بعكس الاعتقاد الشائع: الشاشة لا تؤذي الأطفال حقاً.. وقد تحمل فوائد

2 دقائق
الوقت أمام الشاشة
مصدر الصورة: ديبوزيت فوتوز.

توصلت إحدى أكبر الدراسات حتى الآن لاستكشاف كيفية تأثير قضاء الوقت أمام الشاشة، إلى أن الأطفال في سن المدرسة الذين يقضون وقتاً أطول أمام الشاشات هم أكثر عرضةً بشكلٍ طفيف للإصابة باضطرابات الانتباه، أو النوم المضطرب؛ لكنهم ليسوا أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب والقلق، ونُشرت الدراسة في دورية «بلوس ون» العلمية.

قالت كاتي بوليتش​​؛ مؤلفة الدراسة الرئيسية، والحاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس وعلم الأعصاب: "تشير هذه النتائج إلى أننا يجب أن نحذر من الشاشات؛ ولكن من المحتمل ألا يكون وقت الشاشة ضاراً بطبيعته بالنسبة لصغارنا".

بالنسبة للدراسة؛ قام الباحثون في معهد علم الوراثة السلوكية في الولايات المتحدة، بتقييم البيانات من دراسة دماغ المراهقين والتطور المعرفي الجارية، وهي أكبر دراسة طويلة المدى حول صحة الطفل ونمو الدماغ أُجريت في الولايات المتحدة.

قاموا بتحليل المعلومات من عينة وطنية متنوعة من 11800 طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و 10 سنوات؛ بما في ذلك استبيانات حول الوقت الذي يقضوه أمام الشاشة، وتقارير الوالدين عن القضايا والدرجات السلوكية، وتقييمات الصحة العقلية.

في المتوسط​؛ يقضي الأولاد حوالي 45 دقيقة يومياً مع الشاشات أكثر من الفتيات، ويتصدرون ما يقرب من خمس ساعات يومياً في عطلات نهاية الأسبوع وأربع ساعات في أيام الأسبوع.

يستخدم الأولاد والبنات الشاشات بشكلٍ مختلف؛ حيث يقضي الأولاد ضعف الوقت في ألعاب الفيديو، بينما تقضي الفتيات وقتاً أطول في النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، مع أخذ العلم أن البيانات تم جمعها قبل جائحة كورونا؛ أي لم تتضمن وقت الشاشة المرتبط بالواجب المنزلي أو التعلم عبر الإنترنت.

ومثل الدراسات السابقة الأصغر؛ وجد البحث أن الأطفال الذين يقضون وقتاً أطول أمام الشاشات يميلون إلى النوم بشكلٍ أسوأ، ويحصلون على درجاتٍ أقل ويظهرون المزيد من السلوكيات الرعناء -أشياء مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب السلوك واضطراب التحدي المعارض-؛ ولكن بالمقارنة مع العوامل الأخرى التي تشكّل جوهر حياتهم، فقد كان تأثير وقت الشاشة ضئيلاً.

على سبيل المثال؛ كان للوضع الاجتماعي والاقتصادي للطفل تأثيرٌ أكبر بمقدار 2.5 مرة على مثل هذه النتائج السلوكية، فمن بين جميع التأثيرات التي تم تقييمها، شكّل وقت الشاشة حوالي 2% فقط من مسبّبات التباين بين الأطفال في النتائج المقاسة.

وقال جون هيويت؛ كبير المؤلفين، مدير معهد علم الوراثة السلوكية: "أشار عدد من الأوراق البحثية في السنوات الأخيرة إلى أن وقت الشاشة قد يكون ضاراً للأطفال؛ ولكن كانت هناك أيضاً بعض المراجعات التي تشير إلى المبالغة في تقدير هذه الآثار السلبية. باستخدام مجموعة البيانات المكثفة هذه؛ وجدنا أنه نعم، هناك علاقات بين وقت الشاشة والنتائج السلبية؛ لكنها ليست كبيرة وليست رهيبة."

في حين وجدت الدراسة ارتباطاتٍ بين وقت الشاشة وبعض مشاكل الصحة العقلية والسلوكية، يشدد الباحثين على أن هذا لا يعني أنها -الشاشة- تسببت في حدوثها، وفي الواقع؛ قد يكون العكس صحيحاً.

على سبيل المثال؛ الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال يميلون إلى التصرف بعدوانية أو يفتقرون إلى الاهتمام قد يكونون أكثر عرضةً لقضاء الوقت في لعبة فيديو، وقد يلجأ الأطفال الذين لا يستطيعون النوم لأسبابٍ أخرى إلى هواتفهم الذكية لتمضية الوقت.

قال الباحثون ​​إنه يمكن أن يكون نوع الوقت الذي يُقضى أمام الشاشة أكثر أهميةً من مدته. على سبيل المثال؛ وجدت الأبحاث السابقة أن ألعاب الفيديو التي يتم لعبها مع الآخرين يمكن أن تعزز العلاقات؛ خاصةً بالنسبة للأولاد -الذين يميلون إلى لعبها أكثر بطبيعة الحال- في حين أن مشاهدة المسلسلات بنهم يمكن أن يكون له عواقب سلبية.

نظراً لأن الدراسة الجديدة نظرت فقط إلى اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و 10 سنوات، فإن النتائج لا تنطبق بالضرورة على الأطفال الأكبر سناً؛ إذ يعتزم الباحثون متابعة المجموعة بمرور الوقت.

في حين أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال قد وضعت مبادئ توجيهية لوقت الشاشة للأطفال دون سن الخامسة، لاحظ الباحثون أنه لا يوجد حتى الآن عتبة محددة تجريبياً لما هو "المستوى المقبول" لوقت الشاشة.

الصورة غير واضحة حتى الآن، وتعتمد على ماهية الأجهزة، والأنشطة، وما يتم قضاء الوقت عليه، والأهم من ذلك، خصائص كل طفل؛ لكن في الوقت الحالي؛ يُنصح بعدم الإفراط في القلق بشأن قضاء الأطفال بضع ساعاتٍ في اليوم على أجهزتهم.

المحتوى محمي