الجديدة، كن رحيماً على نفسك. إذ تَبيّن أن النقد الذاتي، والمعروف أيضاً باسم «التنمر على الذات» يعيقك عن تحقيق أهدافك. ولذلك لا تقس على نفسك، خاصة إذا كنت لم تعتد القراءة من قبل. وحتى إذا لم تقرأ في أحد الأيام، فتذكر أننا كلنا أحياناً نطيل السهر ونتعلق ببرامج تلفزيونية، أو ببساطة ننسى. وكن مستعداً لأن تلتزم بخطتك تعوّض النقص في اليوم التالي.
لإيجاد الوقت الكافي لقراءة 5 صفحات، يساعدك أيضاً الاحتفاظ بكتاب، أو تطبيق كتاب صوتي، أو قارئ إلكتروني بالقرب منك خلال النهار. فعندما يكون لديك بعض الوقت وأنت تنتظر صديقك أو خلال التنقل بين العمل والمنزل، أو أثناء القيام بمهام لا تتطلب الانتباه التام، يمكنك أن تقرأ بدلاً من أن تلعب لعبتك المفضلة على هاتفك الذكي.
هذا يقودنا إلى جدل كبير: ما هي أفضل طريقة للقراءة؟ قراءة الكتب من الصفحات مباشرة، أم قراءة الكتب من الشاشات، أم سماع الكتب الصوتية؟ على الرغم من أن القراءة من الصفحات رائجة أكثر بين الناس، إلا أن العلم لم يثبت أنها أفضل من نظائرها الرقمية.
ركزت الأبحاث الأكاديمية في هذا الموضوع بأغلبها على ما يدعى بالقدرة على الاحتفاظ، وهي تدل على عدد الأحداث التي حفظتها من كتاب ما. وعلى الرغم من أن الكتب الورقية قد تتفوق في هذا السياق، إلا أن الأفضلية التي تتمتع بها تبدو أنها معتمدة على البيئة والسياق. ففي دراسة جامعة ستانفورد المذكورة أعلاه، والتي أُنجزت في مختبر، قرأ الطلاب المشاركون كلهم نفس المقطع، لكن بعضهم قرأوا من كتاب ورقي، وبعضهم الآخر من كتاب «بي دي إف». كما نظرت دراسة أخرى في أداء مجموعة من الأطفال في صف مدرسي، قرأوا إما من كتاب ورقي أو باستخدام آي باد. ولم تجد أي فرق كبير بين طريقتي القراءة.
الاحتفاظ بقارئ إلكتروني يجعل العملية سهلة في أي وقت. لكن ما هو القارئ الإلكتروني المناسب؟ يمكنك أن تبحث عن جهاز قارئ مزوّد بشاشة إي-إنك، وانتقي الأرخص، أو ادخل بدوامة المواصفات. لكن الفكرة الرئيسية التي يجب الانتباه لها هي التركيز على الكتب التي تحب قراءتها.
اقرأ أيضاً: دليلك لاختيار قارئ الكتب الإلكتروني الأفضل
وعلى الرغم من أنك قادر على إيجاد كتاب من أي دار نشر كبيرة في منصات القارءات الإلكترونية، إلا أن منصة كيندل الخاصة بشركة أمازون هي الأكثر رواجاً عندما يتعلق الموضوع بالكتب المنشورة ذاتياً (من قبل المؤلف دون مشاركة دار نشر) والأذواق الخاصة. إذا كنت مهتماً بمؤلّف أو نوع محدد من الأدب، فابحث قليلاً لتعرف أي شركة مصنعة – أمازون، راكوتن كوبو، أو نووك من شركة بارنز آند نوبل – تحتوي متاجرها الإلكترونية على ما تريد قبل أن تشتري. وتذكّر، يمكنك دائماً أن تجرب التطبيقات قبل أن تشتري الجهاز.
اقرأ أيضاً: 5 تطبيقات لقراءة الكتب الإلكترونية عبر الهواتف الذكية
أما بالنسبة للكتب الصوتية، وجدت الأبحاث حتى الآن أنها تحفّز الدماغ بنفس درجة الكتب الورقية. مع إنها تؤثر على المادة الرمادية في الدماغ بطريقة مختلفة نوعاً ما. لأنك تستمع إلى قصة، فأنت تستخدم آليات مختلفة لفهمها. مع الكتب المطبوعة، عليك أن توفّر الصوت بنفسك. وهو ما يدعى بـ «الجانب الإيقاعي للغة» فأنك تتخيل «لحن وإيقاع الكلام،» والنبرة والمقاطع الصوتية المشددة وخلاف ذلك. بينما مع الكتب الصوتية، فإن المؤدي يقدم لك هذه المعلومات، ولهذا فإن دماغك لا يولّد الجانب الإيقاعي بنفسه، إنما هو يحاول فهم شيء مفروض عليه باستخدام الآذان.
