في 5 أبريل/ نيسان أبلغت منظمة الصحة العالمية عن 10 حالات إصابة بالتهاب الكبد الحاد مجهولة المسبب المرضي بين الأطفال دون سن العاشرة في إسكتلندا. وفي غضون عدة أيام ارتفع العدد إلى 74 حالة طفل مصاب في أرجاء المملكة المتحدة. في الأسابيع التالية استمر ورود تقارير من جميع أنحاء العالم حول حالات إصابة مؤكدة بالتهاب الكبد الحاد المجهول المسبب بين الأطفال، ليصل عددها إلى 560 حالة محتملة من 33 دولة حتى تاريخ 26 مايو/ أيار، بما في ذلك 14 حالة وفاة، استدعى بعضها العناية المركزة والحاجة لزرع كبد. فما هو التهاب الكبد الحاد الجديد الغامض؟
التهاب الكبد الحاد الجديد
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن التهاب الكبد الحاد، بنوعه المعروف سابقاً، هو مرض فيروسي يصيب الكبد، وينجم عن الإصابة بأحد فيروسات التهاب الكبد الخمسة: ( A وB وC وD وE)، أو بسبب تناول الكحول أو بعض العقاقير. يتسبب التهاب الكبد بارتفاع إنزيمات الكبد، وقد يتداخل مع بعض وظائف الأعضاء، مثل تصفية الدم وتنظيم التجلط. ينتقل عبر الاتصال الجنسي ومن الأم إلى جنينها، أو بتناول مواد ملوثة ببراز شخص مصاب.
يُطلق عليه التهاب الكبد الحاد عندما يتطور الالتهاب وتظهر أعراض المرض على المصاب بسرعة كبيرة. عادة ما يمر المرض دون الحاجة لأية علاج، ولكن قد تؤدي بعض الحالات الأكثر تطوراً إلى فشل الكبد أو الوفاة.
أما بالنسبة لالتهاب الكبد الحاد الجديد المنتشر فما زال مجهول المسبب المرضي، إذ لم تكشف التحاليل الطبية عن أي من الفيروسات الخمسة المسببة لالتهاب الكبد. إلا أنه في الدراسة التي نُشرت في دورية "لانسيت لأمراض الجهاز الهضمي والكبد" (The Lancet Gastroenterology and Hepatology) تم العثور على "الفيروس الغدي من النوع 41 إف" (adenovirus 41F) في عينات الدم لـ 72% من الأطفال المصابين، وهو أحد الفيروسات الشائعة التي تصيب الأطفال ومرضى نقص المناعة، وتسبب أعراض الإنفلونزا ونزلات البرد، ولكنه لا يُعرف بمهاجمته للكبد، ولم يتم الإبلاغ سابقاً عن دوره في التسبب بمرض التهاب الكبد الحاد. لذا يبقى الفيروس الغدي إحدى الفرضيات المحتملة حول العامل المرضي المسبب لالتهاب الكبد الحاد الجديد، وتبقى عمليات التحقيق والبحث جارية.
علاقة التهاب الكبد الحاد المجهول المسبب بفيروس كوفيد-19
في التقرير الذي نشره باحثون هنود على موقع (medRxiv) للمطبوعات الإلكترونية غير المنشورة بتاريخ 9 مايو/ أيار، بيّن الباحثون أن فيروس كوفيد-19 قد يكون وراء حالات التهاب الكبد الحاد الجديد.
إلا أنه وفقاً للدراسة السابقة لم يبلغ عن إصابة أي من الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الحاد المجهول المصدر بكوفيد-19، كما أن معظمهم أصغر من أن يتم تطعيمه بلقاح كوفيد-19. ولكن وفقاً للباحثين فإنه يمكن لجزيئات الفيروس التاجي العالقة في الجهاز الهضمي للأطفال أن تحفز الجهاز المناعي للرد على الفيروس الغدي 41 إف بإفراز كميات كبيرة من البروتينات الالتهابية التي قد تلحق الضرر بالكبد.
أعراض الإصابة بالتهاب الكبد الحاد مجهول المسبب
تختلف شدة أعراض التهاب الكبد الحاد مجهول السبب بين الأطفال، إلا أنهم يشتركون جميعاً بالأعراض التالية:
- حُمى.
- إعياء.
- فقدان الشهية.
- غثيان.
- التقيؤ.
- ألم في البطن.
- البول الداكن.
- اللون الفاتح للبراز.
- آلام في المفاصل.
- اليرقان (اصفرار الجلد).
- تلف الكبد في بعض الحالات المتقدمة، ما يستدعي عملية زرع كبد فورية.
يقول أنوباما كالاسكار، أخصائي الأمراض المعدية للأطفال في مستشفى مينيسوتا للأطفال في أميركا: "بعض الأعراض الشائعة التي تم الإبلاغ عنها في الحالات المعروفة هي الإسهال واليرقان في حالة عدم وجود حمى. يعتبر الإسهال من الأعراض الشائعة جداً لدى الأطفال ويرتبط بعدد من الأسباب المعدية، بما في ذلك العديد من أنواع الفيروسات، فضلاً عن الأسباب غير المعدية".
تفشي مرض التهاب الكبد الحاد مجهول المسبب حول العالم
بعد أن أبلغت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة (UKHSA) عن أول خمس حالات إصابة في مارس/ آذار، أبلغت منظمة الصحة العالمية في آخر تقرير لها صدر بتاريخ 27 مايو/ أيار عن 650 حالة إصابة محتملة بالتهاب الكبد الحاد مجهول المسبب بين الأطفال، منذ مارس/ آذار من العام الحالي، ومن 33 دولة حول العالم. لم تتجاوز أعمار أكثر من 74% من الأطفال المصابين الخمس سنوات. ومن بين الحالات المشتبه بها كان يوجد ما لا يقل عن 38 إصابة أي (6٪) ممن احتاجوا إلى عمليات زرع، ونسبة وفيات قُدرت بـ 1%.
سُجلت أكثر من نصف الإصابات في القارة الأوروبية بعدد يصل إلى 374 طفلاً مصاباً من 22 دولة أوروبية، حيث سجلت المملكة المتحدة لوحدها نحو 222 حالة إصابة لأطفال دون الخامسة في إيرلندا. أما الولايات المتحدة الأميركية فقد أبلغت عن 216 حالة إصابة، أي نحو ثلت الإصابات. كما سجلت حالات في جنوب شرق أسيا وغرب المحيط الهادئ ومنطقة شرق حوض البحر المتوسط.
على الرغم من أن أعداد الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الحاد مجهول المسبب ما زالت تحت السيطرة، إلا أن السلطات الصحية في كافة أرجاء العالم في حالة تأهب ومراقبة لتطورات المرض، أملاً في التوصل إلى نمط متشابه ما بين الحالات، لوضع حد لانتشاره.