ولد طفلك أخيراً بعد حمل دام 9 أشهر، وها أنت تعيشين لحظات أمومة مثالية، إلا أن ما بقي من دهون في محيط خصرك ليس بذات المثالية، فتبدئين بالتساؤل، كيف تبدو النجمات العالميات بتلك الأجسام النحيفة بعد الولادة، بينما ما زلتِ بعيدة عن جسد ما قبل الولادة؟ حسناً إن إنقاص الوزن بعد الولادة ليس صعباً، لكنه يستغرق وقتاً.
الانبساط المستقيم: انتفاخ البطن بعد الولادة
أكثر ما تعاني منه الأمهات في أثناء الحمل وبعد الولادة، هو ذلك البروز والترهل في عضلات البطن، والذي قد يستمر لأشهر وحتى سنوات إذا لم يتم علاجه، وتُعرف هذه الحالة بالانبساط المستقيم، فما هو؟
الانبساط المستقيم حالة شائعة بين الأمهات، وتنتج عن ضغط الحمل على عضلات البطن المستقيمة. تتكون عضلات البطن من قسمين، هما عضلات البطن اليمنى واليسرى، ويربط بينهما نسيج ضام. خلال الحمل، يتمدد النسيج الضام للخارج بما يتيح للجنين النمو، وبعد الولادة يمكن للنسيج الضام أن يلتئم مرة أخرى، ليعيد جمع عضلات البطن السداسية، إلا أن فرط التمدد خلال الحمل قد يُفقده تلك المرونة، فتنفصل عضلات البطن عن بعضها، مشكّلة ما يُعرف بانفصال أو فجوة البطن.
علاج الانبساط المستقيم
يمكن لبعض التمارين الرياضية البسيطة التي تستهدف عضلات البطن العميقة أن تساعد في علاج فجوة البطن، مثل التنفس العميق والحركات العميقة كتمرين الجسر، وقد يوصي بعض الأطباء باستخدام أغلفة البطن لدعم الجذع بعد الولادة، إلا أنه يمكن لتمارين أخرى، مثل تمارين البطن ورفع الأثقال، أن تزيد الحالة سوءاً، لذا لا بُد من استشارة الطبيب المختص قبل ممارسة أي تمارين رياضية.
التخلص من الوزن الزائد بعد الولادة
للعودة إلى وزن ما قبل الحمل، تحتاج الأم لمدة تتراوح ما بين 6-12 شهراً، لتتمكن من التخلص مما اكتسبته من وزن زائد خلال الحمل، وذلك من خلال تحديد النقاط الرئيسية التالية:
لماذا تكتسب الحامل وزناً زائداً خلال فترة الحمل؟
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن الوزن الصحي المسموح للمرأة الحامل باكتسابه خلال الحمل بطفل واحد، يتراوح ما بين 11.5-16 كيلوغراماً، تبعاً لوزنها قبل الحمل، وعدد الأطفال الذين تحمل بهم. ووفقاً للدراسة التي نُشرت في "المجلة الأميركية لأمراض النساء والولادة" (American Journal of Obstetrics & Gynecology)، تتوزع هذه المكاسب ما بين:
- الطفل.
- المشيمة.
- السائل الأمينوسي المحيط بالجنين.
- أنسجة الثدي .
- الدم.
- تضخم الرحم.
- مخازن الدهون الزائدة.
فقدان الوزن الأولي بعد الولادة
بعد الولادة، تفقد المرأة وزن المشيمة والطفل والسائل الأمينوسي. وعلى مدى الأسابيع الستة الأولى بعد الولادة، سيخسر جسمها بعض سوائله الأخرى، فيتراجع وزن الجسم، حتى يبلغ متوسط ما يفقده من وزن بعد الولادة نحو 6 كيلوغرامات، ويبقى وزن مخازن الدهون. تساعد مخازن الدهون الزائدة في تزويد المرأة بالطاقة اللازمة للولادة والإرضاع، إلا أن ما يحدث لدى معظم النساء هو أن تفوق هذه الدهون حاجة الجسم، ما يتسبب في زيادة الوزن وما يرتبط به من مشكلات صحية، ويُشار إليها بـ "وزن الطفل".
النظام الغذائي بعد الولادة لإنقاص الوزن
قد يكون من المفاجئ أنه لا يجب اتباع حمية غذائية مخصصة للمرأة بعد الولادة، لأنها غالباً ما تكون منخفضة السعرات الحرارية، في حين يحتاج الجسم بعد الولادة إلى تغذية متناسبة مع احتياجاته من السعرات للشفاء والتعافي والإرضاع. توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المرأة المرضع بتناول 300-400 سعرة حرارية إضافة لما كانت تستهلكه قبل الحمل، أي يجب أن تحصل على نحو 2000-2800 سعرة من نظامها الغذائي. يمكن لبعض العادات الغذائية الصحية من حيث الكمية والنوعية أن تساعد على إنقاص الوزن بأمان. على سبيل المثال:
- تنويع الوجبة الغذائية بحيث تحتوي على كافة العناصر الغذائية الضرورية؛ كالألياف والبروتينات التي تمنح الشعور بالامتلاء، والتي يمكن أن نجدها في البيض والجزر والتفاح وزبدة الفول السوداني، والدهون الصحية كما في زيت الزيتون، والفيتامينات والمعادن في الفواكه والخضروات.
- الابتعاد عن الدهون المتحولة والمشبعة، كما في الطعام المقلي، واستبداله بالمشوي.
- التخفيف من تناول الكربوهيدرات النشوية كما في خبز الدقيق الأبيض والمعكرونة، والسكريات المصنعة في الحلويات والمشروبات الغازية، والتي تضيف مزيداً من السعرات الحرارية.
- تعويض الجسم بالسوائل، حيث يجب على المرأة أن تشرب نحو 12 كوباً من السوائل يومياً. قد يساعد الاحتفاظ بزجاجة الماء بالقرب من المكان الذي تطعمين به الطفل على تذكر شرب الماء.
- تناول ما بين 5-6 وجبات صحية صغيرة في اليوم، عوضاً عن 3 وجبات كبيرة.
- تناول الطعام ببطء، ما يساعد على تحديد وقت امتلاء المعدة بالطعام، وتجنب الإفراط في الأكل.
اقرأ أيضاً: تناول الأطعمة غير الصحية يقلل من فاعلية النظام الغذائي
الرضاعة الطبيعية تساعد على إنقاص الوزن
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يجب إرضاع الطفل لمدة لا تقل عن 6 أشهر، وبما يكفي ليحصل الطفل على احتياجاته الغذائية للنمو ودعم جهازه المناعي. بالإضافة إلى ذلك، للرضاعة تأثير إيجابي على الأم أيضاً، وهو فقدان الوزن، إذ بينت الدراسة التي نُشرت في دورية "المغذيات" (Nutrients) أنه يمكن للرضاعة الطبيعية بعد الولادة أن تدعم فقدان الوزن.
اقرأ أيضاً: ما الذي ينبغي معرفته عن الرضاعة الطبيعية
تمارين رياضية لما بعد الولادة
ينصح المجلس الأميركي لأمراض النساء والتوليد المرأة التي خضعت لولادة مهبلية طبيعية، باستئناف نشاطها في التمارين الرياضية بشكل تدريجي بعد أيام من الولادة، أما بالنسبة للأم التي خضعت لولادة قيصرية، أو التي يتعرض جسدها لمضاعفات بعد الولادة، فلا بُد لها من استشارة الطبيب المختص لمعاينة وضعها الصحي بشكل خاص. وبشكل عام يمكن لهن العودة للتمارين بعد فترة تعافٍ نحو 4-8 أسابيع، واتباع برنامج التمارين التالي في المنزل. بشرط عدم الإصابة بالانبساط المستقيم:
- تمرين التنفس: يمكن التمرن على التنفس العميق من الحجاب الحاجز بأي وضعية؛ سواء كان في الاستلقاء أو الجلوس أو الوقوف، ما يساعد هنا هو تمرين عضلات البطن وقاع الحوض على التقلص والاسترخاء دون تحريك العمود الفقري، ويكرر لنحو 5-6 مرات.
- انزلاق الكعب: يمكن القيام به بالتزامن مع تمرين التنفس، بحيث تستلقي الأم ليبقى العمود الفقري ثابتاً مع ثني الركبتين، ثم تُمدّ إحدى الساقين ببطء مع الشهيق حتى توازي الأرض. خلال الزفير، تعيد الأم ثني الركبة، ويكرر التمرين للساق الأخرى، بحيث تنزلق كل ساق نحو 20 مرة.
- امتداد الساق: الاستلقاء على الأرض، والذراعين على جانبي الجسم. ثني الركبتين لوضعية الطاولة؛ بحيث تكون الساق موازية للأرض، والركبة عمودية على الورك. خلال الشهيق، تُمد إحدى الساقين للخارج دون لمس الأرض، وتعاد إلى وضع الطاولة في الزفير. يُكرر التمرين لكل ساق نحو 20 مرة.
- تمرين خفض الساق المزدوج: بعد أن تستلقي الأم على ظهرها والذراعين على جانبي الجسم، تُرفع كلتا الساقين معاً للأعلى مع الشهيق، ثم تخفض كليهما للأرض خلال الزفير، ودون أن تلامسا الأرض. يُكرر التمرين لنحو 20 مرة.
ختاماً، يجدر الإشارة إلى أن فقدان الأم للوزن الزائد بعد الولادة ليس أمراً مهماً بالنسبة للأمهات الجدد فحسب، بل للأطفال أيضاً، إذ قد تعرّض الأم طفلها في حملها المستقبلي لخطر الإصابة بمضاعفات طبية مثل سكري الحمل وارتفاع ضغط الدم، ما لم تتخلص من وزنها الزائد.