دليل الآباء للتعامل مع خوف أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة

3 دقائق
خوف الأطفال من الذهاب إلى المدرسة
shutterstock.com/ Kzenon

بدء الدراسة أول مرّة في حياة الأطفال تعد حدثاً هاماً، ويمكن أن تؤسس التجربة الإيجابية في هذه المرحلة حب الطفل أو كرهه للمدرسة لبقية حياته. يتحمّس بعض الأطفال للذهاب إلى المدرسة لأول مرة، بينما قد يشعر البعض الآخر بالقلق. في الواقع؛ يُعتبر الخوف من الذهاب إلى المدرسة ظاهرة شائعة على نطاقٍ واسع؛ ولكن لا توجد بيانات دقيقة حول عدد الأطفال الذين يشعرون بالقلق قبل بدء المدرسة أول مرة.

تشير البيانات المتاحة إلى أن 6.9% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 - 11 عاماً (حوالي 278 ألف طفل) يعانون من اضطراب القلق المُشخص في أستراليا، ويميل هؤلاء الأطفال للحصول على نتائج دراسية أسوأ إذا لم يتم معالجة قلقهم، لذلك من المهم إدارة مشاعر القلق لديهم بشكلٍ فعّال لضمان نجاحهم في المدرسة. يمكن أن يشعر الآباء بالارتياح من حقيقة أن الأبحاث تظهر أن معالجة مخاوفنا تساعد في تقليل القلق.

الخوف من المجهول

يمكن أن يشعر الأطفال بالقلق حيال الذهاب إلى المدرسة بسبب شعورهم بعدم الأمان وفقدان السيطرة الذي يتوهموه. أفاد الأطفال في إحدى الدراسات بأنهم شعروا بالخجل أو الخوف عندما ذهبوا إلى المدرسة لأنهم لم يكونوا يعرفون معلمهم، وما الذي سيحدث وأين سيضعون أغراضهم.

كما أفاد الأطفال أيضاً بأن قلقهم كان مصدره تكوين صداقاتٍ جديدة وخوفهم من أن يقابلوا «أطفالاً مخيفين» عند بدء المدرسة. ومع ذلك؛ أبدى بعض الأطفال الحماسة أيضاً لإمكانية تكوين صداقات جديدة؛ يدل ذلك على أنه عندما ينظر الأطفال إلى تجربة الذهاب إلى المدرسة على أنها تهديد وليست فرصة، فإنهم سيعانون من القلق.

اقرأ أيضاً: تعليم الأطفال المسؤولية الاجتماعية قد يقلل حوادث التنمر في المدرسة

تأثير القصص التي نرويها لأطفالنا

التنمر في المدرسة
shutterstock.com/ Syda Productions

في الواقع؛ يعتمد الأطفال قبل بدء الذهاب إلى المدرسة على القصص التي يرويها لهم آباءهم لتحديد توقعاتهم. تُظهِر الأبحاث في هذا الصدد أن مستوى القلق يزداد عندما يحكي الوالدان قصصاً تحتوي على تهديدٍ أو توحي بضعف الطفل عموماً، بينما يقل قلق الطفل عندما تحكي القصص عن التشجيع والإثارة، وتوحي بأن الطفل يتمتع بالكفاءة، وقادر على التأقلم وتحمّل المسؤولية.

وفي السياق نفسه؛ تُظهِر الأبحاث أن الطفل يمكن أن يعاني من القلق إما من خلال إفراط الوالدين في تهدئة مخاوفه أو المبالغة في حمايته، فبالرغم من أن الهدف من الإفراط في تهدئة مخاوف الأطفال هو تشجيعهم؛ إلا أن ذلك يمكن أن يوحي لهم بوجود تهديدٍ ما، ويمكن أن يزيد من اعتماد الأطفال على آبائهم لتخفيف قلقهم، وبالتالي الاعتقاد بأنهم غير قادرين على التكيّف بمفردهم.

قد يعود الإفراط في الحماية إلى مخاوف الوالدين وعدم ثقتهم بنظام المدرسة. للأسف؛ يؤدي الإفراط في الرقابة الأبوية -التي تكون بدافع الحب- إلى انخفاض مهارات حل المشكلات والكفاءة لدى الأطفال، وقد توحي للطفل بأنه بحاجةٍ للحماية من «التهديد» المتمثل بالمدرسة، لذلك يبدأ الطفل بالقلق عند عدم تواجد والديه لحمايته.

يمكن أن يسبب الانفصال عن الوالدين القلق أيضاً. يتميز تشخيص قلق الانفصال بالقلق المفرط بشأن الانفصال عن المنزل، أو عن أولئك الذين يرتبط بهم الطفل. يُعتبر قلق الانفصال أمر طبيعي عند الأطفال؛ ولكن يمكن أن يتفاقم بسبب الطلاق أو التوتر أو مزاج الطفل.

وسائل تساعد الأطفال عند الذهاب إلى المدرسة لأول مرّة

هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن تساعد الأطفال -وأولياء أمورهم- على تخفيف الشعور بالقلق بشأن بدء المدرسة. 

يمكن للمدارس التواصل بشكلٍ جيد مع أولياء الأمور حتى يكونوا على دراية بكيفية سير الأمور في المدرسة. عندما يعرف الآباء هذه الأشياء يقلّ قلقهم؛ وبالتالي يقل قلق أطفالهم أيضاً. يمكن للمدارس أن تخبر الآباء عن موعد توصيل الأطفال إلى المدرسة، والمدة التي يمكن للآباء البقاء مع أطفالهم هناك، وكيفية تنظيم الاجتماعات مع المدرسين. يمكنك طلب هذه المعلومات من المدرسة إذا كانت غير متوفرة.

Teacher, Learning, School, Teaching, Classroom

يمكن للآباء والمدارس تزويد الأطفال بالمهارات والمعلومات؛ مثل تقديم نصائح إيجابية حول تكوين صداقاتٍ جديدة، ومكان وجود مرافق المدرسة (مثل الحمامات)، وكيفية طلب المساعدة. القليل من الأمن والثقة يمكن أن يخفف من مشاعر القلق لدى الأطفال.

يُظهر هذا البحث أن التحدّث إلى الأطفال حول الأحداث المستقبلية والاستماع إلى مخاوفهم يمكن أن يخفف من القلق أيضاً؛ وذلك لا يعني التحدّث للأطفال عن التهديدات المحتملة؛ بل التركيز على معالجة المخاوف التي تشغل بالهم.

عندما يربط الآباء بين التجارب الإيجابية السابقة وبدء المدرسة، يساعد ذلك على تخفيف قلق الأطفال. يمكن للوالدين تذكير الأطفال بالوقت الذي نجحوا فيه في ممارسة رياضة محددة عندما كانوا قلقين منها، أو كيف تعلّموا الأحرف في السابق رغم صعوبتها؛ يمكن أن توفر هذه النجاحات الصغيرة أساساً لنجاح الأطفال في المدرسة.

يمكن للوالدين أيضاً منح أطفالهم بعض السيطرة واليقين بشأن بدء المدرسة. على سبيل المثال؛ دع الأطفال يختارون حقائبهم وأدواتهم، أو خذهم في نزهةٍ حول المدرسة ليتعرّفوا عليها مسبقاً، ودعهم يتعرّفون على طفلٍ في نفس سنتهم الدراسية؛ سيزيد ذلك من شعورهم بالأمان والثقة بالنفس بشأن ما هم مقبلون عليه.

أخيراً؛ أخبر طفلك بتجاربك الجيدة أيام المدرسة بحيث يتخيل الطفل بأن المدرسة ستكون مليئةً بالتجارب المثيرة والرائعة؛ يمكنك على سبيل المثال عرض صورك في المدرسة لإظهار تجربتك الإيجابية لهم. قد يكون الأطفال قلقين من بدء المدرسة؛ ولكن، وبقليل من الحكمة وحسن التصرف؛ يمكن التغلب على مخاوفهم.

المحتوى محمي