ولكن بغض النظر عن الجانب الإيقاعي، فالكتب الصوتية تؤثر على أفكارك ومشاعرك. بتعبير آخر، فالاستماع للكتب الصوتية يعتبر قراءةً بالفعل. هذه أخبار سارة، لأن الكتب الصوتية تجعل من السهل إيجاد المزيد من الوقت للقراءة. فيمكنك وضع السماعات والاستماع لكتاب صوتي حتى إذا كنت مضطراً لإبقاء عينيك مفتوحتين (أثناء القيادة أو المشي مثلاً). في الحقيقة، قد يساعدك الاستماع لكتاب صوتي على التركيز أثناء القيادة على الطرق السريعة، إذ أن الإلهاء البسيط المتمثل بالصوت يجعل الدماغ متحكم بشكل جيد بالمهام التكرارية أو الرتيبة مثل قيادة السيارة لمسافات طويلة على الطريق السريع.
إذا لم ترغب بإنفاق الكثير من المال، يمكنك أن تستمتع بالكتب الرقمية دون أن تدفع قرشاً واحداً. إذ أن المكتبات أصبحت تستغل التكنولوجيا بشكل هائل السرعة، وهذا يتمثل بشكل مميز في تطبيقين: أوفردرايف و ليبي. ببساطة حمّل التطبيق، أوجد مكتبتك، وأدخل رقم بطاقتك الخاصة بالمكتبة. بعد ذلك، يمكنك استعارة كتب إلكترونية مجانية، ثم قراءتها أو سماعها عن طريق التطبيق أو جهاز آخر متوافق. وإذا كان لديك حساب أمازون برايم، يمكنك توفير القليل من المال عن طريق الحصول على كتاب مجاني واحد شهرياً من مكتبات الإعارة العديدة التي تجدها في الحساب.
في النهاية، إذا أردت أن تعتاد القراءة، لا يجب عليك أن تنقطع عن أي من الكتب الورقية، الرقمية، أو الصوتية. اختر ما يناسب حاجاتك، حتى لو كان مزيجاً بين الطرق الثلاثة أحياناً.
3. استغل عادتك الجديدة
والآن، بما أنك تتحول إلى مهووس بالقراءة، فعادتك الجديدة قد تساعدك بطرق عدّة.
على سبيل المثال، قاست إحدى الدراسات مدى تخفيض بعض النشاطات لسرعة نبض القلب ووجدت أن قراءة 6 صفحات من كتاب تجعلك مسترخياً أكثر بـ 68%. لكن هذه الدراسة أجريت بتكليف من شركة شوكولاته كانت تمنح الكتب بالمجان، وهذا مصدر تمويل منحاز على الأرجح، إضافة إلى ذلك، فإن الأثر المريح يعتمد غالباً على الكتاب، فقط اسأل أي أحد قرأ للمؤلف ستيفن كينج في الليل.
هذا لا يعني أن القراءة لا تساعدك على النوم. إذ أن تصفح كتاب هو «نشاط تهدئة» رائج وجزء من طقوس النوم اليومية التي ينصح الأطباء بممارستها. القراءة في السرير قد تجعل جسمك يدرك أنه حان وقت النوم.
إذا أمضيت أمسية كاملة في القراءة، فسيمنعك ذلك عن الانغماس في عادات سيئة مثل النظر إلى شاشة هاتفك الذكي قبل النوم. وإذا اضطررت للقراءة على هاتفك، يمكنك تخفيض مستوى الإضاءة قدر الإمكان لتقي نفسك من الأرق.
يمكن للقراءة أيضاً أن تساعدك في الحفاظ على لياقتك البدنية. وهذا إذا قرأت باستخدام الكتب الصوتية. يتعلق الموضوع بتطبيق تقنية تدعى «تجميع الإغراءات.» وجدت دراسة من جامعة بنسلفانيا أن الأشخاص الذين استمعوا حصراً لكتاب صوتي مثير في الصالة الرياضية تدرّبوا على بساط الجري أكثر.
أخيراً، للقراءة قدرة على تعزيز الإنتاجية. إذ أن أخذ استراحة من مهمة للتركيز على مهمة أخرى قد تتطلب مهارات أخرى يمكن أن يحسن التركيز والذاكرة قصيرة الأمد. ولذلك فإن التوقف عن التفكير بشيء ما للحظات يساعك على العودة للمهمة الأولى بنشاط وتركيز متجددين.
في المرة التالية التي تفقد فيها الدافع للعمل، فقد يكون الحل هو قراءة بضع صفحات خلال استراحة الغداء.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً