لماذا لا تُعطى الأدوية الخافضة للحرارة لكل طفل تبدو عليه الحمى؟

3 دقائق
لماذا لا تُعطى الأدوية الخافضة للحرارة لكل طفل تبدو عليه الحمى؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Rozhnovskaya Tanya

يرتفع مستوى القلق لدى الآباء والأمهات مع ارتفاع درجة حرارة طفلهما، إلا أن هناك نقطة مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار، فصحيحٌ أن الحمى علامة تحذير تنبهنا إلى أن الطفل يحتاج عناية، إلا أن الحمى ليست مشكلة بحد ذاتها، وفي الواقع يمكن أن يكون ارتفاع درجة الحرارة مفيداً، لهذا السبب لا ينصح مقدمو الرعاية الصحية بخفض درجة الحرارة حالاً بل بالسماح للحمى بأن تقوم بدورها. إذ ويبقى السؤال متى يجب التمييز بين الحالات التي يتوجب فيها خفض حرارة الطفل ومتى يمكننا الانتظار؟

متى نعتبر ارتفاع درجة الحرارة حمى؟

ارتفاع درجة الحرارة أحد آليات الجهاز المناعي لحماية الجسم والتصدي للإنتانات، لهذا السبب هي مفيدة ولا يعني التروي في خفضها أننا مهملون في تدبير حمى طفلنا. 

ينطبق الأمر الذي ذُكر أعلاه على الأطفال الكبار والأصحاء، وأما بالنسبة للأطفال ذوي عمر الشهرين أو المصابين بأمراض نقص المناعة أو ممن خضعوا لعمل جراحي خلال الأسابيع الماضية، فيعتبر ارتفاع درجة الحرارة لديهم أكثر حساسية ويجب تدبيره حالاً.

نقول إن الطفل يعاني ارتفاعاً في درجة الحرارة عندما تقيس حرارته أعلى من 37.5 درجة مئوية، وتبقى الحرارة بين 37.5 و40 درجة مئوية ذات تأثير غير مؤذٍ وإنما داعم للتصدي للإنتان، بينما يصبح تأثيرها مؤذياً إذا استمر ارتفاعها لفترة طويلة أو في حال تجاوزت 42 درجة مئوية عندئذ قد تُسبب تلفاً غير عكوس في الدماغ.

اقرأ أيضاً: حرارته مرتفعة: دليلك الشامل لخفض حرارة الطفل

متى تعالج ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال؟

يلجأ الآباء والأمهات إلى تحسس ارتفاع درجة الحرارة بوضع اليد على جبين الطفل، إلا أن هذه الطريقة ليست مقياساً دقيقاً لتحديد درجة الحرارة، ويُوصى دائماً باستخدام مقياس حرارة رقمي عند الأطفال ممن يبلغون من العمر 3 أعوام أو أقل.

يجب عدم إهمال ارتفاع درجة الحرارة والحرص على إعطاء الطفل الأدوية الخافضة للحرارة وتزويده بالسوائل، واستشارة مقدم الرعاية الصحية حول حالته في الحالات التالية:

  • الأطفال ممن يبلغون 3 أشهر أو أقل من العمر ويعانون حرارةً تقيس 38 درجة مئوية أو أكثر.
  • الأطفال ذوو السنتين أو أقل ممن يعانون حرارةً تتجاوز 38 درجة مئوية لأكثر من 24 ساعة.
  • الأطفال الأكبر من سنتين ممن يعانون حرارةً تقيس 38 درجة مئوية أو أكثر لمدة أكثر من 72 ساعة.
  • ارتفاع درجة الحرارة فوق 40 درجة مئوية عند أي طفل في أي عمر.
  • الحمى المترافقة مع أعراض مثل النوبات الاختلاجية أو التهاب الحلق أو آلام الأذن الشديدة أو الصداع أو الطفح الجلدي والقيء أو الإسهال الحاد أو النعاس غير الطبيعي.
  • الأطفال ذوو الأمراض المناعية أو ممن يعانون أمراضاً مزمنة تُثبط الجهاز المناعي.

اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لقياس درجة حرارة الطفل بطريقة علمية ودقيقة

كيف تعالج ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال؟

يُعالج ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال الأكبر من شهرين باستخدام دواء أسيتامينوفين أو ما يُعرف بـ "سيتامول"، ويتوجب علاج الحمى بشكل خاص إذا بدا الطفل غير مرتاح وإذا ظهرت عليه أعراض مثل البكاء المستمر أو صعوبة النوم أو رفض تناول الطعام، والهدف هنا هو جعل الطفل يشعر بالراحة وليس خفض درجة الحرارة لديه.

أما إذا كان الطفل أكبر من 6 أشهر، عندئذ يمكن خفض حرارته باستخدام إما عقار أسيتامينوفين أو إيبوبروفين اللذان يعتبران من الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية التي تُسكن الآلام وتخفض الحرارة.

من جهة أخرى، يُستخدم هذان الصنفان الدوائيان لخفض الحرارة عند الأطفال الأصغر من سنتين ممن يعانون حرارةً تقيس 38.9 درجة مئوية، مع الانتباه لضرورة تجنب إعطاء الإيبوبروفين للأطفال الأصغر من 3 أشهر أو ممن يعانون إقياءات متكررة وحدوث تجفاف.

اقرأ أيضاً: كيف أعرف أن مشية طفلي غير طبيعية؟

كما يجب التنويه لنقطة مهمة وهي تجنب إعطاء الأطفال الأسبرين كأحد الأدوية الخافضة للحرارة، إذ يرتبط استهلاكه عند الأطفال والمراهقين بمجموعة من الآثار الجانبية التي قد تبدأ باضطرابات معدية بسيطة ولكن قد تصل إلى حدوث متلازمة راي التي تشمل انخفاضاً في مستوى سكر الدم وارتفاع مستويات الأمونيا وحمض الدم، كما تشتمل على حدوث تلف وانتفاخ في الكبد والدماغ ما يعرض الطفل لحدوث نوب اختلاجية وتشنجات مرضية. 

ختاماً، تعتبر المراقبة الحثيثة لدرجة حرارة الطفل مفتاح التدبير، فعندما يوجهنا المؤشر الرقمي إلى أن الحرارة ما زالت ضمن المجال الطبيعي عندئذ يمكننا أن نترك الحمى تقوم بدورها الدفاعي، أما عندما تتجاوز درجة الحرارة 40 درجة مئوية أو عندما يمنع ارتفاعها الطفل من النوم أو تناول الطعام براحة، عندئذ يتوجب استخدام الأدوية الخافضة للحرارة.

المحتوى محمي